عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 2  ]
قديم 2010-05-03, 1:44 AM
يمامة الوادي
عضو متميز بالمنتدى
الصورة الرمزية يمامة الوادي
رقم العضوية : 7644
تاريخ التسجيل : 19 - 6 - 2005
عدد المشاركات : 43,494

غير متواجد
 
افتراضي
إنَّ الإنسان يقع في الخُسران والانحِراف عن منهج الله وشريعته، إذا لَم يعمل بالقرآن: ﴿ إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾ [العصر: 1، 2].


إنَّ الإنسان يقع في سبل الشَّيطان ومكايده إذا لَم يستقم على صراط القرآن: ﴿ قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى * وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى ﴾ [طه: 123 - 127].


إنَّ الإنسان تنقطع طرُق الاتِّصال بينه وبين الله تعالى، كما يفقد معالِمَ الاهتداء، إذا لَم يستمْسِك بحبل القرآن: ﴿ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا ﴾ [الإسراء: 9]، وفي الحديث: ((أبشروا، أليْس تشْهدون أن لا إله إلاَّ الله، وأنِّي رسول الله؟)) قالوا: نعم، قال: ((فإنَّ هذا القرآن طرفُه بيد الله وطرفه بأيديكم، فتمسَّكوا به، فإنَّكم لن تضلُّوا ولن تهْلكوا بعده أبدًا))؛ رواه ابن حبَّان في صحيحِه.


إنَّ الإنسان يفقد أجلَّ خيريَّة في الإسلام إذا لم يقرأ ويتعلَّم القرآن؛ ((خيرُكم مَن تعلَّم القرآن وعلَّمه))؛ رواه البخاري.


إنَّ الإنسان يقع في الكُفر والشرك، وينجرف بعيدًا عن الفوز والفلاح، إذا لم يؤْمن بالقرآن؛ ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ * أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [البقرة: 4، 5]. وقال تعالى: ﴿ مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى ﴾ [طه: 2].


إنَّ الإنسان يفقد مجْدَه ومكانته وعزَّه، إذا لم يتَّبع هذا القرآن؛ ﴿ لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾ [الأنبياء: 10].


إنَّ الإنسان يقع في براثن الذُّل والهوان إذا لم يعتصِم بالقرآن حقَّ الاعتِصام: ((إنَّ الله يرفع بهذا الكتاب أقوامًا ويضَع به آخرين))؛ رواه مسلم.


إنَّ الإنسان يفقد ولاية الله تعالى له، وحمايته له من أعدائِه المتربِّصين، إذا لم يقرأ القرآن: ﴿ وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَابًا مَّسْتُورًا ﴾ [الإسراء: 45].


إنَّ الإنسان يقع تحت طائلة العتاب والندم يوم القيامة، إذا لم يكن له نصيب من القرآن تلاوة وفهمًا وعملاً: ﴿ وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا ﴾ [الفرقان: 30].


4- القرآن كتابي: هكذا يكون التلقي:
وهنا، وبعد هذا التِّبيان أقول: يجب أن نُعيد منهج التلقِّي للقرآن في نفوسِنا من جديد، يجب أن نتلقَّى القرآن للعِلْم والعمل معًا، نتلقَّاه لأنفُسنا، لسعادتنا وهدايتنا، لتوجيهنا وتربيتِنا، لإصلاحنا وتقْويمنا، وأن يكون شعارُنا: "القرآن كتابي"، وإنَّ من الواجب على أمَّة الإسلام وعلمائها، وطلبة العلم والدُّعاة إلى الله، أن يكونوا القدوة الصَّالحة لغيرهم، في الاعتناء بتحقيق وتطبيق القرآن قولاً وعملاً، وأن يَجعلوه منهاج حياة واقعيًّا، كما كان النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قرآنًا يمشي على الأرض؛ كما ثبت في الأحاديث الصَّحيحة ذلك.



وهذه بعض جوانب العناية العمليَّة التطبيقيَّة بالنسبة للقرآن الكريم كما نتصوَّرها، والتي ينبغي أن يهتمَّ بها قارئ القرآن لتكون له عونًا على تصحيح منهج التلقّي لهذا الكتاب، وهي كما يلي:
1- القراءة اليوميَّة للقُرآن:
يقولُ الله - سبحانَه وتعالى -: ﴿ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ ﴾ [القمر: 17]، وبما أنَّنا بدون التّلاوة الدَّائمة نفقد التذكُّر اللازم، ونفقد الحالات الإيمانيَّة العالية، فالله - عزَّ وجلَّ - وصف تأثُّر المؤمنين بالقرآن بقولِه تعالى: ﴿ اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللهِ ﴾ [الزمر: 23]، وقال سبحانه: ﴿ إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا ﴾ [مريم: 58].


إنَّ هذه المعاني لا يحصِّلها الإنسان إلاَّ بتلاوة دائمة لكتابِ الله، وتذكُّر ما فيه ليحيا قلْبه فتجيش فيه هذه المعاني[3]، وقد كان للنَّبيّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - ورْده اليومي يقرؤُه في صلاة اللَّيل؛ فعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "إنْ كان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - ليوقظُه الله - عزَّ وجلَّ - باللَّيل فما يجئ السَّحَر حتى يفرغ من حزبِه"؛ رواه أبو داود.


وقد كانت تلاوة القرآن دأب الصَّحابة وعملهم الدَّائم؛ فقد روى أبو داود عن أوْس بن حُذَيفة: سألتُ أصحابَ النَّبيّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - كيف يحزّبون القرآن؟ قالوا: "ثلاث، وخمس، وسبْع، وتسْع، وإحدى عشرة، وثلاث عشرة، وحزب المفصَّل وحْده".


