المبحث الرابع
كيف تخطط لإنجاح حصة القرآن الكريم
المطلب الأول: مرحلة الإعداد (قبل الحصة):
1 - أن يكون المعلم متأدبًا بآداب القرآن، مُتَخَلِّقًا بأخلاقه.
2 - أهمية التخطيط الجيِّد للحصة، ويشمل التحضير الذهني والكتابي، ولذلك فوائد كثيرة منها:
♦ إتقان المعلم للآيات المراد قراءتها للطلاب.
♦ معرفة شرح الآيات ومعانيها.
♦ تحديد الكلمات الصعبة.
♦ تحديد الوسيلة المناسبة وتجهيزها.
♦ اختيار الطريقة التي سيقوم باستخدامها، وما يترتب على ذلك من اختيار المكان (المسجد، معمل الحاسوب، الصف)، وكيفية توزيع الطلاب.
3 - ضرورة الاستفادة من الوسائل والتقنيات المعاصرة:
الحاسوب - الفيديو - إنشاء معمل للقرآن أو الحاسب إذا كان موجودًا بالمدرسة.
وإنشاء معمل خاص بالقرآن ليس أمرًا صعبًا أو مستحيلاً - كما يتصور البعض - فهناك تجارب عملية موجودة وناجحة في إنشاء معمل خاص للقرآن، وتصميمها لا يحتاج إلى أموال كثيرة، ولكن يحتاج إلى عزيمة صادقة.
4- تجهيز كُشُوف متابعة للطلاب والإبداع فيها، وخاصة لمدارس تحفيظ القرآن لكثرة الحصص والحاجة الضرورية للمتابعة من قبل البيت:
♦ مثل عمل برنامج على الإكسل لرصد درجات الطلاب في القرآن الكريم.
♦ مذكرة خاصة لكل طالب شبيهه بدفتر الواجبات، تكون رابطًا بين المعلم وولي الأمر.
♦ أوراق متابعة يتم تثبيتها في دفتر الواجبات.
5 - معرفة المعلم واطلاعه على الطريقة الصحيحة للتقويم المستمر للطلاب في القرآن:
♦ التقويم في مدارس تحفيظ القرآن يختلف عن مدارس التعليم العام.
♦ عدد مرات التقويم يختلف تبعًا لعدد الحصص والطلاب.
♦ المهارات تختلف من صف لآخر ومِن مرحلة لأخرى.
♦ إليك نموذجًا للمقصود بالمهارات في المرحلة الابتدائية وتقسيم الدرجات:
مهارات مادة القرآن الكريم للصف الثالث والرابع وتوزيع الدرجات:
المهارات تعريف المهارة توزيع الدرجات
جودة الحفظ
قدرة الطالب على إتقان الحفْظ
20
صحة القراءة
عدم الخطأ في الحركات ونطقالكلمة
20
الترتيل وحسن الأداء
التأنقفي القراءة وتحسين الصوت
5
الانطلاق وعدم التردُّد
السرعة في القراءة دون توقف
5
المجموع
50
المطلب الثاني: مرحلة التنفيذ (أثناء الحصة):
ضوابط عامة لسير الحصة:
1 - مراعاة النظام والهدوء.
2 - حسن إدارة الصف.
3 - إضفاء الحيوية على الجو الصفي.
4 - استخدام التوجيه المناسب في المواقف المختلفة.
5 - التحلي بالصبر والحكمة في الظروف الطارئة.
6 - مراعاة الفروق الفردية بين الطلاب.
ضوابط خاصة لحصة القرآن:
1 - أن يبذر المعلم في قُلُوب طلابه أن القرآن الكريم كلام الله تعالى، وأنه يقرأ تعبُّدًا وتدبُّرًا.
2 - إشعار الطالب أنه في عبادة يُثاب عليها.
3 - على المعلِّم التدرُّج مع التلميذ في تعليمه حسن الأداء.
4 - تدريب التلميذ على القيام باكتشاف خطئه بنفسه، وألا يرد عليه في كل خطأ يقع فيه، خاصة في درس التلاوة.
5 - إلزام التلميذ بعدم تغيير المصحف الذي يقرأ فيه حتى نهاية العام؛ حتى يألفه ويتعود عليه.
6 - تدوين الكلمات الصعبة على السبورة، ثم يقوم المعلم بقراءتها قراءة جهرية، ثم يردد جميع الطلاب الكلمة مع تكرارها.
7 - تعريف التلاميذ بالفرق بين الرسم العثماني، والرسم الإملائي، وتدوين ذلك على السبورة.
8 - تعويدهم على آداب حمل المصحف ووضعه، والمبالغة في إرشادهم، وزجر من يهمل مصحفه أو يقوم بالكتابة عليه.
