السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
تحية طيبة للجميع ,
يسر الفريق الدعوي بشبكة قناديل السنا أن يقدم سلسلة في تربية البناء نبدؤها بالحوار مع الأبناء
جزى الله خيرا كل من ساهم في هذا العمل
والموضوع إن شاء الله متجدد
مقــدمــة :
عندما تختلف القلوب، وتضيق الصدور، ويدب الخلاف، تصاب الأمة بالأزمة والتفكك، ويعيشالمجتمع في كآبة وتفسخ وانهيار، والسبب هو غياب أدب الحوار وفن النقاش والمحاورةوحسن الظن بالآخرين واحترام حق الاختلاف وإبداء الرأي. . ومشكلتنا اليوم أن هناكمعالم كثيرة اختفت من حياتنا منها أدب الحوار والنقاش، وكثيرون منا يفضلون الحديثعلى الاستماع إلى الآخرين.
وإذا فكرنا قليلاً لوجدنا أن الله خلق الإنسانبلسان واحد وأذنين اثنين ليكون الاستماع أكثر من التحدث والكلام. . وعندما تصلالأمور إلى الحدة في النقاش وعدم اختيار الأسلوب المناسب في مخاطبة الآخرين، الوقت الذي لا يسمع فيه المتكلم رأي من يكلمه، فإن معنى هذا هو غيابفن الحوار الناضج المثمر .
إن الاختلاف في وجهات النظر داخل الأسرة الواحدة هو أمر طبيعي ، فما زالت الأسرة موضع الأمان والاطمئنان بالنسبة للأطفال .. ولكن غير الطبيعي هو أن تتحول العلاقة بين أفراد الأسرة إلى عداوة والسبيل إلى تخطي ذلك هو اللجوء إلى "الحوار" إلا أن ما يجب معرفته هو أن الحوار لا يأتي في ليلة واحدة، إنما هو سلسلة متتابعة تبدأ من الأهل وتنتقل تدريجياً إلى الأبناء! فما هو مفهوم الحوار ومتى يبدأ الحوار داخل الأسرة؟ وكيف يستمر؟ وما هي مقومات نجاحه؟
ولا تخلو ثقافتنا الإسلامية من نماذج لمثل هذه الحوارات، فالقرآن الكريم مليء بالنماذج الحوارية الاجتماعية ومنها: حوار الأب مع ابنه في قوله تعالى: (وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلاَ تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ) (هود: 42)، ونلاحظ ما تحمله الآية من شعور الأب الخائف على مصير ابنه، وكذلك الرأفة بابنه وذلك في لفظة (يا بني)، كما نرى أيضاً في المقابل حوار الابن مع والده في قوله تعالى: (إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنكَ شَيْئًا) (مريم: 42)، كما أن القرآن لم يغفل عن العلاقة الوثيقة بين الزوج وزوجته في قوله تعالى: (إِذْ قَالَ مُوسَى لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ نَارًا سَآتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُم بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَّعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ) (النمل: 7)، وتطرق لحوار الإخوة مع بعضهم في قوله تعالى: (وَقَالَ مُوسَى لأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلاَ تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ) (الأعراف: 142).
كما أن السيرة النبوية أمدتنا بالحوارات الاجتماعية، مثل حوار الرسول مع زوجاته رضي الله عنهن، فيروى عن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إني لأعلم إذا كنت عني راضية. وإذا كنت علي غضبى). قالت: من أين تعرف ذلك؟ فقال: (أما إذا كنت راضية فإنك تقولين: لا ورب محمد. وإذا كنت غضبى قلت: لا ورب إبراهيم). قالت: قلت: (أجل والله يا رسول الله ما أهجر إلا اسمك)، وهذا يدل على أن البيت النبوي لا يخلو أيضاً من بعض المشكلات ولكن حكمة الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - وحواره الصريح مع زوجاته ساهم في تخفيف أثر هذه المشكلات وقيادة سفينة الأسرة إلى بر النجاة.
فالأسرة تُعد إحدى دعائم المجتمع في بنائه والمحافظة على مكتسباته، فإذا صلحت الأسرة صلح المجتمع في جميع شؤونه الحضارية والاجتماعية والاقتصادية والتعليمية.
والحوار موجود منذ أن خلق الله الكون، ولكن طرأت بعض المتغيرات السياسية والاقتصادية والفكرية والاجتماعية تسببت في غياب الحوار عنا، وأصبحنا لا نمارسه في حياتنا اليومية، ونحن اليوم بحاجة ماسة إلى ممارسة الحوار وتفعيله داخل منازلنا، حتى يصبح الحوار عادة من عادات المجتمع وسلوكاً من سلوكياته، إذ إن الحوار هو العلاج الناجح لكل المشكلات والعقبات، إذ إنه يجمع الآراء المتوافقة ويطرح المشكلات ويساهم في حلها بكل تجرد.
بالتوفيق