الموضوع: فيزيئيات(^_^)
عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 22  ]
قديم 2005-10-16, 9:13 AM
يمامة الوادي
عضو متميز بالمنتدى
الصورة الرمزية يمامة الوادي
رقم العضوية : 7644
تاريخ التسجيل : 19 - 6 - 2005
عدد المشاركات : 43,493

غير متواجد
 
افتراضي
آيات الله في النتروجين


إن كون النتروجين غازاً جامداً ـ أو جامداً جزئياً كما يمكن القول ـ هو أمر ذو أهمية بالغة ز وهو يعمل كمخفف للأوكسجين ، و يخفضه إلى النسبة التي تلائم الإنسان و الحيوان . و كما ذكرنا في حالة الأوكسجين ، لا يتوافر لنا من النتروجين ما يزيد على حاجتنا أو ينقص عنها . قد يمكن القول بأن الإنسان قد راضَ نفسه على نسبة الواحد و العشرين في المائة من الأوكسجين الموجود في الهواء ، وهذا صحيح ، و لكن كون هذه الكمية الملائمة له بالضبط من وجوه جوهرية أخرى ، هو أمر يستدعي الانتباه حقاً ! و لهذا فإن مما يدعو إلى العجب ، ان النسبة المحددة للأوكسجين ترجع إلى عاملين : ( أولا) أنه لم يمتص بالتمام ، و بذا يصبح جزءاً من قشرة الأرض أو من المحيط .

و ( ثانياً ) أن الكمية التي تركت حرة هي بالضبط الكمية التي تخففها جملة مقادير النتروجين على الوجه الأكمل ولو أن النتروجين توافر بمقادير أكثر أو أقل مما هو عليه ، لما أمكن تطور الإنسان كعهدنا به .

و أمامنا هنا تنظيم مزدوج يلفت النظر : فإن النتروجين ، بوصفه غازاً جامداً ، هو عديم النفع في الظاهر ، و هذا يصح من الوجهة الكيماوية على الحالة التي يوجد عليها في الهواء ، و هو بالطبع يكوّن 78% من كل نسيم يهبّ ـ وهو جزء من الهواء الواقي ، و بدونه كانت تحدث عدة أمور خطرة . و لكن النتروجين من كلتا الوجهتين ، ليس الآن حيوياً للإنسان و النبات مثل الأوكسجين .

بيد أن هناك سلسلة من المواد الكيموية التي يعد النتروجين جزءاً منها ، والتي يمكن أن يقال بصفة عامة إنها نتروجين مركب ـ أي النتروجين الذي يمكن أن تتلقاه النباتات ، أو النتروجين الذي يتكون منه العنصر النتروجيني في أغذيتنا التي بدونها يموت الإنسان جوعاً .

و ليس هناك سوى طريقتين يدخل بهما النتروجين القابل للذوبان في الأرض كمخصب لها ( سماد ) . و بدون النتروجين ، في شكل ما ، لا يمكن أن ينمو أي نبات من النباتات الغذائية ، و إحدى الوسيلتين اللتين يدخل بهما النتروجين في التربة الزراعية هي عن طريق نشاط جراثيم ( بكتريا) معينة ، تسكن في جذور النباتات البقلية ، مثل البرسيم و الحمص و البسلة و الفول و كثير غيرها . وهذه الجراثيم تأخذ نتروجين الهواء و تحيله إلى نتروجين مركب . و حين يموت النبات يبقى بعض هذا النتروجين المركب في الأرض .

و هناك طرقة أخرى بها يدخل النتروجين إلى الأرض ، و ذلك عن طريق عواصف الرعد ، و كلما ومض برق خلال الهواء وحدّ بين قدر من الأوكسجين بين قدر قليل من الأوكسجين و بين النتروجين فيسقطه المطر إلى الأرض كنتروجين مركب .

و قد كانت هاتان الطريقتان كلتاهما غير كافيتين ، و هذا هو السبب في أن الحقول التي طال زرعها قد فقدت ما بها من نتروجين . و هذا أيضاً هو الذي يدعو الزراع إلى مناوبة المحصولات التي يزرعها.

و قد تنبأ ( مالثوس ) منذ زمن بعيد ، بأنه مع تكاثر عدد سكان الكرة الأرضية ، و استغلال الأرض في زرع المحصولات دون انقطاع ، سوف يستنفذ العناصر المخصبة ولو كان حسابه بشأن تزايد عدد السكان صحيحاً ، لوصلنا إلى درجة الندرة في بداية القرن الحالي . و هذا يدلنا على أهمية الفضلة الدقيقة من النتروجين المتروكة في الهواء.

و البالغة الصغر بالنسبة لضخامة الكرة الأرضية . فبدون النتروجين كان مآل الإنسان و معظم الحيوانات هو الموت .

و من عجب أنه حين وضح الناس ان الموت جوعاً هو احتمال قد يقع في المستقبل ، وذلك في خلال الأربعين السنة الأخيرة ، اكتشفت أماكن بها إنتاج النتروجين المركب من الهواء ، و قد ثبت أخيراً أن في الإمكان إنتاجه بهذه الطريقة بكميات هائلة . وهنا زال ذلك الخوف من حدوث مجاعة عالمية .

و من الشاق أن نلاحظ أن إحدى المحاولات لإنتاج النتروجين المركب ، كانت عبارة عن تقليد الطبيعة ، في ظروف ملائمة ، في إنتاج عواصف كهربائية مصطنعة . و قد استخدم نحو 300000قوة حصانية لإحداث أنوار كهربية ساطعة في الهواء ، و نتجت بالفعل فضلة من النتروجين المركب ، كما ثبت قبل ذلك بزمن طويل .

أما الآن فإن الإنسان قد قطع خطوات أبعد .

و بعد مضي عشرة آلاف سنة من وجودن التاريخي قد ارتقت الوسائل التي يحول بها غازاً جامداً على مخصب ( سماد) .

و هذا يمكنه من أن ينتج عنصراً لازماً في الطعام ، بدونه يموت الإنسان جوعاً . و ما أعجبها مصادفة أن يكسب الإنسان في هذا الوقت بالضبط من تاريخ الأرض ن تلك المقدرة على إبعاد شبح المجاعة العالمية .

إن النتائج الخلقية التي تنجم عن الاضطراب إلى نقص عدد سكان الأرض كي يبقى بعضهم على قيد الحياة ، هي أفظع من أن يتصورها الإنسان . و قد أمكن تفادي هذه المأسات في نفس اللحظة التي كان يمكن توقعها .



المصدر :

كتاب العلم يدعو إلى الإيمان أ. كريسي مورسون رئيس أكاديمية العلوم في واشنطن