قال ابن جرير:
قال:عبد الله بن المبارك، قال: سمعت سفيان، يقول: فالصالحات يعملن بالخير. وقوله: {قانتات} يعني: مطيعات لله ولأزواجهن. وأما قوله: {حافظات للغيب} فإنه يعني: حافظات لأنفسهن عند غيبة أزواجهن عنهن في فروجهن وأموالهم، وللواجب عليهن من حق الله في ذلك وغيره. ، عن قتادة: {حافظات للغيب} يقول: حافظات لما استودعهن الله من حقه، وحافظات لغيب أزواجهن, وعن السدي: {حافظات للغيب بما حفظ الله} يقول: تحفظ على زوجها ماله وفرجها، حتى يرجع كما أمرها الله., وعن ابن جريج، قال: قلت لعطاء: ما قوله: {حافظات للغيب} قال: حافظات للزوج., عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خير النساء امرأة إذا نظرت إليها سرتك، وإذا أمرتها أطاعتك، وإذا غبت عنها حفظتك في نفسها ومالك" قال: ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: {الرجال قوامون على النساء}... الآية.(النساء. آية: 34)
قال أبو جعفر: وهذا الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدل على صحة ما قلنا في تأويل ذلك، وأن معناه: صالحات في أديانهن، مطيعات لأزواجهن، حافظات لهم في أنفسهن وأموالهم.أ.هـ
قال القرطبى:
قوله تعالى: "فالصالحات قانتات حافظات للغيب"
هذا كله خبر، ومقصوده الأمر بطاعة الزوج والقيام بحقه في ماله وفي نفسها في حال غيبة الزوج.أ.هـ
وفى تفسير الجلالين فى معنى الآية:
فالصالحات) منهن (قانتات) مطيعات لأزواجهن (حافظات للغيب) أي لفروجهن وغيرها في غيبة أزواجهن (بما حفظ) لهن (الله) حيث أوصى عليهن الأزواج.أ.هـ
قال المناوى فى فيض القدير:
أي الجميلة العفيفة الدينة فإنها خير ما يكنز وادخارها أنفع من كنز الذهب والفضة,
قال القاضي المرأة الصالحة: أنفع من الذهب فإن الذهب لا ينفع إلا بعد الذهاب وهي ما دامت معك رفيقتك تنظر إليها تسرك وتقضي إليها عند الحاجة وطرك وتشاورهما فيما يعن لك فتحفظ سرك وتستمد منها في حوائجك فتطع أمرك وإذا غبت تحامى مالك وترعى عيالك ولو لم يكن إلا أنها تحفظ بذرك وتربي زرعك لكفى به فضلاً.أ.هـ
**ولذلك فقد أنزلك الله منزلة عظيمة , وشرع من الشرائع فىكتابه العظيم وفى هدى نبيه الكريم ما فيه الحفاظ عليك وما أدراك ما الحفاظ عليك فمن ذلك :ـ
شرع الله الحجاب للمرأة المسلمة وما أدراك ما الحجاب , عفة وطهارة ورفع للقدر والمكانة وستر ومهابة , وبعد عن الشبه والريب ومظنة العهر والزنا , ودفع الطمع فى نفوس ذوى القلوب المريضة عن العفيفات الطاهرات , ولذلك شرع معه آداب الكلام , وعدم الخضوع فى القول , لقطع كل طمع وسبيل على المغرضين المائلين الذين مرضت قلوبهم بمرض الشهوة, فصاروا كالأنعام أو أشبه بذلك بل قد يكونوا أضل سبيلا, والعياذ بالله تعالى.
قال تعالى:
{وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون}سورة النور. آية: 31
قال القرطبى:
فلا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تبدي زينتها إلا لمن تحل له؛ أو لمن هي محرمة عليه على التأبيد؛ فهو آمن أن يتحرك طبعه إليها لوقوع اليأس له منها.أ.هـ
*قلت : بل شدد الشرع فى الحفاظ على المرأة وصانها من كل أجنبى حتى ولو اكن قريب الزوج أو رحمه , ففي الحديث الذى أخرجه البخارى فى كتاب النكاح:
عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَرَأَيْتَ الْحَمْوَ قَالَ الْحَمْوُ الْمَوْتُ *
الحمو: أخو الزوج وما أشبه من أقارب الزوج ابن العم ونحوه.
قال القرطبي في المفهم:(قال الحمو الموت) المعنى أن دخول قريب الزوج على امرأة الزوج يشبه الموت في الاستقباح والمفسدة أي فهو محرم معلوم التحريم. وإنما بالغ في الزجر عنه وشبهه بالموت لتسامح الناس به من جهة الزوج والزوجة لإلفهم بذلك حتى كأنه ليس بأجنبي من المرأة. فخرج هذا مخرج قول العرب الأسد الموت، والحرب الموت، أي لقاؤه يفضي إلى الموت. وكذلك دخوله على المرأة قد يفضي إلى موت الدين أو إلى موتها بطلاقها عند غيرة الزوج أو إلى الرجم إن وقعت الفاحشة.أ.هـ
قال القرطبى فى بقية معني الأية :
أمر الله سبحانه وتعالى النساء بألا يبدين زينتهن للناظرين، إلا ما استثناه من الناظرين في باقي الآية حذارا من الافتتان، ثم استثنى، ما يظهر من الزينة؛ واختلف الناس في قدر ذلك؛ فقال ابن مسعود: ظاهر الزينة هو الثياب.أ.هـ(وقال أخرون غير ذلك)
وقال: قال ابن عطية: ويظهر لي بحكم ألفاظ الآية أن المرأة مأمورة بألا تبدي وأن تجتهد في الإخفاء لكل ما هو زينة، ووقع الاستثناء فيما يظهر بحكم ضرورة حركة فيما لا بد منه، أو إصلاح شأن ونحو ذلك. فـ "ما ظهر" على هذا الوجه مما تؤدي إليه الضرورة في النساء فهو المعفو عنه.
وقال:
الزينة على قسمين: خلقية ومكتسبة؛ فالخلقية وجهها فإنه أصل الزينة وجمال الخلقة ومعنى الحيوانية؛ لما فيه من المنافع وطرق العلوم. وأما الزينة المكتسبة فهي ما تحاوله المرأة في تحسين خلقتها؛ كالثياب والحلي والكحل والخضاب؛ ومنه قوله تعالى: "خذوا زينتكم" [الأعراف: 31].
وقال:
من الزينة ظاهر وباطن؛ فما ظهر فمباح أبدا لكل الناس من المحارم والأجانب؛ وأما ما بطن فلا يحل إبداؤه إلا لمن سماهم الله تعالى في هذه الآية، أو حل محلهم. قال ابن العربي: وأما الخضاب فهو من الزينة الباطنة إذا كان في القدمين.