عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 3  ]
قديم 2005-12-16, 10:21 PM
الابتسام
عضوية شرفية قديرة
الصورة الرمزية الابتسام
رقم العضوية : 115
تاريخ التسجيل : 8 - 8 - 2004
عدد المشاركات : 5,568

غير متواجد
 
افتراضي
التغيرات الجسدية والنفسية التي تتعرض لها المرأة



تتعرض المرأة لتغيرات جسدية كثيرة ومتكررة، وهذا لا يخفى على المرأة ولا على غيرها، ويمكن ملاحظته دون عناء. كما أن الأبحاث العلمية المستفيضة قد أظهرت التأثيرات النفسية التي تتعرض لها المرأة نتيجة مرورها بهذه الأحوال الجسدية. فالمرأة تأتيها الدورة الشهرية، وإذا حملت فإنها تمر في فترات ما قبل الحمل وما بعده وما بعد الولادة، وإذا أسقطت جنينها أو أجهضته تعرض جسدها لكثير من التغيرات. كما يمكن أن تعاني من عدم الخصوبة، أو العقم، والمرور بفترة اليأس وما يترتب على ذلك من تغيرات قبلها وبعدها. وهكذا فالمرأة تمر بفترات وتغيرات جسدية قد تعاني منها كثيرا، وقد يكون لذلك أثره البالغ على نفسيتها، وطريقة تعاملها مع الناس، وكذلك على طريقة تفكيرها.



فقد أكدت كثير من الأبحاث الطبية أن التغيرات الجسدية التي تمر بها المرأة تؤثر على نفسيتها فتعرضها للإصابة بالإحباط وقلة التركيز والكسل وتأثر الذاكرة قصيرة المدى عندها. كما قد تؤثر على سرعة الانفعال عندها، وتصيبها بالقلق والوهن وتغير المزاج والتوتر والشعور بالوحدة والبلادة وثقل الجسم. هذا بالإضافة إلى التغيرات التي تحصل في العوامل المؤثرة في الحركة والعمل والنشاط الذهني كدرجة الحرارة والضغط وزيادة الإفرازات الهرمونية المختلفة.



ماذا نستنتج من كل ذلك؟



* ليس في الآية ولا في الحديث ما يدل على أن قدرات التفكير عند المرأة أقل من قدرات الرجل، ولا أن الرجل يفكر بالنيابة عن المرأة. وهذا عام في باقي نصوص الكتاب والسنة، بدليل الخطاب الإيماني العام لكل من الرجل والمرأة، مما يؤكد على الوحدة الإنسانية في العقل والغرائز والحاجات العضوية عند كل منهما. هذا بالإضافة إلى العديد من النصوص التي تدلل على قدرة المرأة على التفكير والتصرف في أحلك المواقف، وهذا كثير في كل من الكتاب والسنة. وأما النصوص التي تجعل للرجل قوامة وميزات أخرى، فهي أحكام شرعية تتناسب مع طبيعة المجتمع الإسلامي، وليس لها علاقة بالقدرات العقلية.


* يشير الحديث إلى أن النساء ناقصات عقل، لكنه يعلل ذلك بكون شهادة امرأتين تعدل شهادة رجل واحد. وفي هذا إحالة إلى آية الدّيْن، والتي تعلل الحاجة إلى امرأتين بالضلال والتذكير. والضلال هو العدول عن الطريق المستقيم، ومنه النسيان، وقد يؤدي إليه. والتذكير فيه لفت الانتباه، ويتأثر بالحالة النفسية، وقد تحجبه كليا عن رؤية الحق والواقع. فالذي لا يرى إلا جانباً معيناً من الواقع ولا يرى غيره يكون تفكيره ناقصا سواء كان رجلاً أو امرأة.


* الكلام في كل من الآية والحديث هو عن أحكام إسلامية في مجتمع مسلم، والمرأة بحكم طبيعتها وعيشها في المجتمع الإسلامي خاصة تكون خبرتها أقل من الرجال إجمالاً، أي من حيث المعلومات وتعلقها بالواقع المعين، لا سيما في المجالات التي يقل تواجدها فيها. لذلك كان لا بد من الاستيثاق في الشهادة ليرتاح صاحب المعاملة المالية من حيث ضمان حقه.


* إذا ما أخذنا في الحسبان كل هذه الحقائق والوقائع، ثم قابلنا بينها وبين واقع العقل والتفكير، وواقع الآية والحديث، فإننا نخلص إلى أن نقص العقل ليس هو في قدرات التفكير ولا في تركيبة الدماغ، وإنما في العوامل المؤثرة في التفكير والعقل. وهو ينحصر على وجه التحديد في الخبرة، ومنها المعلومات، وفي موانع التفكير؛ فان كون المرأة المسلمة بعيدة عن واقع المجتمع والمعاملات المالية بالذات، فلا بد أن خبرتها أقل من الرجال المنخرطين في هذه المعاملات. كما أن المرأة تمر بتغيرات جسمانية تؤثر على حالتها النفسية، هذا بالإضافة إلى عاطفتها الزائدة التي يمكن أن تجعلها تنحاز في تفكيرها وفي قراراتها، كما لو كان المعني بالأمر ابنها مثلا فلا بد أنها ستميل إليه.



* إذن فالحديث عن أن المرأة ناقصة عقل جاء بالإشارة إلى آية الدين، ولا يعني أن الرجل لا يمكن أن يوصف بمثل هذا الوصف. بل هناك آيات قرآنية تنفي العقل عن كبراء القوم وعظمائهم من الكفار والمنافقين وأهل الكتاب. وهذا يعني أن الأمر طبيعي، وليس فيه أن قدرات المرأة على التفكير أقل من قدرات الرجل، ولا أنها ناقصة عقل بالمفهوم الشائع. فليس في نصوص الكتاب والسنة ما يشين المرأة من هذه الناحية ولا ما يحط من قدرها أبدا.




بقلم الكاتب/عزيز محمد أبو خلف
باحث إسلامي – جامعة الملك سعود


توقيع الابتسام
فأرقت موضع مرقدي يوما ففارقني السكون ....

القبر أول ليلة بالله قلي ما يكون ...