الموضوع: الإدارة بالحب
عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 2  ]
قديم 2010-06-12, 6:46 PM
يمامة الوادي
عضو متميز بالمنتدى
الصورة الرمزية يمامة الوادي
رقم العضوية : 7644
تاريخ التسجيل : 19 - 6 - 2005
عدد المشاركات : 43,494

غير متواجد
 
افتراضي

معادلة مهمة :
رضا مع المزيد والمزيد من الرضا سيؤدي إلى الحماس ثم الولاء الوظيفي (ويعني شدة الحب مع تعصب أحيانا للمحبوب) وذلك يؤدي إلى التعاون والذي يؤدي بدوره إلى التضحية والتفاني من اجل المؤسسة
فإذا بلغ العامل هذه المرحلة حينها يصير العمل بالنسبة له متعة وراحة وتسلية،وأولوية لا يفضل عليها شيء، ويقدمها على كل أحد ، فيؤدي عمله كمهمة ورسالة، وليس مجرد وظيفة، وحينها ينسى وقته ويضحي بجزء من ماله ووقته من اجل المؤسسة التي رضي عنها وتولاها.
لعلكم اقتنعتم معي بأهمية الرضا الوظيفي في العملية الإدارية وانه أصل وأساس انجاز الأعمال ومنشأ الرهان على الجودة والتكلفة المنخفضة والسرعة والإنتاجية العالية.
هل تعلمون أن الرضا هو ثمرة من ثمرات الحب
إن الحب الحقيقي هو وحده الذي يحقق ذلك الرضا
ليس الحب المزيف ولا الأنظمة الجامدة والهياكل الجوفاء، ولا الإجراءات الإدارية ولا لوائح العقوبات الصارمة، هي التي تصنع ذلك الرضا
إن الرضا إحساس (حساس) ، يصنعه الشعور العميق بالمحبة والحرص على مصلحة العامل الذي يفني عمره وشبابه في هذه المؤسسة
إن الرضا ثمرة من ثمرات تقدير الذات للعامل وإشعاره بأهميته وإنسانيته، وانه صاحب قيمة ووزن لدى المتنفذين في مؤسسته
إن الرضا ثمرة من ثمرات الشعور بالعدل التام البعيد عن الميل إلى المجاملة والمحسوبية
كل هذه المعاني تولد صورا عديدة من صور محبة العاملين وإرادة سعادتهم ومصلحتهم، فإذا تيقنوا من ذلك حينها يتحقق رضاهم ، وحينئذ ينجح المدير وتنجح المؤسسة في إدارة إفرادها لتحقيق أهداف المؤسسة
ثالثا: لولا محبة الله ما طابت الحياة ولا استرخص المؤمن كل نفيس في سبيل الله:
محبة الله تعالى من اجل المعاني في هذه الحياة، فلولاها ما تعبد المتعبدون ولا زهد في الدنيا الزاهدون ولا جاهد المجاهدون وسفكوا دمائهم وتركوا ديارهم وأوطانهم ورضوا باليسير من الحياة الذي يسد رمق العيش
إن محبة الله أمل الآملين وسعادة المؤمنين وقرة عيون الموحدين ،إنهم يسعون ليوم ينظرون فيه إلى وجه خالقهم العظيم، وان يسمعوا ندائه الكريم ، يا عبادي بقي عندي لكم موعدا أريد أن أنجزكموه ، وهو أن احل عليكم رضواني فلا اسخط عنكم أبدا.
إنها لحظة الولادة الحقيقية للمؤمنين ، لقد ضحوا بالكثير من اجلها، فمنهم من فارق الأهل والعشيرة ومنم من ترك المال والعيال، ومنهم من قتل ومنهم من شرد، وكل ذلك هين من اجل محبة الله ورضوان الله الحكيم الحميد
السؤال ، ما علاقة هذا الأمر الشرعي الديني بالموضوع المطروح
إن العلاقة تأتي من صدق المحبة بين العبد وربه، فكلما تغلغل هذا الحب وبلغ مداه وغايته، في قلب العبد لمولاه، استسهل في سبيله كل المشاق وتضاءل معه كل كبير، وهان معه كل عسير، لم يبق إلا شيء واحد يملأ حياته ووجدانه هو حب الله والرضا عنه وقبول أعماله.