إذًا؛ كان القرآن بالنسبة للصَّحابة محورَ كلِّ شيء عندهم، ثمَّ أصبح القرآن منسيًّا عند الكثيرين من مسْلمي عصرنا، فلا بدَّ لنا من عودة حميدة للكتاب، يصلح بها آخرُنا كما صلح بها أوَّلُنا، وانظر هذا النَّصّ لتُدْرِك مقدار حِرْص الصَّحابة على الاشتِغال بالقرآن دون سواه؛ عن جابر بن عبدالله بن يسار قال: سمعتُ عليًّا يقول: "أعزِم على كلّ مَن عنده كتاب إلاَّ رجع فمحاه؛ فإنَّما هلك النَّاس حيث اتَّبعوا أحاديثَ علمائهم وتركوا كتاب ربِّهم".


فلا بدَّ أن يكون لنا ورْدُنا اليومي من كتاب الله، تلاوة في المصحف لِمَن لم يحفظ أو تلاوة من المحفوظ، وقد ذكر العلماء أنَّ القراءة من المصحف أعظم أجرًا، والحدّ المعتدل أن يختم القُرآن في الشَّهر مرَّة، فإن لم يكن ففِي كلّ أربعين يومًا، وفي ذلك ضمانُ حياة القلْب وضمان حياة المعاني الإسلاميَّة في أنفُسِنا[4].


2- التَّأمّل والتدبر أثناء القراءة:
مع الوقوف على كلّ عبرة ومعنى، كما أنَّه يفضل أن تكون القراءة في خلوة هادئة، ولاسيَّما خلوات اللَّيل، حيث يشفّ القلب، وتنكشف أغطية النَّفس، والله تعالى يقول: ﴿ أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ﴾ [محمد: 24]، ويقول سبحانه: ﴿ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الألْبَابِ ﴾ [ص: 29].


إنَّ هذه القراءة على هذا النَّحو سبيلٌ لفتح أغلاق القلوب، وسطوع أنوار القرآن في آفاق النّفوس، وبهذا يحصل الانتِفاع الحقيقي بكتاب الله تعالى، قال ابنُ مسعود - رضِي الله عنْه -: "لا تهذّوا القُرآن هذّ الشِّعر، ولا تنثروه نثر الدَّقل، وقِفوا عند عجائبه، وحرِّكوا به القلوب، ولا يكن همّ أحدكم آخر السورة"[5].


ولننظُر إلى حال الرَّسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - الَّذي قرأ القرآن أوَّلاً بتروٍّ وتدبُّر، حتَّى إنَّه وهو في صلاته إذا مرَّ بآية عذاب تعوَّذ، وإذا مرَّ بآية فيها تسبيح سبَّح، وإذا مرَّ بسؤال سأل، وإذا مرَّ بآية فيها رحمة سأل الله من فضله، وكان - صلَّى الله عليه وسلَّم - يبكي من شدَّة تأثّره به وتأمّله لمعانيه، سواء من قراءتِه بنفسه أو سماعِه من غيره؛ فعن عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال لي النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((اقْرأ عليَّ)) قلت: يا رسول الله، أقرأ عليك وعليك نَزَل؟ قال: ((نعم)) فقرأت سورة النساء إلى هذه الآية: ﴿ فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاَءِ شَهِيدًا ﴾ قال: ((حسْبُك الآن))، فالتفتُّ إليه فإذا عيْناه تذرفان؛ رواه البخاري ومسلم.


3- استِشعار سماع القِراءة من الله تعالى:
وينبغي أن نقرأ القرآن كأنَّما نسمعه من الله - سبحانه وتعالى - وهذا أمر يكاد يكون من البدهيَّات التي نغفل عنها، فالقرآن كلام الله، خاطبَنا به، ووجَّهه إليْنا، وأبسط مقتضيات هذا، أن نُصغي إلى هذا المتكلّم العظيم، ونُحسن الاستِماع إليْه؛ ﴿ وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [الأعراف: 204].


والإنصات إلى الله لا يكون بالأذُن، بل بالقلب وبوعْيِك كلّه، وهي منزلةٌ تقتضي من الإنسان مرانًا ورياضة وتدرُّجًا في مقاماتها الرَّفيعة[6]؛ ولهذا يقول ابنُ مسعود - رضي الله عنْه -: "إذا سمعتَ الله يقول: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ﴾ فأصغ لها سمعك، فإنَّه خير تؤمر به، أو شرّ تصرف عنه".


4- أن يكون غرض القراءة إعداد النفس للقاء الله - عزَّ وجلَّ -:
وينبغي أن نقرأ القرآن على أنَّ الغرض الأسمى له هو: إعداد الإنسان للدَّار الآخرة، فما في القرآن من روح، وما جاء فيه من قصص الجهاد، وما ضمّنه من نظم الاجتماع، وما أودعه من القوانين والمعارف - ليس مقصودًا لذاته، أو ليس غاية تنتهي إليْها أهداف الإسلام، وإنَّما يراد بها إيقاظ القلوب بدلالتها على الله، وإحاطتها بكلّ وسيلة مادّيَّة أو معنوية لتكون في القلوب سليمة حيَّة، حتَّى يمضي بها المرء إلى غايتها الأخيرة، فعلينا أن نلاحظ هذا المعنى في كلّ آية، فإنَّ العبرة لا تكمل إلاَّ به، وجمال التَّوجيه لا يظهر بدونه[7].


توقيع يمامة الوادي




هل جربت يوماً اصطياد فكرة رائعة !؟
لـتـصوغـهـا فـي داخـلـك
وتـشحـنهـا بنبض قـلـبـك
وتعـطرهـا بطيب بروحك
وتسقـيـهـا بمـاء عـرقـك
حتى تنضج وتصنع منك إنساناً مبدعاً ؟