أمشي محاذراً بين القبور،وكلما تجاوزت قبراً تساءلتأشقي أم سعيد؟شقي بسبب ماذا؟أضيّع الصلاة؟أم كان من أهل الغناء والطرب؟أم كان من أهل الزنى؟
لعل من تجاوزت قبره الآنكان يظن أنه أشد أهل الأرض قوة، وأن شبابه لن يفنى؟ وأنه لن يموت كمن مات قبله؟
: أم أنه كان يقول
ما زال فيالعمر بقية،
سبحان من قهر الخلق بالموت
أبصرت الممر، حتى إذا وصلتإليه، ووضعت قدمي عليه، أسرعت نبضات قلبي فالقبور يميني ويساري، وأنا ارفع نظري إلىالناحية الشرقية، ثم بدأت أولى خطواتي، بدت وكأنها دهر، أين سرعة قدمي؟ ماأثقلهما الآن، تمنيت أن تطول المسافة ولا تنتهي ابداً، لأنني أعلم ما ينتظرنيهناك.
اعلم، فقد رأيت القبركثيرا، ولكن هذه المرة مختلفة تماماً أفكار عجيبة، أكاد أسمع همهمة خلف أذني، نعم،أسمع همهمة جليّة، وكأن شخصاً يتنفس خلف أذني، خفت أن أنظر خلفي، خفت أن أرىأشخاصاً يلوحون إليّ من بعيد، خيالات سوداء تعجب من القادم في هذا الوقت، بالتأكيدأنها وسوسة من الشيطان، لا يهمني شيء طالما أنني قد صليت العشاء فيجماعه.
أخيراً،أبصرت القبور المفتوحة، أقسم للمرة الثانية أنني ما رأيت أشد منها سواداً، كيفأتتني الجرأة حتى أصل بخطواتي إلى هنا ؟ بل كيف سأنزل في هذا القبر ؟ وأي شئينتظرني في الأسفل ؟ فكرت بالإكتفاء بالوقوف و أن أصوم ثلاثة أيام تكفيراًلقسمي.
ولكنلا
لن أصل إلى هنا ثم أقف،يجب أن أكمل، ولكن لن أنزل إلى القبر مباشرة، بل سأجلس خارجه قليلاً حتى تأنسنفسي.
ما أشد ظلمته، وما أشد ضيقه،كيف لهذه الحفرة الصغيرة أن تكون حفرة من حفر النار أو روضة من رياض الجنة؟
سبحان الله