لذلك فهو في اشد الخوف ألا يتقبل الله منه، فتجده يضحي أكثر ويعمل اكبر ويخلص اشد، أملا أن يتقبل الله منه
أما إذا أساء فلا تسل عن بليته ومصيبته ولا تفتش عن حرقته وعظيم حزنه وألمه، انه خائف أن يطرده مولاه ويسخط عليه ولا يبالي به ،ولا يقبل توبته
أما إذا أعطاه شيئا من أمور الدنيا ومناصبها فتراه يتقلب بين الشكر الجزيل والدعاء العريض، بان يرزقه شكرها وان لا (يخصمها) عليه من النعيم المقيم في الجنة دار الخلود
هكذا يفعل الحب بالعباد العاملين ، وتلك طريقة الزهاد الراكعين الساجدين ، لأنهم علموا سر التعامل مع العليم الخبير، وعلموا حبه لهم ومنته عليهم ورزقه غير المنقطع عنهم، فهو يكلؤهم بنعمه وفضله، لا يصعد منهم نفس إلا بأذنه ولا يعود إلا بفضله، ولا تطرف عين إلا بإرادته
إنهم مهما بذلوا من عمل صالح لن يستطيعوا أن يوفوا ربهم حقه من الشكر والعبادة
فعوضوا ذلك، بحبه وحب كل من يحبه، وبذلوا ما يستطيعون من العمل الخالص (جدا ) لعله ينميه ويتقبله بفضله وكرمه
إذن :
هل يصلح أن يكون الحب الذي استعرضنا بعضه، منهجا للإداريين والقادة أن يقودوا بذالك عمالهم وموظفيهم
تأملوا هذا ستجدون الجواب ظاهر كالشمس في رابعة النهار
انه منهج وطريقة تصلح لان تنجز فيها الأعمال بكفاءة عالية وتكلفة اقل ووقت أسرع، والذي سبق أن اتفقنا معكم أنها هي تعريف الإدارة
رابعا : الحب أعظم منهج مارسه النبي (صلى الله عليه وسلم) مع أصحابه وإتباعه:
كل المؤمنين يعرفون أن الله وصف نبيه في كتابه الكريم بصفتين من صفاته، وهما صفتي الرأفة والرحمة، قال تعالى : ( لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم )
وأدبه ربه بآداب مهمة هي الوسيلة المثلى في قيادة البشر ، وهي قوله تعالى : ( فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فضا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر)
وكل مؤمن يعلم شدة محبة النبي (صلى الله عليه وسلم ) لأصحابه ، وشدة حرصه على هدايتهم طمعا منه في أن يرضى الله عنهم فيدخلهم الجنة
الأعجب انه (صلى الله عليه وسلم ) حريص ومحب حتى للمشركين وحتى على أهل الكتاب ، كما ثبت في سيرته العطرة من علاقته وحرصه على هداية عمه أبي طالب ، وشدة فرحه حينما اسلم ذلك الشاب اليهودي قبل موته، فخرج من عنده فرحا مسرورا وهو يقول : ( الحمد لله الذي أنقذه بي من النار)
الهي:
ألهذا الحد، يصنع الحب بأصحابه؟
ألهذا لحد، يكون الحب بدون حدود إلا حد واحد ، أن يبذل للجميع يما يحقق مصلحتهم وسعادتهم وبما يحقق رضا مولاهم وخالقهم عنهم.
كيف كانت الثمرة من ممارسة منهج الحب في حياة النبي (صلى الله غليه وسلم ):
هل كان لدى النبي (صلى الله عليه وسلم ) لوائح ونظم اخضع الناس بها من اجل طاعته؟
أم كان لديه حرسا خاصا وأعوان أقوياء يأطرون الناس على تلبية أوامره ونواهيه؟
كلا ، لم يوجد هناك إلا أمران اثنان :
الأول : قيم حميدة سامية حملها القرآن الكريم فتشربها قلب النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) ،حتى فاضت على لسانه وجوارحه.
