ثانيًا: أسباب خاصة بالمعلِّمين:
1 - أحيانًا عدم استشعار الإخلاص والنية لدى المعلم، واعتباره تعليم التجويد وظيفة ليس إلا!
2 - أحيانًا ضيق أُفُق المعلم.
3 - أحيانًا الضعف الأصلي بشخصية المدرس، مما يجعله غير قادر على إدارة الصف بشكل جيد، أو يُسيء معاملة الدارسين من حيث لا يدري.
4 - عدم حب وميل المعلم لتدريس هذه المادة لسبب أو لآخر.
5 - عدم قيام بعض المدرسين بتثقيف أنفسهم وتطويرها.
6 - افتقار المعلِّم للمهارات التربويَّة في تدريس مادة القرآن الكريم.
7 - ضعف المدرِّس علميًّا، وافتقاره لتطبيق أحكام التجويد جيدًا، وقلة خبرته تربويًّا، أو مخالفة قوله لعمله.
8 - حرص المعلم على حقوقه دون الالتفات لحقوق الدارس.
9 - إسناد تدريس مادة القرآن الكريم أحيانًا لِمَنْ ليس لها أهلاً أو لمن لا يهواها، فيجبر على تدريس القرآن وهو غير راغب، وبالتالي ينعكس على تدريسه للمادة بالسلْب.
هذه بعض الأسباب التي تتعلق بالمعلِّم نفسه.
ثالثًا: أسباب خاصَّة بالدَّارسين:
1 - عدم استشعار الدارس بفضل تعلُّم تجويد القران.
2 - ضعف اللغة العربية لدى الدارسين بشكل يتعذر معه تعلُّم التجويد.
قلتُ: وهذا شكل ملحوظ في فئة عريضة من الطلاب إلى جانب ضعفهم بالإملاء، وبالتالي يتعسرون في القراءة العادية، فضلاً عن قراءة القرآن الكريم؛ لأنَّ قراءة القرآن الكريم تتطلب مهارات معينة مفقودة عندهم.
3 - حضور الدارسين إلى الصف مع فتور همَّتهم، وعدم الرغبة في الحفظ وتعلم للقرآن، فمادة القرآن عندهم لا تستحوذ إلا على القليل من فكرهم، بخلاف غيرها من المواد التعليميَّة.
4 - شُعُور الدارس بانصراف المعلم عنه، كأن يكون المعلم ممن يعتنون بمجموعة من الطلاب دون الآخرين، ولا شك أن الطالب يريد أن يجد مكانه في الصف، وأن يحظى بشيء من اهتمام المعلم، فإذا قابله المعلم بالإغفال تأثر الدارس وكسل وغاب.
5 - أن يجد الدارس تحقيرًا أو استصغارًا لشأنه من أقرانه، أو من المجتمع أحيانًا، أو من المعلِّم، كأن يجري المعلم مقارنة بين طالبَيْن أو مجموعة طلاب من أجل بث روح التنافُس بينهم، دون مراعاة الفروق الفردية بينهم.
6 - تعوُّد الدارس على الإسراف في الترفيه، واللهو المباح، لدرجة تجعله لا يحتمل الأمور الجادة؛ مثل: تعلُّم التجويد.
7 - تفضيل ضعاف النفوس المغريات الأخرى من وسائل الترفيه، وأماكن اللهو على حفظ ودراسة القرآن الكريم.
8 - استحواذ الشيطان على الدارسين وتخويفهم وتيئيسهم من الاستمرار في الحفظ ودراسة القرآن، فيلقي الشيطان في نفوس البعض بأنه إن حفظ أو درس القرآن، يمنعه من التصرُّفات التي يريدها مما تخالف هواه، فيشعر بأن دراسة القرآن الكريم وحفظه عبءٌ على سلوكه.
رابعاً: أسباب متعلِّقة بالبيئة المحيطة بالدارس، ويُمكن تلخيصُها فيما يأتي:
1 - كثرة عدد الطلاب في الصف.
2 - عدم اهتمام الأسرة بتحفيظ القرآن الكريم وتدريسه؛ فمثلاً: تُعتبر مادة القرآن عند البعض أقل مادة يلتفت إليها، فلربما سعت الأسرةُ في تقوية الطالب عند شعورهم بضعفه في مادة ثقافية، بِخِلاف القرآن، مما يجعل الطالب لا يقبل ولا يهتم بمادة القرآن الكريم وتدريسه.
