عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 32  ]
قديم 2010-05-05, 7:09 AM
يمامة الوادي
عضو متميز بالمنتدى
الصورة الرمزية يمامة الوادي
رقم العضوية : 7644
تاريخ التسجيل : 19 - 6 - 2005
عدد المشاركات : 43,494

غير متواجد
 
افتراضي
منذ طفولتي وأنا أحب التفنن في الأشياء.

أحب اللعب بالكرة بطريقة (الحريفة)، وأحب بناء البيوت الصغيرة بالتراب الرملي الذي كنا نسميه (البطحة)، وأحب الخط الجميل وأستمتع بالنظر فيه، وأحب صنع الأشكال بواسطة الثلوج التي كانت تغطي البستان المجاور لمنزلنا في الشتاء.

درست (السلم الموسيقي) كمادة مقررة في الدراسة بدمشق، ولكني لم أمارس الغناء والضرب بالمعازف، وإن كانت المادة تتطلب مهارة أولية في ضرب آلات البيانو والناي، ولكن الله صرفني عن الميل لها، مع علمي ودراستي لصناعتها وفنها!



كنت أستمتع بالفن ، وأرى أنه من جميل صنع الله، وإبداع خلقه.
الجمال فن، والصوت فن، والخط فن، والخطابة فن، والخلق فن، والقيادة فن!

إنها مواهب يهبها الباري جل جلاله للمتعة الحلال.
و (الفن) هو البوابة الأجمل والأسهل التي تفتح باب التأمل والتآخي والتفاعل والإبداع.

لقد عشت الفن وأحببته ، وصار جزءً لا يتجزأ من لمسات حياتي، يوم فهمت الفن بألوانه المختلفة، وأنه ليس مجرد وسيلة، أو تسلية، بل هو نشاط إنشاني متجدد ومستمر.

الفن في الكلام، والفن في التأثير، والفن في التخطيط، والفن في السماع، والفن في الإبداع، والفن في العطاء.

وصار الفن شريكاً لي في بلورة الصورة الإنسان التي تحفز على الفضائل، وتنبهها من الغوائل، وترفرف بها إلى رحاب الجمال واللطف.

لم تكن فكرة الفن عندي مجرد أنغام، أو بدائل صوتية، أو معارض أو مهرجانات للتحفيز فحسب، بل هي فلسفة إنسانية، تتعلق بالتهذيب، والتعبير عن الحياة بكل تفاصيلها وتقلُّب أوراقها!

وفتحتُ أبواب الفن، وفُتح عليَّ فيه..

فقد أنشأت بفضل الله أول رابطة للفن الإسلامي العالمية بالتعاون مع نخبة من المهتمين في بالفن، وفي مقدمتهم أخي الحبيب: محمد أبو راتب، والدكتور سامي قمبر، والأستاذ أسامة الصافي، والأستاذ سمير البشيري، والأستاذ علي العنزي، والأستاذ شاكر الشهري.

وكان من بركات الرابطة جائزة الشباب العالمية لخدمة العمل الإسلامي، كما كان من بركاتها عشرات المهرجانات الدولية والمحلية والعربية، وكان من بركاتها كذلك قناة فور شباب التي صارت قبلة لأولي الفن ومبدعيه، وقلَّ أن تُعرف موهبة ندية إلا وللقناة دور في إخراجها.

كما أن من بركاتها الإصدارات العلمية المقروءة، والمؤتمرات الدولية، والدورات التدريبية، وكل عطائها مثبت منشور، ومسجل منظور.

وقد دافعت عن الفن الأصيل والهادف، بل ساهمت - بكرم الله- ليكون أساساً وقبلة لمن أراد أن يسمع أو يتغنى بالجميل في العصر الحديث.

ولأن رابطة الفن كان من أهدافها التأصيل، فقد شرعت بكتابة بحوث في الفن خاصة، بذلت جهوداً كبيرة لإخراجها في أتقن صورة، وأبهى حلة، وأميز صنعة.

فكانت كتاباتي بالترتيب: (النشيد الإسلامي.. نشأته ووظيفته.. أحكامه وضوابطه)، ثم كتابي (الفن المعاصر.. صوره وآثاره.. فلسفته وأحكامه)، ثم كتابي (الفن والفكر)، وبحوث تتراكم تحسمها الأقدار بإذن الله.

بل إن اللمسات النهائية لأكاديمية الفن ، التابعة لرابطة الفن الإسلامي العالمية، كادت أن ترى النور، لولا أقدار سابقة، وظروف قاهرة.

فالإعلام الأول كان موعده قبل أحداث (11 سبتمبر) بإسبوعين، والموعد الثاني كان قبل اعتقال أخي رئيس الرابطة (أبو راتب) ظلماً بشهرين!!

وفي كل ما جرى حكم جارية، لكن النوايا باقية، والعزائم ماضية.

هذا وإنني لأذهب في عالم الفن إلى أبعد من النشيد ومهرجاناته ودوائره وجوائزه، إلى عوالم أخرى كالرسم والتصوير والتمثيل والعمارة.

فأنشأت مسابقة (نادي القلم) للعناية بالرسوم، وتابعت بنفسي العديد من المسرحيات والتمثيليات ذات الأرقام المالية الكبيرة لإخراجها بأحسن جودة، وأبدع فكرة، وأمتع صورة.

وقل مثل ذلك (نادي فور شباب)، ومتابعتي الدقيقة لتفاصيل بنائه وهندسة أشكاله، بل وألوان أثاثه، وتوزيع أدواره.

ورغم كل ذلك فإن موضوع الفن زرع فيَّ جوانب إيجابية، وأثار فيَّ شجوناً محزنة!
وأبدأ بالمحزن لنختم الحديث بالمفرح..!

أما المحزن فهو يتعلق بنفسيات بعض المهتمين بالفن الهادف، ورغبتهم الملحة والسريعة أن يكونوا من أرباب عالمه، وأن يشار إليهم بالبنان، كالقارئ حسن الصوت، ولكنه بلا تجويد!!

ومثلهم العجل الذي يخرج أعماله بآلات أسميها (صحون)، لا (دفوف)، وكذا الذين خاضوا في المعازف لدرجة اختفاء موهبتهم الصوتية، أو تسترهم بالعيوب تحتها.
ووجدت أن من أرباب الفن الهادف ، من يحمل همَّ وجود البديل النافع، ولكنه لا يحمل مقومات ما يدعو إليه، من أصالة في جوانب دينية ودنيوية.

وأحزن لهؤلاء المتذبذبون، الذين يريدون تقليد أصحاب الفن الهابط، ظناً منهم الرغبة في توسع جماهيريتهم، والتأثير في عصرهم.

وعندي أن جملة من هؤلاء غيَّبوا جمال النشيد الهادف، وتحولوا إلى فناني مسرح، تسقط أوراقهم كما تسقط ورقة التوت، إذا أنشدوا في مجلس، أو منتدى أخوي جميل!

وأما عما علمني الفن..؟
فقد علمني التهذيب، والرشاقة النفسية، والانسجام مع الحياة، والاعتدال في المطالب، والتخفيف من الضغوط، والاستمتاع بالجمال.
على العمري


توقيع يمامة الوادي




هل جربت يوماً اصطياد فكرة رائعة !؟
لـتـصوغـهـا فـي داخـلـك
وتـشحـنهـا بنبض قـلـبـك
وتعـطرهـا بطيب بروحك
وتسقـيـهـا بمـاء عـرقـك
حتى تنضج وتصنع منك إنساناً مبدعاً ؟