مقاله اعجبتني كثيراً حيث انني اقتنيت هذا الكتاب وكان فعلاً وجهة مناسبه ان نقراها لنتعلم من غيرنا ماهي وجهات نظرهم وعلى ماذا استدل عليها
وهذه مقتطفات من الكتاب كتبها الدكتور ساجد العبدلي
د.ساجد العبدلي
نو,, بو,, آ,, كي,, نو,, تو,, ها,, را! صعب؟ ربما قليلا,,, لكن الأصعب منه ما قاله صاحب هذا الاسم!
نوبوآكي نوتوهارا، مستغرب ياباني, والمستغرب لما لا يعرفه هو عكس المستشرق, المستشرق يذهب الى الشرق والمستغرب يذهب غربا!
ولد نوتوهارا في العام 1940م وفي العام 1974م وطئت قدمه للمرة الأولى البلاد العربية (القاهرة بالتحديد)، ليقضي بعدها أربعين عاما متنقلا بين ريف مصر وبادية الشام وبلدان المغرب ومدن اليمن وغيرها، فيقابل خلالها أصنافا عديدة من العرب من مختلف الطبقات الاجتماعية والفكرية والثقافية.
بعد هذه التجربة غير البسيطة، وهذا العمر الطويل الذي قضاه هذا الياباني في عالم مختلف تماما عن بيئته وثقافته، لا لشيء وإنما لأجل العلم والعلم وحده، خرج بالعديد من الترجمات لكتب عربية وروايات عربية مهمة أثرت المكتبة اليابانية وأدخلت عليها ما لم يكن ليدخلها على يد العرب في أغلب الظن!
وبالإضافة الى ذلك الرصيد الضخم من الترجمات، كتب نوتوهارا الذي يتحدث العربية بطلاقة، كتابه (العرب,,, وجهة نظر يابانية) والذي صدر خلال العام 2003م عن منشورات الجمل، فأثار ضجة لافتة في الأوساط الثقافية العربية واحتل مواقع الصدارة في قائمة الكتب الأعلى مبيعا!
في هذا الكتاب المدهش، اختزل نوتوهارا تجربة السنوات الأربعين في فقرات وأفكار مركزة متلاحقة، مسلطا الضوء على استنتاجاته لأسباب تأخر العرب كشعوب عن ركب الحضارات، وعلى تحليله لكيفية الخروج من هذه الأزمة التي افترست كل الإرث العربي التاريخي (المجيد) والذي لا نزال نتغنى به في أعيادنا القومية، وكذلك عند منعطفات الانكسارات والخيبات السياسية المتقاطرة في العقود الأخيرة!
لو كان بيدي، لنقلت لكم كامل نص الكتاب، لكنني سأكتفي بالوقوف عند بعض الفقرات، وكل الكتاب في الواقع يستحق ذلك!
يقول نوتوهارا (أعتقد أن القمع هو داء عضال في المجتمع العربي، ولذلك فان أي كاتب أو باحث يتحدث عن المجتمع العربي دون وعي هذه الحقيقة البسيطة الواضحة فإنني لا أعتبر حديثه مفيدا أو جديا,,, القمع، بكافة أشكاله مترسخ في المجتمعات العربية)! ويصفع نوتوهارا بعد ذلك القارئ بفكرة مثيرة للجدل حين يقول ان (المجتمع العربي مشغول بفكرة النمط الواحد، على غرار الحاكم الواحد، والقيمة الواحدة، والدين الواحد، وهكذا,,,)! ويعاجل بعدها بسطور بجملة مثيرة أخرى حين يقول أن (في هذه المجتمعات يحاول الفرد أن يميز نفسه بالنسبة، كالكنية أو العشيرة أو بالثروة أو بالمنصب أو بالشهادة العالية, في مجتمع تغيب عنه العدالة ويسود القمع وتذوب استقلالية الفرد وقيمته كإنسان، ويغيب أيضا الوعي بالمسؤولية)!
وبعدها بفقرات تأتي جملة زلزالية بثمانية درجات ونصف على مقياس ريختر، حين يقول بأن (السجناء السياسيون في البلدان العربية ضحوا من أجل الشعب، ولكن الشعب نفسه يضحي بأولئك الأفراد الشجعان، فلم نسمع عن مظاهرة أو إضراب أو احتجاج عام في أي بلد عربي من أجل قضية السجناء السياسيين, إن الناس في الوطن العربي يتصرفون مع قضية السجين السياسي على أنها قضية فردية وعلى أسرة السجين وحدها أن تواجه أعباءها! إن ذلك من أخطر مظاهر عدم الشعور بالمسؤولية)!
مجددا أقول، إن في هذا الكتاب الكثير مما يستحق النقل، وفيه الكثير مما يثير الجدل طبعا، وفيه كذلك ما قد لا يقبله البعض، لكن (العرب,,, وجهة نظر يابانية) كتاب يغرس أصابعه وبعمق في الجرح العربي المزمن مهما اختلفنا مع بعض ما فيه.
حين فرغت من هذا الكتاب الذي جعل عقلي يدور على محوره لأيام، آلمني كثيرا أن يصل هذا الياباني إلى هذه الحقائق عن واقعنا العربي، بينما تعيش الملايين العربية عواما ونخبا من المحيط الهادر إلى الخليج الثائر في غياب وجهل تام وصمت مطبق عنها إلى يومنا هذا!