والثاني: قلب مملوء بحب الخير (كل الخير) حتى للمخالفين ، حب حقيقي بلا تصنع ولا مجاملة ولا تزلف، وإنما منهج حياة يمارس على ارض الواقع، ويبذل للجميع بلا حدود إلا ما يغضب الله تعالى.
الثمرة :
أحبه الأعداء قبل الأصدقاء، كل من سمع به ورآه يحبه حبا عظيما ، كلام آسر، قلب بالحب نابض ، وجه مشرق محب دائم التبسم، رحيم ، ودود.
إلى درجة انه لم يقل لخادمه طيلة عشر سنوات عن شيء فعله لم فعلته وعن شيء لم يفعله، لم لم تفعله
هذا شأنه مع خادمه (انس) فما الظن بأدبه مع سائر الناس.
لقد جرب احد الصحابة حظه مع النبي (صلى الله عليه وسلم ) حينما لاحظ انه كان يحبه حبا عظيما ، حتى ظن انه لا يحب أحدا من الصحابة أكثر منه ، فتجرأ ذات يوم فسأله، من أحب الناس إليك يا رسول الله ، فقال بتلقائية عجيبة ، وبصدق وثقة ، تنم عن شخصية فذة ، قال : ( عائشة ) ، قال: ومن الرجال ، كان ينتظر أن يجد جوابا يؤكد له الخواطر التي تجوب في جوفه، لكنه فوجئ بجواب أكثر صراحة وبساطة : (أبو بكر) قال ثم من قال (فلان ) غيره، فتوقف عن السؤال معلقا (خشيت أن لا يذكر اسمي أبدا ) طبعا لكثرة من يحبهم النبي بصدق، أكثر من هذا الصحابي ، وهو يشعر انه أحب الناس إليه.
هذا الصحابي هو عمرو بن العاص (رضي الله عنه)
لقد اكتشف أن أحباب النبي غيره كثير جدا، لكنه اكتشف أيضا انه يحب الجميع حبا كبيرا حتى يظن الظان انه ما يحب أحدا سواه
انه منهج حياة
لذلك كان إذا أمرهم أطاعوه وإذا نهاهم عن شيء اجتنبوه
لقد بلغهم أمرا ربانيا بكلمات يسيرات ، كان هذا المر يتعلق بخصلة متأصلة في حياة الناس في ذلك الزمان ، إنها خصلة وآفة شرب الخمر
قال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (91) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ) المائدة 91
قال الإمام ابن كثير في تفسيره:
قال الإمام أحمد: حدثنا يحيي بن سعيد، عن حميد، عن أنس قال: كنت أسقي أبا عبيدة بن الجراح، وأبي بن كَعْب، وسُهَيْل بن بيضاء، ونفرًا من أصحابه عند أبي طلحة وأنا أسقيهم، حتى كاد الشراب يأخذ منهم، فأتى آت من المسلمين فقال: أما شعرتم أن الخمر قد حرمت؟ فما قالوا: حتى ننظر ونسأل، فقالوا: يا أنس اكف ما بقي في إنائك، فو الله ما عادوا فيها، وما هي إلا التمر والبسر، وهي خمرهم يومئذ.أخرجاه في الصحيحين -من غير وجه- عن أنس
وفي رواية حماد بن زيد، عن ثابت، عن أنس قال: كنتُ ساقي القوم يوم حُرّمت الخمر في بيت أبي طلحة، وما شرابهم إلا الفَضيخ البسرُ والتمرُ، فإذا مناد ينادي، قال: اخرج فانظر. فإذا مناد ينادي: ألا إن الخمر قد حُرّمت، فَجرت في سِكَكِ المدينة، قال: فقال لي أبو طلحة: اخرج فَأهْرقها. فهرقتها،
وقال أيضا :