9 - عدم التحدُّث مع شخص آخر أثناء التسميع لأحد التلاميذ، وإذا اضطررت لذلك فأوقف التلميذ حتى تنتهي من حديثك؛ امتثالاً لقوله تعالى: ﴿ وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآَنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [الأعراف: 204].
10 - تعويد التلاميذ على عدم الرد على خطأ زميلهم إلا بإذن من الأستاذ؛ حتى لا تسودَ الفوضى وتقل الفائدة.
11 - على المعلم الانتظار عندما يُخطئ الطالب حتى يكمل الآية، ثُم يطلب منه إعادة قراءتها، فإن صَحَّح خطأه فحسن، وإلا فيطلب من أحد زملائه تصحيح الخطأ، ثم يقرأ مرة أخرى للتأكُّد من صحَّة قراءته.
12 - على المعلم استخدام ما يُمكن من وسائل الإيضاح في درس التلاوة، والتي تُضفي نوعًا من التشويق والبُعد بالحصة عن الرتابة المملة، وتساعد المعلم على تحقُّق الهدف بكلِّ يُسر وسهولة، وهي كثيرةٌ ومتنوعة، وسيأتي الكلام عنها مفصلاً.
13 - على المعلم تشويق التلاميذ إلى درس القرآن الكريم من خلال:
♦ حسن التعامل مع التلاميذ، والعطف عليهم والرفق بهم ومحبتهم.
♦ شهادات الشكر والتقدير المميزة والتي تثير فيهم التنافُس الشريف.
♦ الهدايا العينية المناسبة بدون إسهاب.
♦ العفو والتسامح عن هفوات التلاميذ، وإشعارهم أن ذلك من أجل إجلال القرآن الكريم.
♦ تقديم المجيدين منهم للقراءة في الحفلات والنشاطات المدرسية.
♦ اتخاذ أسلوبٍ مميزٍ لحصة القرآن الكريم يشعرهم بتميزها عن غيرها من المواد، ويزيدهم تشوقًا لها.
14 - على المعلم أن يوزع الأسئلة والأجوبة على جميع الطلاب، ولا يحصرها في فئةٍ معينة منهم.
15 - أن تكون أساليب التعزيز التي يستخدمها المعلم مع طلابه لها طابع خاص بحصة القرآن الكريم في الغالب مثل: بارك الله فيك، أقرَّ الله بك عيني والديك، جعلك الله من حملة القرآن الكريم... إلخ.
16 - أهمية قراءة المعلم الآيات للطلاب قراءة نموذجية حتى يتعود الطالب على القراءة الصحيحة، وإعطاء الحروف حقها ومستحقها من أحكام التجويد وقواعده، من خلال متابعة المعلم ومحاكاته وترديدهم معه الآيات.
17 - على المعلم مراعاة النقاط التالية أثناء تلاوة التلميذ:
♦ السعي إلى تخليص لسان التلميذ من عيوب النطق، كالفأفأة، والنأنأة، ونحو ذلك.
♦ منع سريان اللهجات العامية إلى تلاوة التلميذ.
♦ مراعاة أحكام التجويد وقواعده تطبيقيًّا فقط.
♦ تعريف التلميذ بالمصطلحات والعلامات الموجودة في المصحف.
♦ تعويد التلاميذ على تعظيم القرآن الكريم قولاً، وفعلاً؛ مثل: عدم الكلام أثناء قراءة القرآن الكريم.
المطلب الثالث: مرحلة التقويم ( استمرار للنجاح):
1 - الاهتمام بمحاسَبة النفس وتقويمها باستمرار، وذلك عن طريق:
♦ التقويم الذاتي.
♦ تقويم المشرف.
♦ تقويم الزملاء المعلمين.
♦ تقويم الطلاب.
2 - توجيه الطلاب إلى أهمية الانضمام إلى حلقات القرآن الكريم في المساجد، وتشجيع المنتظم فيها.
3 - اختيار الطلاب البارزين في تلاوة القرآن للقراءة في الإذاعة المدرسية والحفلات.
4 - الاستفادة من الأنشطة المدرسية وعمل مسابقات خاصة بالقرآن.
5 - إلقاء بعض الكلمات بعد صلاة الظهر من قبل المعلم أو أحد الطلاب للتذكير بأهمية القرآن.
6 - محافظة المعلم على نموه المعرفي والتربوي والمهني، وذلك بأمور منها:
♦ الزيارات المتبادلة بين المعلمين.
♦ اللقاءات التربوية والمشاغل التربوية والدورات التدريبية.
♦ القراءات الموجهة مِن قِبَل المُشرف.
♦ القراءة العامة والتخصُّصيَّة[27].
والله أسأل أن يجعلنا من حفَظة كتابه، العاملين بما فيه، وأن يكون القرآن حجة لنا لا علينا، اللهم آمين.
فإن وفِّقت فيما قلتُ وكتبت فمن الله تعالى، وإن كانت الأخرى فمن نفسي والشيطان، والله ورسوله منه براء.
