منتديات موقع بشارة خير - عرض مشاركة واحدة - تأمل هذه النخلة التي هي احدى آيات الله
عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 2  ]
قديم 2005-11-26, 12:51 AM
fmfmfm
عضو نشط
رقم العضوية : 7897
تاريخ التسجيل : 28 - 6 - 2005
عدد المشاركات : 303

غير متواجد
 
افتراضي
وقال في أثناء كلامه ويكفي في تفضيله انا نشتري بنواه العنب فكيف يفضل عليه ثمر يكون نواه ثمنا له وقال آخر من الجماعة قد فصل النبي النزاع في هذه المسئلة وشفى فيها بنهيه عن تسمية شجر العنب كرما وقال الكرم قلب المؤمن فاي دليل ابين من هذا واخذوا يبالغون في تقرير ذلك فقلت للأول ما ذكرته من كون نوى التمر ثمنا للعنب فليس بدليل فإن هذا له اسباب احدها حاجتكم الى النوى للعلف فيرغب صاحب العنب فيه لعلف ناضحه وحمولته الثاني ان نوى العنب لا فائدة فيه ولا يجتمع الثالث ان الاعناب عندكم قليلة جدا والتمر اكثر شيء عندكم فيكثر نواه فيشترى به الشيء اليسير من العنب وأما في بلاد فيها سلطان العنب فلا يشترى بالنوى منه شيء ولا قيمة لنوى التمر فيها وقلت لمن احتج بالحديث هذا الحديث من حجج فضل العنب لانهم كانوا يسمونه شجرة الكرم لكثرة منافعه وخيره فإنه يؤكل رطبا ويابسا وحلوا وحامضا وتجنى منه أنواع الاشربة والحلوى والدبس وغير ذلك فسموه كرما لكثرة خيره فأخبرهم النبي ان قلب المؤمن احق منه بهذه التسمية لكثرة ما اودع الله فيه من الخير والبركة والرحمة واللين والعدل والاحسان والنصح وسائر انواع البر والخير التي وضعها الله في قلب المؤمن فهو احق بأن يسمى كرما من شجر العنب ولم يرد النبي ابطال ما في شجر العنب من المنافع والفوائد وان تمسيته كرما كذب وانها لفظة لا معنى تحتها كتسمية الجاهل عالما والفاجر برا والبخيل سخيا الا ترى انه لم ينف فوائد شجر العنب وإنما اخبر عنه ان قلب المؤمن اغزر فوائد واعظم منافع منها هذا الكلام او قريب منه جرى في ذلك المجلس وأنت إذا تدبرت قول النبي الكرم قلب المؤمن وجدته مطابقا لقوله في النخلة مثلها مثل المسلم فشبه النخلة بالمسلم في حديث ابن عمر وشبه المسلم بالكرم في الحديث الاخر ونهاهم ان يخصوا شجر العنب باسم الكرم دون قلب المؤمن وقد قال بعض الناس في هذا معنى آخر وهو انه نهاهم عن تسمية شجر العنب كرما لانه يقتنى منه ام الخبائث فيكره ان يسمى باسم يرغب النفوس فيها ويحضهم عليها من باب سد الذرائع في الالفاظ وهذا لا بأس به لولا ان قوله فإن الكرم قلب المؤمن كالتعليل لهذا النهي والاشارة الى انه اولى بهذه التسمية من شجر العنب ورسول الله اعلم بما اراد من كلامه فالذي قصده هو الحق وبالجملة فالله سبحانه عدد على عباده من نعمه عليهم ثمرات النخيل والاعناب فساقها فيما عدده عليهم من نعمه والمعنى الاول اظهر من المعنى الاخر إن شاء الله فإن أم الخبائث تتخذ من كل ثمر كالنخيل كما قال تعالى : ( ومن ثمرات النخيل والاعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا ) وقال انس نزل تحريم الخمر وما بالمدينة من شراب الاعناب شيء وإنما كان شراب القوم الفضيخ المتخذ من التمر .
كتاب مفتاح دار السعادة، الجزء 1، صفحة 231.