9- عدم التوافق :
َ التوافق بين الزوجين أمر مهم وضروري لاستمرار الحياة الزوجية , يقول ابن حزم في \" طوق الحمامة ص 97 \" : لا تجد اثنين يتحابان إلا وبينهما مشاكلة واتفاق في الصفات الطبيعية ، لابد في هذا وإن قل ، وكلما كثرت الأشباه زادت المجانسة وتأكدت المودة ، فانظر هذا تره عياناً .
وهذا التوافق والتآلف نعمة من أجل نعم الله تعالى على العبد , يقول الله تعالى : \" وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (63) سورة الأنفال , عنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، وَقَالَ كَثِيرٌ مَرَّةً : حَدِيثٌ رَفَعَهُ ، قَالَ:النَّاسُ مَعَادِنُ كَمَعَادِنِ الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ ، خِيَارُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الإِسْلاَمِ إِذَا فَقِهُوا ، وَالأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ ، مَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ ، وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ . أخرجه أخرجه\"أحمد\" 2/539(10969) و\"مسلم\" 6802 .
والتوافق بين الخاطب والمخطوبة من أهم الأسباب لنجاح الخطبة وانتهائها بالزواج , لكن أحياناً تتعلل بعض الفتيات بعدم وجود توافق بينها وبين خطيبها , ربما لأسباب غير منطقية , قد تعلمها هي وحدها تحكى إحدى الفتيات فتقول : خطيبي متدين جداَ لكني أكرهه مع أنني أكتب له في الرسائل : أحبك ولكني من داخلي أكرهه ولا أعرف لماذا وأخاف أن أتركه فيعاقبني ربي على ذلك فماذا أفعل ؟ .
وأخرى تقول : أنا فتاة عمري 24 سنة وأنا مخطوبة من 3 سنوات لابن خالي إنه متدين وأخلاقه حميدة ولكنى لا أحس تجاهه بأي مشاعر الحب وفى ذات الوقت لا أكرهه أنه يحبني ويحاول أن يرضيني ، ولكنى لا أستطيع التفاهم معه أنا أول فتاة في حياته فليس عنده دراية كيف يسرق قلب الفتاة فكل فتاة تحب الكلام المعسول والتلميحات الجميلة بين أي خطيبين ، فأنا اجتماعية وأحب الخروج والتعرف على الناس والسفر والأفراح ولكنه يحب البيت جدا ولا يشاركني هذه الصفة ويراني متحررة جداً ولكن هذا ما تربيت عليه ، فانا أحب الرجل الناصح والمحب للمغامرات والسفر وعدم التقيد بالروتين ، وهو ليس كذلك ، كما أحب الرجل الطموح ، فهو ليس طموح بالمرة ويمشى في ظل والده في الشغل مع أنه والده ليس متعلم ، أما خطيبي فمعه شهادة عليا كما أن كل مناقشاتنا تنتهي بخلاف وعدم توافق في الرأي ، ولا يوجد حتى توافق في الذوق. فلا أعرف ماذا أفعل معه هل أكمل هذا المشوار أم لا ؟ هو طيب ويحبني ولكن؟.
تلك بعض شكاوى الفتيات في عدم وجود توافق بينها وبين خطيبها , لكن قد يكون السبب من جانبها وأنها لم تحاول أن تخلق مساحة ومسافة مشتركة يلتقيان فيها فيتفاهمان ويزيلان أسباب عدم التوافق.
10- التدخلات الخارجية :
أحياناً يكون السبب في نفور الفتاة من خطيبها ما يسمى بالتدخلات الخارجية من قبل أهلها أو أهله أو بعض الجيران أو الأصدقاء , فقد يحدث خلاف بين هذا الخاطب وبين أحد من أهل الفتاة فيحاول التأثير عليها لتركه فيشوه صورته أمامها ويدعي عليه ما ليس فيه , ويظل يكرر ذلك على أذن الفتاة حتى تنفر من خطيبها , وقد تنفر الفتاة منه وتكرهه بسبب أهله وتدخلهم في كل كبيرة وصغيرة ,وأنه ليس لديها القدرة على تحمل أهله وعلى كسب ودهم ومحبتهم , وقد يكون في حياة البنت شاب آخر قد لعب برأسها وأقنعها بأن ذلك الشاب الذي خطبها لا يستحقها ولن يحقق لها ما تطلب , أما هو فسوف يحقق لها كل ما تطلب فيظل يحرضها على تركه , وهذا لون من ألوان خطبة المرء على خطبة أخيه والذي نهانا عنها الإسلام الحنيف , فعَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:لاَ يَبِعِ الرَّجُلُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ وَلاَ يَخْطُبْ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ إِلاَّ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ. وفي رواية :نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم- أَنْ يَبِيعَ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ ، وَلاَ يَخْطُبَ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ ، حَتَّى يَتْرُك َ الْخَاطِبُ قَبْلَهُ ، أَوْ يَأْذَنَ لَهُ الْخَاطِبُ . أَخْرَجَهُ مالك \"الموطأ\" 1490. و\"أحمد\" 2/21(4722).
