رجل . . . فوق الجبل !
يُحكى أن رجلا طلق زوجته وأرسلها إلى أهلها في بلدة بعيدة ، وكان له ولد ، لم يستطع تربيته وخاف أن يلومه الناس ، فقرر أن يقضي باقي أيام حياته في الغابات المحاذية لقريته الصغيرة ،،
تاركا ولده لوحده يُقاسي ويُعاني ،،
وبعد سنوات ،
كان يجلس تحت ظل شجرة ، يستظل بظلهـا والشمس في كبد السماء ،،
فرأى شيئا لامعا من بعيد فوق قمة أحد الجبال ،،
فظنه ذهبا أو شيئا ثمينا ، فقرر الصعود إلى الجبل ، وتحمل كل المشاق لمعرفـة ما على هذا الجبل ،،
وبالفعل صعد وعندما وصل ، كانت المفاجأة ،، وجد زجاجـة فيها ورقـة ، ففتحها وأخرج الورقـة ورأى فيها :
أبي ، لقد افتقدتك كثيرا واشتقت إليك ، وبحثت عنك فلم أجدك ، وها أنا ذا كبرت وأصبحت قويا ،
أبي علمتُ أن زجاجتي هذه ستلفت انتباهك ، وها أنت تحملت مشاق صعود الجبل لتصل إلى هذه الزجاجة ظنا منك أنها ذهبا أو ماسا ،،
وأنا تحملت مشاق الحياة لوحدي ، وأدبت نفسي ، وعملت وكبرت ، وصعدت هذا الجبل كله وتحملت التعب والمشقـة لأخبرك أني أحبك ،
وأنت صعدت الجبل بنية الحصول على الذهب ،
أنت عندي أغلى من الذهب ، فهل يكون الذهب عندك يا أبي أغلى مني ،،
سامحتك يا أبي ، وإن شئت نادي علي من فوق الجبل كي أصعده كله وأُنزلك على ظهري ،،
فبكى الأب بكاء مريرا وصرخ بأعلى صوته : بل أنا أنزل من على الجبل وأتحمل المشاق لأصلك يا بُني ،
ونزل يبكي ،، ويقول : ليس الذهب عندي بعد اليوم أغلى منك ، سامحني يا بُني ،،
وصدف أن رأى الأب ولده تحت ذات الشجرة التي كان يستظل بها ، وحينما رآه جرى نحوه واحتضنه ، فقال الولد : لقـد وجدتك قبل أيام تجلس هنا ، وحينما افتقدتك عرفت أنك ذهبت إلى الجبل فجلست أنتظرك ، كي نعود سويا إلى البيت لأخدمك وتُسمعني رضاك ، وأسمع صوتك ، وتُسمعني حكاياك ، لا تبتعد يا أبي ، فأنا وأنت روح في جسدين .
__________________