لماذا يا بدر؟!
لماذا يا بدر؟
تهبط إلى عالمنا المتسربل بالظلام، تطل علينا وتضيء الأمل فينا، تذيقنا طعم النور ثم تغيب خلسة؟
ما أروع حين تطلُّ، وما أوحشنا حين تغفل..!
تجيء وكأنك المطر المغيث لليالي أرضنا، وكأنك قطر الندى لأزهار حياتنا، ثم لا تلبث أن تتركنا وتهجر عالمنا.
تتركنا بعد أن تعلقت بنور وجهك الوضاح أبصارُنا، وافتتنت بحسنك السادل علينا قلوبُنا، بعد أن لامست خطوطُك الساحرةُ مشاعرَنا، وبات صريعَ عشقك أكثرُنا.
يا بدر: الشاعر منَّا فيك قد تغنى، ومسلوب الفؤاد إليك يأوي، يناجي ويبحث عن وجه الحبيب في ثناياك.
وأنت لاهٍ في سَماكَ، فاتن، ساحر تتأرجح في العُلا من المغيب حتى اقتراب المشرق.
لماذا يا بدر؟
لا تسكن أرضنا وتقيم في عالمنا أبداً، تداوي جرح الليالي المعتمات، وتواسينا من وحشة أصابتنا لفرقاك؟!
لماذا لا تكون معنا أبداً، سامراً معنا، روحاً لأجسادنا وبلسماً لنا من كل سقم، ومن جور الأحبة لنا؟!.. لماذا يا بدر، لماذا؟!
ولكن.. تظل عالقاً هناك في الأفق البعيد، لا تبالي بشيء، لا أحد ينهاك، ولا تنتظر أمراً.. تبدو كعروس في ليل زفافها، تتسابق الأنظار إليها.
ثم في غمرة لهونا فيك وسعادتنا بك.. تغيب عنا!
بل تودّعنا وتذهب لتزيدنا شوقاً إليك وتعلقاً أكثر، بعد أن تتركنا في مرفأ الانتظار ساعات طِوالاً تكاد لا تنقضي.
ونبقى على شواطئك ننتظر.
ننتظر مهما بعدت المسافة وتحجرت الساعات.
ننتظر السفينة.
سفينة البدر المشرقة.
محمد احمد على جابر