وقال ابن جرير: حدثنا محمد بن بَشَّار، حدثني عبد الكبير بن عبد المجيد حدثنا عباد بن راشد، عن قتادة، عن أنس بن مالك قال: بينما أنا أدير الكأس على أبي طلحة، وأبي عبيدة بن الجراح، ومعاذ بن جبل، وسهيل بن بيضاء، وأبي دُجَانة، حتى مالت رؤوسهم من خَليط بُسْر وتمر. فسمعت مناديًا ينادي: ألا إن الخمر قد حُرّمت! قال: فما دخل علينا داخل ولا خرج منا خارج، حتى أهرقنا الشراب، وكسرنا القلال، وتوضأ بعضنا واغتسل بعضنا، وأصبنا من طيب أمّ سليم، ثم خرجنا إلى المسجد، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأنْصَابُ وَالأزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } إلى قوله: { فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ }
وما قصة تحول الكعبة عنكم ببعيد :
قال ابن كثير في تفسيره :
حدثنا زهير، عن أبي إسحاق، عن البراء أن النبي صلى الله عليه وسلم صلَّى قبلَ بيت المقدس ستة عشر شهرًا أو سبعة عشر شهرًا، وكان يعجبه قبلته قبل البيت وأنه صَلّى صلاة العصر، وصلى معه قوم، فخرج رجل ممن كان يصلي معه، فمر على أهل المسجد وهم راكعون، فقال: أشهد بالله لقد صَلّيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل مكَّة، فداروا كما هم قبل البيت
انظر العجب لم يتوقفوا حتى يتأكدوا من الخبر ولم يتوقفوا حتى تتم صلاتهم ، لقد داروا وهم في الصلاة جميعا الإمام والمأموم ، فريق واحد (إن صح التعبير)
أي شيء هذا إنها الطاعة العظيمة لله ولرسوله ، انه الإخبات والإذعان ،
ترى كيف تولدت هذه المعاني،
لقد تولدت نتيجة لتربية النبي الخاتم، التي كان أبرز صفاته، الحب العظيم والحرص على مصلحة الناس ، حتى عرف هذا عنه وعلم صدقه في ذلك،حينها انقادت له الناس ودخلوا في دين الله أفواجا.
خاتمة:
أيها المدراء أيها المربون أيها الآباء أيتها الأمهات أيها الزعماء والقادة والوزراء والأمراء،
هذا هو شأن الحب، وهذا شانه العظيم في كيف يجعل الناس ينفذون كل ما تريدون بمحبة وطواعية بل بشغف ورضا
نحن لا نمانع من استخدام الأنظمة واللوائح، لا ضير في ذلك بل إنها من ضرورات العمل المؤسسي
ولا نمانع من استخدام الآلات والتقنيات الحديثة، بل هي بدهية من بديهيات المؤسسة العصرية
إن كل هذه تساهم في انجاز الأعمال بوتيرة عالية
لكنها لا تمنح الحب والوفاء واحترام المشاعر والنفوس
إن الذي يمنح كل ذلك هو انتم
أنت أيها الإنسان بما حباك الله من قدرة لا توجد لدى الأجهزة والمعدات والأنظمة والقوانين
إنها بيدك أنت وستكون رهن إشارتك وطوع بنانك
لكنها فقط ستنفعك متى ما قررت أن تمارس الحب في طريقة إدارتك للناس
حينها سيتحقق لك من انقياد الناس لك فوق ماكنت تتصور وتريد.
جربوا هذه الوصفة العجيبة، تنجحوا بإذن الله تعالى.
ودمتم سالمين ///

محمد ناجي عطية


توقيع يمامة الوادي




هل جربت يوماً اصطياد فكرة رائعة !؟
لـتـصوغـهـا فـي داخـلـك
وتـشحـنهـا بنبض قـلـبـك
وتعـطرهـا بطيب بروحك
وتسقـيـهـا بمـاء عـرقـك
حتى تنضج وتصنع منك إنساناً مبدعاً ؟