هكذا هو الإنسان ..!
- - - - - - - - -
لا ينبغي أن ننسى ونحن نتعامل مع هذا الإنسان ، أنه مجموع من شيئين :
قبضة طين ، أصلها من الأرض ، ونفخة روح ..
لا تنفك هذه عن هذه ألبته ، طالما ترددت أنفاسه في صدره ..
فلا ينبغي أن ننظر إلى نصف الكأس ، ثم نصدر أحكامنا ..
قبضة الطين ، توحي أننا أمام كائنٍ مشدود إلى وحل الأرض ..!
منها خلق ، وإليها يعود ، ومنها سيخرج تارة أخرى ..
فشيء طبيعي للغاية ، أن ينضح الكأس بما فيه ..!
فمعطيات هذه القبضة من الطين ، تكون سالبة إذا تجردت ،
وينضح منها صفات غير مشجعة ، وسلوكيات غير مرضية ..
ولكن هذه القبضة نفسها ، إذا غلبتها نفحة السماء ، وهب عليها
نسيم مصدرها الأول ، تصبح شيئا آخر ، يتيسر عليها الاستعلاء ،
وتسهل عليها الإقبال على الطاعات ، بل إنها تلتذ بها ..!
العقيدة الصحيحة تحرك هذه النفخة ، وتشعل هذه الجذوة ،
والعبادة الصحيحة والإكثار منها تصقل هذه النفس صقلاً عجيبا ، حتى تتلألأ بالنور ..!
فشيء طبيعي أن تكون الأخلاق الفاضلة ، والسلوكيات الراقية ثمرة طبيعية لهذه العقيدة ، وتلك العبادة ..
فإن المقدمات النورانية ، توصل إلى نتائج من نور ..!
وعلى قدر قوة هذه العقيدة ، وتجذرها في القلب ، وقوة حرارة الإقبال على العبادة
تكون هذه الأخلاق في المقام الأرقى ،
ولا تنتكس أخلاق إنسان إلا بسبب ضعف الإيمان في قلبه ، وضعف قوة الإقبال على العبادة كذلك ..
العقيدة الصحيحة بمثابة الأكسجين لهذا القلب ، لا يمكن الاستغناء عنه بحال ،
والعبادة الصحيحة بمثابة الغذاء الضروري لهذا القلب ،
وهل يمكن أن يعيش إنسان بلا غذاء ، ثم ينتظر أن يكون قوياً صحيحاً نشطا .؟!
ومما يزيد عجبك ، أنك لو تأملت سورة الفاتحة _ على قصرها _
وأحسنت التدبر لها ، لانكشف لك أنها ترسم لك هذا الطرق بعينه ..!!
ومن هنا _ والله أعلم _
كانت حكمة تكرارها مراراً في كل يوم وليلة ، مع كل صلاة ..!
بل نحن على يقين أن هناك حكماً أخرى كثيرة وجليلة غير هذه ، فتأمل ..
ابو عبد الرحمن