ومن يقرأ التفاسير عن أصنام قوم نوح, يجدها قريبة من مكة وما حولها, فبماذا يوحي هذا, وبماذا توحي آية الأعراف على لسان هود إذ يقول لقومه {واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح}, وكلنا يعلم -من حديث النبي- أن عادا كانوا في جزيرة العرب, فكيف يخلفون قوما من خارج أرضهم؟. فالأقرب أن يكونوا بالتتابع, قوما بعد قوم, ويكثر ما يجمع القرآن الأقوام الثلاثة متتابعين {وإن يكذبوك فقد كذبت قبلهم قوم نوح وعاد وثمود}.
إشارة من سورة القمر
{وحملناه على ذات ألواح ودُسُر, تجري بأعيننا}, فماذا تقول التفاسير عن الألواح والدسر؟.
أما الألواح فمرت معنا, وقلنا ما عندنا فيها. وأما "الدسر" فالتفاسير على أنها "المسامير", كما تقول العرب.
وعندنا ما نضيفه, فـ"الدّسر" في لسان العرب, هو الدفع بقوة وشدة وقهر. وهذا أولى من الفهم الأول, إذ لا يكون فلكا كاملا, إلا باثنتين, الجسم والمحرك الدافع, ومن دون أحدهما لا يكون فلكا. فالأولى فهم النص على هذين المكونين, الألواح, وهي مكون الجسم أو الهيكل, والدسر, وهي مكون المحرك والدوافع {تجري بأعيننا}.
الآن..
ماذا ينفع المسلمين لو انشق الطور عن السفينة؟!.
أشرنا في أول بحثنا أن السفينة كانت بذاتها آية, {وجعلناها آية للعالمين}, فماذا في هذه الآية, وكيف نزهد بآيات الله ونتغافل عنها؟!.
فيظهر لنا أن في هذه السفينة أول ما فيها مصداق وصف الله للحدث في القرآن, على خلاف الكتب والأساطير كلها, حتى إذا ظهرت, ظهر معها مصداق قول الله.
ثم لا نستطيع أن نعرف كيف تكون هذه الآية آية للعالمين حتى نراها, فتكون لنا وللعالمين آية, ولعل فيها كل أصل الخلائق وكَرّة التكوين الثانية.
إنها على ما يوحي به القرأن, بيضة الخلق التي حوت العالمين, فتنحى بها "نوح" لأمر قضاه أحكم الحاكمين, ولعجب المؤمنين, فلم يرد هذا الوصف لله –أحكم الحاكمين- إلا في سورتي هود والتين, مرة بعد ذكر الجودي مباشرة, ومرة بعد ذكر الطور مباشرة!.
و"نوح" بهذا الفهم, هو من انتدب "ليتنحى" بالقلة المؤمنة الطاهرة ليكونوا هم الباقين {وجعلنا ذريته هم الباقين}, {وتركنا عليه في الآخِرين}. بكسر الخاء
فمن يقول لنا الأن كيف يترك على نوح في الآخِرين؟!.
{لكل نبأ مستقر وسوف تعلمون}.