الفراغ العاطفي عن تلك الفتاة
ما أن تبلغ الفتاة سن التكليف حتى تبدأ بتكوين علاقاتها الجادة، وفي ذلك الحين تأسرها الكلمة... النظرة.. التعامل... وما أسرع ما تعلق بشباك المحبة لمعلمة.. أو صديقة.. أو مدعي محبة .. سيما إذا كانت أختنا قليلة خبرة ، ولا تستشير.
ما أبعد هذه المحبة؟ وما مغبة شبكتها ؟ وهل طريقها آمن ؟
أسئلة محيرة مرعبة لا تطرأ عليها ولا تلوح لها بجهلها ولانشغالها بما في نفسها من غيرة جامحة تحتاج الاشباع في هذه المرحلة الخطرة ، فما أحوجها لأن تبتهج بإجابة شافية لهذه الأسئلة وما قد يحده تصرفها من عواقب وخيمة لاسمح الله عند وقوعها.
وقد تكون أختنا رهينة الظروف المفرطة .. في القسوة أحياناً ، والمفرطة في التسيب والانشغال العائلي أحياناً أخرى.
ثم تذهب في حلم اليقظة الذي قد يستمر أشهراً .. فإذا أفاقت وجدت نفسها في ضياع وهلاك ، قد ينفعها الندم وقد لا ينفعها..
وقد تقول أختنا حينما تفيق من هول الفاجعة : ما دوركم أيها المربون ؟ أين أنتم أيها الآباء....المعلمات .. المرشدات ... الداعيات؟
هل يمكن أن تقدمو لنا حلاً لهذه المشكلة مع العاطفة ، لهذه المهلكة التي أوردتنا الموارد وضيعتنا في دروب المتاهات؟
سؤال عظيم وكبير في مضمونه يحتاج إلى جواب وأي جواب .. فهلا تسمح لي بنيتي الحبيبة ، لأن أضع أمامها الجواب الشافي ـ بإذنه تعالى وبتوفيق منه ـ ولأن أحق ما ترمي إليه نفسها المتعطشة المتلهفة وهنا أقول:
أولاً: الحنان الأسري والإشباع العاطفي حين الطفولة من حق أولادنا ، وإذا راهـقـوا فهم أشد حاجة إلية ، ويجب إيصاله لهم بطرق مختلفة.
ثانياً: فتح باب الحوار مع الشباب ، والإجابة على أسئلتهم بكل شمول على أن يكون ذلك بهدوء وتعقل واحتوائهم بكل ماتعنيه هذه الكلمات ، وقدوتنا في هذا معلمنا العظيم رسول الله صلى الله عليه وسلم في حواره مع الشباب الذي قال له :" أتحبه لأمك ؟ قال:لا ، قال: أتحبه لأختك ؟ قال :لا، وأخذ صلى الله علية وسلم يسأله .. وهو يقول كذلك الناس لا يحبونه".
ثالثاً: احترام مشاعر الأولاد وتقدير كل مرحلة عمرية يمرون بها وإعطاءها حقها من جميع النواحي قدر الإمكان ، الناحية العقلية والاجتماعية والنفسية ومحاولة سد حاجتهم فيها ..
رابعاً: التقرب إليهم ، والتودد لهم ، وملاطفتهم.
خامساً : احترام علاقاتهم ، واختيار الصحبة لهم منذ الصغر بإحسان انتقاء الحي والمدرسة .
سادساً: الابتعاد كل الابتعاد عن الاستخفاف والاستهزاء والتحقير ..
سابعاً: الثناء عليهم أمام الآخرين لما في ذلك من رفع لمعنوياتهم والإحساس بقيمتهم.
ثامناً: تكليفهم بأعمال محببة لهم ، وإشعارهم بنجاحهم فيها ومكافأتهم عليها لأن في ذلك إعطاءهم الثقة في أنفسهم .
تاسعاً: محاولة جذبهم واتخاذهم أصدقاء ، ومصارحته ، والاستماع لحديثهم والإنصات له وتوجيههم دون إشعارهم باللوم والتأنيب وعدم إفشاء أسرارهم بعد المصارحة.
عاشراً: أخذ استشارته بإحدى الأمور بقصد إعطائه الفرصة للشهور بنموه العقلي والعاطفي.
أحد عشر: مشاورة الفتاة في سن الزواج إذا تقدم لها أحد الخاطبين ، لأن ذلك مما أمر به ديننا الحنيف .
اثنا عشر : إشغال وقتها بما تحبه وترغب فيه من الأعمال ، وإعانتها ومساعدتها بطريقة تحببها فيها لتكون ربة بيت ناجحة ، وإشعارها بأن سيكون لها مملكتها الخاصة بها قريباً بإذن الله تعالى .
ثالث عشر : الإكثار من الدعاء لهم دائماً بحضورهم وفي غيابهم.
رابع عشر: عدم كتمان المشاعر الأبوية عنهم ، لما في ذلك من سعادة لهم ورفع لمعنوياتهم.
خامس عشر: العطف عليهم دائماً وخاصة عند المرض.
سادس عشر: إبعادهم بقدر الاستطاعة عن المثيرات الجنسية والعاطفية ، لأنها لا تلبث أن تدفع إلى الرغبة في أي صورة كانت.
سابع عشر: إعطاؤهم الهدايا التي تناسبهم في مراحلهم العمرية ، وما يتناسب مع ميولهم واتجاهاتهم .
ثامن عشر: حثهم على استغلال أوقاتهم وخاصة في الإجازة ، دون التصريح لذلك وإنما باختيار الوسائل المناسبة ، بإهدائه بعض ما يقرأ ويسمع على أن يشتمل على تشويق لجذبه.
هذه نصائح للمربين من أمهات ومعلمات ومرشدات عسى أن تعود عليهن بالنفع والفائدة.
د/ رقية المحارب