الحمد لله رب العالمين.
ـــــــــــــــــــــ
[1] الجديدان؛ أي: الليل والنهار؛ راجع "مختار الصحاح" ص119.
[2] البيتان قالهما أحمد شوقي.
[3] الحديث أخرجه: البيهقي في "سننه الكبرى"، في كتاب: "آداب القاضي، باب ما يقضي به القاضي" 10/114ح (20123)، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - بلفظ: ((يا أيها الناس...)).
[4] ذكره المُنْذري في "الترغيب والترهيب" ج 3 / ص 351.
[5] راجع "مناهل العرفان في علوم القرآن"؛ للشيخ محمد عبدالعظيم الزرقاني 1/15 وغيره.
[6] راجع: "التبيان في آداب حملة القرآن"؛ للإمام النووي - رحمه الله - ص72 وما بعدها بتصرف وغيره، وهو من أقيم الكتب في بابه، وينبغي أن يدرس للطلاب حتى يكون عند الطلاب التحفيز لقراءة ودراسة القرآن الكريم وحفظه.
[7] راجع كتاب "حفظ القرآن الكريم وتعليمه"؛ لِمؤلفه د/ حمد بن ناصر بن عبدالرحمن العمار.
[8] أخرجه: الترمذي في أبواب: فضائل القرآن، باب: ما جاء فيمن قرأ حرفًا من القرآن ما له من الأجر 3 / 9 رقم ( 3087)، وقال الترمذي: حسن صحيح، وصححه الألباني - رحمه الله.
[9] أخرجه البخاري في كتاب: تفسير القرآن، باب: سورة عبس 6 / 95 رقم 4937، وأخرجه مسلم واللفظ له في كتاب: صلاة المسافرين وقصرها، باب: فضائل الماهر بالقرآن والذي يتتعتع فيه 1 / 549 - 550 رقم 798.
[10] أخرجها: مسلم في نفس الكتاب والباب السابقين نفس الموضع السابق برقم (798).
[11] أخرجه مسلم في صحيحه في كتاب صلاة المسافرين باب فضيلة حافظ القرآن 1/549ح (797).
[12] أخرجه: مسلم في نفس الكتاب السابق، باب فضل قراءة القرآن وسورة البقرة 1/553 ح رقم (804).
[13] أخرجه: البخاري، في كتاب: فضائل القرآن، باب: اغتباط صاحب القرآن 4 / 1919 رقم (4738).
[14] راجع "التبيان في آداب حملة القرآن"؛ للإمام النووي - رحمه الله - ص72 وما بعدها بتصرف.
[15] أخرجه البخاري في كتاب: فضائل القرآن، باب: ((خيركم من تعلم القرآن وعلمه)) 4/1919 ح (4739).
[16] أخرجه البخاري في نفس الموضع السابق 4/1919 ح برقم (4740).
[17] أخرجه مسلم في كتاب: صلاة المسافرين وقصرها، باب: فضل قراءة القرآن في الصلاة وتعلمه 1 / 552 - 553 رقم 803.
[18] أخرجه البخاري في كتاب فضائل القرآن باب تعليم الصبيان القرآن 4/1922 ح برقم (4748).
[19] أخرجه: مسلم في كتاب: الذّكْر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب: فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر 4 / 2074 رقم 2699.
[20] أخرجه: مسلم في كتاب: صلاة المسافرين وقصرها، باب: فضل من يقوم بالقرآن ويعلمه، وفضل من تعلَّم حكمة من فقه أو غيره فعمل بها وعلمها 1 / 559 رقم 817 بقصة في أوله.
[21] أخرجه: ابن ماجه في المقدمة، باب: فضل من تعلم القرآن وعلمه 1 / 42 رقم (215) وقال البوصيري في الزوائد: إسناده صحيح، ووصححه الشيخ الألباني - رحمه الله - في صحيح سنن ابن ماجه.
[22] راجع "المعجم الوسيط" ص 637 بتصرُّف يسير.
[23] راجع تسرب الطلاب من الحلقات القرآنية ص8 وما بعدها بتصرف يسير.
[24] راجع تسرب الطلاب من الحلقات القرآنية ص11وما بعدها بتصرف يسير.
[25] راجع المقومات الأساسية لمعلم القرآن الكريم ص6 وما بعدها بتصرف يسير.
[26] راجع إدراك المعلم للأساليب التربوية الفعالة في حلقات الجمعيات الخيرية ص6 وما بعدها بتصرف يسير، وقد بين المؤلف الأساليب التربوية سواء في تعليم القرآن الكريم أو في تلاوته أو فهمه أو في حفظه، فلتراجع هناك بالتفصيل.
[27] راجع كيف نجعل حصة القرآن الكريم ناجحة. أ. محمد بن خالد الخضير ص 8 وما بعدها بتصرف يسير - شبكة المعلومات الدولية.