هذا والأحاديث والأخبار في نظافة الجسم والملابس والهيئة العامة للمسلم كثيرة مستفيضة، حتى بلغت إلى حد العناية بشعر الإنسان، فجاء قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من كان له شعر فليكرمه"[أبو داود].
وإكرام الشعر في الذوق الإسلامي يكون بتنظيفه وتمشيطه وتحسين هيئته، فقد كره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يدع الإنسان شعره مرسلاً مهملاً شعثًا، وشبه صاحبه لقبح منظره في هذه الحالة بالشيطان، وفي هذا تأكيد على شدة عناية الإسلام بحسن المنظر، وجمال الهيئة، على اعتبار أنها ذات صلة وثيقة ووطيدة بالنظافة والصحة في الأغلب الأعم.
ج- ومن تلك الإرشادات والقواعد، حث الاسلام لأبنائه على التداوي، وعلاج الأمراض قبل أن تستفحل أو يشتد خطرها، فعلى المربي اليقظ أن يبادر إلى مداواتهم إذا ظهر عليهم ما يريبه في شأن صحتهم، أو إذا اشتكوا أعراضًا غير طبيعية، قال - صلى الله عليه وسلم -: "تداووا، فإن الله عز وجل لم يضع داء إلا وضع له شفاء غير داء واحد". قالوا: ماهو؟ قال: "الهرم"[ أبوداود والترمذي].
ويتصل بذلك، وحفاظًا على صحة الأطفال وسلامتهم، أمر الإسلام لنا بإبعاد المريض الذي يحمل العدوى عن الصحيح الذي ينعم بالعافية، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "لا يوردن ممرض على مصح"[رواه مسلم]. والمستفاد منه ضرورة إبعاد المريض وأدواته عن الأصحاء حتى يعافيه الله، وبذلك وضع الإسلام أسسًا حارب بها المرض، ووضع العوائق أمام انتشار جراثيمه، حتى لا تنتشر فينتشر معها الضعف والتراخي والتشاؤم، ووفر الإسلام أسباب الوقاية بما شرع من قواعد النظافة الدائمة، والعادات الصحية السليمة.
د- مزاولة الرياضة: إن ممارسة الرياضة للملائمة لعمر الأبناء وميولهم على درجة كبيرة من الأهمية، لأن هذه الأجهزة التي زودنا الله بها تحتاج المحافظة عليها إلى استخدامها بأسلوب يحافظ على سلامتها، ويحرضها على النمو، وفوائد الرياضة كثيرة جدًا، خاصة وأن لها دورًا هامًا في بناء جسم الطفل، وتناسقه، واستواء عوده، وصرفه عن إهدار طاقته الزائدة فيما لا يفيد، بل وربما يضر، وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يشجع أصحابه عليها، فعن ابن عباس قال: مر النبي - صلى الله عليه وسلم - بنَفَر يَرْمُونَ فقال: "رَمْيًا بَنِي إِسْماعِيلَ فَإِنَّ أَبَاكُمْ كَانَ رَامِيًا"[ ابن ماجه]، وعن عبد الله بن الحارث قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصُفُّ عبد الله وعبيد الله وكثيرًا من بني العباس ثم يقول: "مَنْ سَبَقَ إِلَيَّ فَلَهُ كَذَا وَكَذَا". قال: فيستبقون إليه فيقعون على ظهره وصدره فيقبلهم ويلزمهم.
وكان عمر رضي الله عنه يقول: علموا أولادكم الرماية والسباحة وركوب الخيل. وما هذه الإرشادات القيمة، والوصايا النفيسة إلا تعبير عن أهمية الرياضة وفضلها في تكوين المؤمن القوي الذي ينشده الإسلام.
فلنَبْنِ عافية الأبدان:
إن الإسلام ينشد في أبنائه أجسامًا تجري في عروقها دماء العافية، ويمتلئ أصحابها قوة ونشاطًا، وهو عين ما ينشده الآباء والأمهات في أبنائهم؛ وتقع عليهم مسئوليته؛ لأن الأجسام الهزيلة لا يعول عليها في القيام بواجباتها، فضلاً عن أن تبذل خيرًا، أو تُسدي نفعًا، بينما الجسم الصحيح له أثره، لا في سلامة التفكير فحسب، بل في تفاؤل الإنسان مع الحياة والناس، فالله الله أيها المربون في هذه المسئولية، وليس مع الاستعانة بالله عجز، ولا مع اتباع تعاليم الإسلام حيرة وتردد، ولا جهل بتكاليف هذه التربية المنشودة إن سار المربون على هدْي منها، وترسَّموا خطاها، من اهتمام الوالدين أولاً بالثقافة والسلوكيات الصحية السليمة، وخاصة بصحة الأم في فترتي الحمل والرضاعة؛ لأن ذلك ينعكس على صحة الابن، وتبادر إلى تطعيم الأبناء في المواعيد المحددة لذلك، وتقديم وجبات صحية كاملة للأبناء (بروتينات حيوانية أو نباتية- نشويات- دهون- فيتامينات)، وأن تشيع الأم العادات الصحية السليمة فى بيتها وأبنائها (النظافة- غسل الأسنان بعد الأكل- غسل الأيدى قبل الأكل وبعده- التسوك- غسل الخضراوات والفاكهة- سنن الفطرة- آداب قضاء الحاجة- آداب الطعام والشراب)، وتهتم بالكشف الدوري للأبناء- إن أمكن- وعلى الأسنان كل 6 شهور، مع مراعاة سن التبديل للأسنان اللبنية، كما ينبغي أن نهتم بالثقافة الجنسية للأبناء (مثل تعليم الأبناء التعامل مع بعض الأعراض: التغيرات الجسمية والنفسية المصاحبة للبلوغ، آلام الحيض، حب الشباب)، وتعويد الأبناء على الاستيقاظ المبكر، والابتعاد عن السهر المرهق والمنهك للأعصاب، وتجديد طهارتهم ونشاطهم بالوضوء المتكرر والاغتسال الدوري، والتمارين الرياضية (ويفضل الاشتراك في نشاط رياضي بأحد النوادي لضمان الاستمرار والمتابعة والتحسين).
المصادر:
1- السنة مصدرًا للمعرفة والحضارة، يوسف القرضاوي.
2- خلق المسلم، محمد الغزالي، الإسكندرية- دار الدعوة، ط 3، 1411هـ- 1990م.
3- شخصية المسلم كما يصوغها الإسلام في الكتاب والسنة، محمد علي الهاشمي، بيروت- دار البشائر الإسلامية، ط10، 2002م – 1423هـ.
4- عصرنا والعيش في زمانه الصعب، د/ عبد الكريم بكار، دار القلم – دمشق، ط 1 1421-2000.
5- تربية الأولاد في الإسلام، عبد الله ناصح علوان، القاهرة - دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع، الجزء الأول، ط 21، 1412هـ- 1992م.
ـــــــــــــ
[1] إزالة شعر العانة ( الموجود حول الفرج) بالموسى أو بالنورة أو ما أشبه.