3 - عدم مناسبة الزمان والمكان بالنسبة للدارس.
4 - عدم أخذ حافظ القرآن الكريم وضعه ومكانته بين طبقات المجتمع، بخلاف مَن يتفوَّق في مجال دراسي آخر، كالطب مثلاً وغيره، مع الإغفال عن مكانة معلم القرآن الكريم ومن يحفظه، من خلال النصوص الشرعية الحافلة بتكريم هؤلاء مما سبق بيانه.
5 - الترف الزائد وغياب الوعي عن أثر تدريس مادة القرآن الكريم في تنشئة وتهذيب نفوس الدارسين.
خامسًا: أسباب تتعلَّق بطريقة التدريس[23]:
1- مثل: طريقة تدريس وعرض منهج التجويد.
2- هذا بالإضافة إلى إغفال المعلِّم للأساليب التربويَّة، والتقنيات الحديثة؛ مثل: معامل الحاسوب وغيرها من التقنيات؛ حيث نجد بعض المعلمين الذين يَلزمون طريقة واحدة في التدريس، وهي طريقة شيوخهم الذين درسوا على أيديهم، بينما يُغفلون الجوانب النفسية عند الطلاب، واحتياجهم إلى أساليب التجديد، والتحفيز، والتشويق، والتشجيع.
وقد لوحظ دور مثل هذه المعامل الحاسوبية، والاستفادة من التقنيات الحديثة في إنجاح تدريس مادة القرآن الكريم، كما هو موجود ومطبق في بعض مدارس الكويت؛ حيث يتم استخدام مختبرات ومعامل الحاسوب في تدريس مادة القرآن الكريم.
المبحث الثالث
العلاج للأسباب السابقة
أولاً: علاج الأسباب الخاصة بالنظام العام للدارس:
1 - شُعُور الأمة بأهمية دراسة القرآن الكريم، واستشعارها بهذا الأمر يدفعها حتمًا إلى تهيئة المنهج المناسب للدارس، مع زيادة زمن الحصص المخصصة لتدريس مادة القرآن الكريم.
ويُمكن التركيز على شريحة من الطلاب، خاصة ممن يقومون في المستقبل بتدريس مادة القرآن الكريم أو خطباء للمساجد، وأئمة للمصلين، وذلك بتكثير حلقات التحفيظ.
2 - بث روح الاعتزاز بكتاب الله في الطالب، ومِن ثَمَّ الاعتزاز بدينه وهُويته الإسلامية العربية[24].
3 - إنشاء معاهد ابتدائية تقوم بتحفيظ وتدريس القرآن الكريم من سن مبكرة.
4 - الاهتمام وحُسن الاختيار للطلاب المجيدين للحفظ، ودراسة القرآن الكريم ممن سيتخصصون في المستقبل بتدريس القرآن الكريم، مع عدم الإغفال لباقي شرائح الطلاب على كافة المستويات.
5 - تقويم ألسنة الطلاب، والعمل على إجادة النطق السليم للغة العربية، وإثرائهم بجُملة وافرة من مفرداتها وأساليبها.
6 - شغل الشباب بمعالي الأمور ورفيع المنازل.
7 - فتْح آفاقٍ جديدة وواسعة أمام الشباب على معاني القرآن الآسرة، وحقائقه الفذة التي تفجر الطاقات الإبداعية.
8 - أن تقومَ الإدارة باختيار المعلم الناجح الذي يجمع بين العلم بأحكام التجويد، والحِس التربوي، والذي يملك من قوة الشخصية والثقة بالنفس ما يُعينه على أداء مهمته بنجاح.
9 - كما ينبغي للإدارة أن تعين المعلم على معرفة المدخل التربوي لكل مرحلة عمرية، ولكل نوع من الأمزجة، وذلك من خلال إقامة دورات نفسية وتربوية للمعلمين.
10 - وأيضًا في نفس الوقت يجب أن تعين الإدارة مُعلميها على متابعة التطوُّرات الحديثة في تعليم التجويد، من خلال لقاءات مع المتخصصين، مع تشْجيعهم على تعليم أنفسهم بشكْلٍ مستمر من خلال القراءة، والبحث في هذا المجال ومراسلة المختصِّين.