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:لاَ يَخْطُبْ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ ، وَلاَ يَسْتَمْ عَلَى سِيْمَةِ أَخِيهِ. .أخرجه أحمد 2/462(9960) و\"مسلم\" 3446 و3806 .
فهذه بعض الأسباب المنطقية والطبيعية التي تجعل الفتاة تنفر وقد تكره خطيبها , لكن في بعض الأحيان تكون هناك أسباب غير طبيعية وغير منطقية , وتكون من قبل الفتاة نفسها , من ذلك عدم جدية الفتاة في أمر الخطبة , فقد تكون قد فرحت في بداية الأمر بأنها صارت مخطوبة مثل مثيلاتها وأنها قد صارت أنثى تطلب ويسعى إليها الشباب , لكن حينما ترى أن الأمر يترتب عليه التزامات وأمور لم تكن في حسبانها تبدأ في التهرب من المسؤولية وتدعي أنها أصبحت تكره خطيبها وتختلق الأسباب والأعذار الواهية لتركه .
وكذا التدليل الزائد للفتاة فبعض الفتيات قد يكون أهلها قد جنوا عليها بتدليلها تدليلاً زائدا عن الحد فلا تطيق بعد الخطبة أن يطالبها أحد بشيء لم تعتد عليه , فإذا ما كلمها خطيبها في أمر فيه مصلحة لها , أو في شيء يحفظ عليها دينها وشرفها غضبت وزمجرت ونفرت منه , فهي تريد أن تعيش الحياة بلا قيود ولا ضوابط , فتدعي الكراهية له تهرباً من المسؤولية .
فهذه أهم الأسباب التي تجعل الفتاة تنفر بل قد تكره خطيبها ... فما الحل إذاً ؟! .
الحل قد يتخلص في عدة أمور منها :
1- التريث في الاختيار :
على الفتاة ألا تتعجل وتتسرع في الموافقة على من تقدم لخطبتها وتفرح بأنها قد صارت فتاة تطلب , بل لا بد من التعقل والاستشارة والاستخارة , وأن تسأل عنه وتجعل الدين والأخلاق سبباً جوهريا لاختياره زوجاً للمستقبل وليس الشكل والمظهر والكلام المنمق المعسول ,فالغني لا يبقى على غناه والفقير لن يظل على فقره , والغني الحقيقي هو غنى النفس والقلب , قال تعالى : \" وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (32) سورة النور.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:إِذَا أَتَاكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ خُلُقَهُ وَدِينَهُ فَزَوِّجُوهُ ، إِلاَّ تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ.
ـ لفظ التِّرمِذي : إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ ، إِلاَّ تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ.أخرجه ابن ماجة (1967) و\"التِّرمِذي\" 1084 الألباني في \" السلسلة الصحيحة \" 3 / 20.
قال رجل للحسن : قد خطب ابنتي جماعة فمن أزوَّجها ؟ قال: ممَّن يتقي الله فإن أحبها أكرمها وإن أبغضها لم يظلمها .
قِيلَ لِأَعْرَابِيٍّ : فُلانٌ يَخْطُبُ ابْنَتَكَ ، فَقَالَ : أَهُوَ مُوسِرٌ مِنْ عَقْلٍ وَدِينٍ ؛ فَإِنْ قَالُوا : نَعَمْ . قَالَ : فَزَوِّجُوهُ .
2- اعلمي أن خطيبك ليس ملاكاً :
بعض الفتيات تتصور أن خطيبها ملاك وليس بشراً فتعيش في عالم الخيالات والأوهام وتتخيل أنه لن يغضبها يوماً , ولن يؤخر لها طلباً مهما كان , وتنسى أو تتناسى أنه بشر مثل البشر يخطيء ويصيب .. يغضب ويهدأ .. يوافق ويرفض , وأن به مميزات وبه عيوب كأي شخص , وأن من أهله من هم عقلاء حلماء كما أن من أهله من هم على غير ذلك .. وهي أيضاً مثله ليست ملاكاً بل بها مميزات وبها عيوب , وأن على كل منهما أن يقبل الآخر كما هو بعيوبه ومميزاته , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:\" لاَ يَفْرَكُ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً ، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ\". أخرجه أحمد 2/329(8345) و\"مسلم\" 3639.