ثانيًا: الأسباب التي تتعلَّق بالمعلم، فيُمْكِن علاجُها على النَّحْو التالي:
1 - انتقاء النُّخبة الممتازة والمؤهَّلة من المعلمين حفظًا لكتاب الله تعالى، وتطبيقًا لأحكامه وتجويده للقيام بتدريس القرآن الكريم.
2 - انتقاء المعلمين الرَّبَّانيين الذين يكونون قدوة للدارسين علميًّا وأخلاقيًّا؛ حيث ينبغي أن يتوفر في معلم القرآن صفات كثيرة أهمها: التمسُّك باعتقاد السلف الصالح[25]، إخلاص النية لله تعالى، والالتزام الأخلاقي بأوامر القرآن واجتناب نواهيه، والإلمام بأساسيات عُلُوم الشريعة.
3 - إسناد تدريس القرآن الكريم بالاختيار للمعلم، ولا يكون إجباريًّا حتى يثمر فيه ويبدع في مجال عمله.
4 - إعلاء شأن معلمي القرآن الكريم، وحفظ مكانتهم بين طبقات المجتمع، بإظهارهم بما يليق بمن يدرِّس كتاب الله تعالى.
5 - تحفيز المعلمين للقرآن الكريم ماديًّا ومعنويًّا، والكفالة لهم بمعيشة كريمة.
هذه بعض الأمور التي يمكن أن تعالج ما سبق من الأسباب التي تتعلق بالمعلم نفسه، والله أعلم.
ثالثًا ورابعًا: علاج الأسباب التي تتعلق بالدارس نفسه والبيئة المحيطة بالدارس:
1 - خلق وبث روح الإيمان بفضل تعلم وحفظ كتاب الله تعالى.
2 - التركيز على آداب تلاوة القرآن الكريم.
3 - تقوية الدارس باللغة العربية وأصول الكتابة والنطق من الصغر؛ حتى يسهل عليه الحفْظ ودراسة القرآن الكريم.
4 - الاهتمام من جانب الأسرة بأبنائها لحفظ كتاب الله تعالى، وتشجيعهم على ذلك بالحافز المادي والمعنوي والهدايا وغيره، وأخذهم بالاعتبار تنشئة أبنائهم تنشئة إسلامية ليمتد لهم الأجر بعد الممات.
5 - التحفيز من جانب المجتمع لحفظة القرآن، ودعمهم وإبراز مكانتهم في الوسائل الإعلامية وغيرها، وبث روح التنافس بإجراء المسابقات في حفظ كتاب الله تعالى وتجويده.
6 - اختيار حسن الصُّحبة للدارسين من الطلاب، وبث الأمل فيهم.
7 - محاولة صرف الشواغل من الملهيات والمثبطات للهمم والعزيمة عن حفظ كتاب الله تعالى وتعلمه، إلى الشغف والتعلق بكتاب الله تعالى وتعلمه وتعلم أحكامه.
خامسًا: علاج الأسباب التي تتعلَّق بطُرُق التدريس للقرآن الكريم:
1 - عدم الإغفال كليَّة عن الطريقة التقليدية من التلقين التي كانت منتشرة بالكتاتيب، والمزاوجة بين الطريقة القديمة والوسائل والتقنيات الحديثة من معامل الحاسوب وإمكانية الاستفادة منها.
2 - تنوُّع الطُّرق في تدريس مادة القرآن الكريم، استخدام عناصر التشويق، وخاصة في تدريس الأحكام التجويدية.
3 - عدم إغفال المعلم لمراعاة الفروق الفردية بين الدارسين ونفسية الدارس، وخاصة مع كثرة الشواغل والصوراف في هذا الزمان والملهيات.
4 - ويمكن للمعلم أن ينجحَ في تدريس القرآن الكريم، إذا توفرت عنده الرغبة الصادقة في تعليم القرآن الكريم لأولاد المسلمين، ومحبة ذلك من أجل مرضاة الله تعالى.
5 - وأن يُعَوِّد المعلم تلاميذه على عدم تجاوز تلاوة سورة حتى يربط أولها بآخرها، والتلاوة اليومية[26].
هذه بعض الأمور المقترحة لعلاج الأسباب التي تعوق دراسة مادة القرآن الكريم، والملاحظ تداخل الأسباب بعضها مع بعض أحيانًا؛ وذلك لأنها عبارة عن حلقات مترابطة، كل منها يرتبط بالآخر.