عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 18  ]
قديم 2010-03-14, 4:01 PM
يمامة الوادي
عضو متميز بالمنتدى
الصورة الرمزية يمامة الوادي
رقم العضوية : 7644
تاريخ التسجيل : 19 - 6 - 2005
عدد المشاركات : 43,494

غير متواجد
 
افتراضي




شقاوة العمر اللطيف!


كثيرون يتحدثون وينبهون أن مرحلة المتوسطة هي أخطر وأتعب مرحلة يمر بها الشاب وأهله !

وكثيرون يقولون: إنها مرحلة المغامرات، وتشكيل القناعات، والخروج عن المألوف، والتمرد على النفس، والبدء بالعصيان المدني !

ولكن في الحقيقة يمكن القول: إنَّ هذه المرحلة يمكن أن تمر بسلام، وأن تكون هي المحفز الأقوى للصمود والعطاء والتمرد الإيجابي!،

وهذا التعبير ليس بالضرورة يفهم في سياق قلتهم، إنما في سياق قوتهم وتماسكهم، والإعجاب بسلوكهم وعطائهم.

المرحلة المتوسطة باختصار تحتاج أمرين اثنين:
1- بيئة جيدة.
2- تربية مميزة.

وأنا على استعداد أن أتحدى بهذين الأمرين أعتى وأقوى من يحاول أن يؤثر على الشباب بكل عددهم وعتادهم!

لقد واجهت في المرحلة المتوسطة أخلاطاً من الشباب، لكن التربية المميزة، وبيئة المسجد، والجلوس فيه، والتشجيع على حفظ القرآن الكريم، كانت تواجه كل مشكلات الشباب بحزم، ولا تشارك في مغرياتهم أو فزعاتهم الوهمَّية!

كان خطاب (الأنا) عميقاً وعميقاً جداً.

وأحياناً كنت أخرج عن هذه الدائرة والبيئة أحياناً فأكتشف خطئي بسهولة، وأحس أنني قصَّرت في بعض العبادات.

مرة أخرى كانت أعماقي مليئة بجانب الخوف والخدر، مليئة بمفهوم الحساب والعاقبة، مليئة بمعنى "احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك".

ولو لا هذه المعاني القوية لكنت شاباً عادياً!

لا أزعم عدم الخطأ ، أو ممارسة فكرة أو تصرف غير محمود، لكنني أصدق نفسي أنني كنت مشبعاً بدرجة مميَّزة من طُهر البيت، والتذكير بالرقيب!

ولذلك فإنني عندما أرى اليوم حلقات تحفيظ القرآن الكريم التي يدرس فيها شباب المتوسطة أفرح يعلم الله فرحاً شديداً، وأدعمها بكل ما أملك، وأرى نور المستقبل كلما رأيت محافظتهم وسمتهم الصالح البريء!

ولا أكتمكم سراً أنني كلما رأيتهم استبشرت خيراً بمستقبل ابني (حمزة)!

دخلت في الصف الثاني متوسط مدرسة (حسان بن ثابت) بحي الجامعة بجدة، وكانت مدرسة عادية جداً، لم تعجبني طريقة طابور الشراء من المقصف، كما لم تعجبني آلية طابور الصباح!

فمرحلة الأول متوسط في سوريا لم يكن طابور الشراء ولا الوقوف بمثل هذا التخلف من الازدحام الشديد حتى يضيع وقت الفسحة.

ولا التخلف في الأماكن التي لا يستطيع المرء الجلوس لاستنشاق الهواء الجميل، أو الراحة في الحركة، والسبب باختصار: أن (الفسحة) كانت فترة لمباريات الفصول، وبالتالي الملعب أو (ساحة المدرسة) مشغولة تماماً!!

ومن هنا فإن مثلي لا يهوى (الكرة) لن يستمتع في الساحة لا بالحركة ولا بالقراءة ولا بأي نشاط، لأن الأصوات المزعجة في المباراة هي سيدة الموقف!

كان هذا العام (1405هـ)، لم يكن هناك أستاذ عليه أو منه خصال التدين الشامل المحمود، فالأغلب يسب ويشتم ويضرب بمن فيهم أساتذة الدين، حاشا رجلاً خمسينياً كبير السن، معه (العصا) فقط!!

نعم لم يكن يسب أو يشتم لكنه كان يضرب بالخيزران كل من هب ودب!

قبل نهاية مرحلة الثاني متوسط، طلب مني هذا المدرس الكبير أن أكون مندوباً عن المدرسة وممثلاً لها في رحلة ستقام لمدة يومين لكل مدارس المتوسطة في جدة، والعجيب أن مكان الرحلة مدرسة كذلك!!

قلت حينها للأستاذ: ولكن ألا يمكن أن آخذ معي طالب آخر للمشاركة؟ فقال: من ترشح يا ولدي؟ فقلت: فلاناً، وكان شاباً مصرياً مهذَّب الأخلاق لا ينبس ببنت شفة!
فوافق المدرس، وحضرت أنا وصديقي ممثلين عن المدرسة.

كان عنوان المدرسة (الثانوية الشاملة)! ولم يكن هناك برنامج يُذكر، سوى بعض الألعاب، والمسابقات الخفيفة، ثم كانت مسرحية ختامية، كان قد أعدَّها بعض الأساتذة الملتزمين عن مشكلات الشباب، والتي كان ختامها أنشودة (مؤامرة تدور على الشباب) وهي من ضمن شريط (الدمام1)!

في هذه الرحلة تعرفت على شخص كان أصغر مني بسنتين، ولا أدري لعله حينها كان في السادس ابتدائي، أو أول متوسط، وكان صامتاً جداً، قليل الحركة، قليل المشاركة، اضطررت أن أتعرف عليه حينها، لأنه كان بجواري في الفصل -عفواً- غرفة النوم، إنه أخي وصديقي الشاعر الأديب والشيخ الأريب، والخطيب، والكاتب والإعلامي، عميد كلية اللغة العربية بجامعة أم القرى الدكتور: (عادل باناعمة!).

وفي مرحلة الثالث متوسط بدت علائم (التدين) لأستاذ التفسير، وكان من أهل مكة، ولأول مرة نؤدي صلاة الضحى في المدرسة في الفسحة، ولأول مرة نجتمع في مسرح المدرسة، فترة الفسحة، بعيداً عن الضجيج والصخب.

وكان أستاذاً عاقلاً وحكيماً، لأنه لم يفرض أي لقاءات أو دروس أو ما شابه ذلك فترة الفسحة، لأننا في مدرسة وكل وقتها تعليم!

ولكنه كان يجمعنا، ويجلس معنا للمؤانسة، وتبادل الرأي العام، وأحياناً كثيرة يسمح لنا بالاستمتاع في المسرح، لنجلس كل إثنين، أو ثلاثة، أو أكثر، و(نتحكى) أو نتبادل القصص، وكان يعطينا الخيار، لمن رغب أن يشارك في اللعب أو المذاكرة أو الحوار أو...

نعم كنت أحب اللعب (كرة القدم) ولكن داخل البيوت في الأعم الأغلب، وأحياناً ألعب بجوار منزل الأخ والصديق والمحاضر والمدرب، أستاذ التربية البدنية بجامعة أم القرى، الأستاذ (بدر فلاته)، والذي هو حالياً (مدير فرق فور شباب)!!

إن مرحلة (المراهقة) بالنسبة لي كانت لطيفة وسهلة وبريئة، وإن لم تخل أحياناً من آحاد المضاربات (الفزعات)، والتمرد على الذات، والخلل في الأولويات!!


توقيع يمامة الوادي




هل جربت يوماً اصطياد فكرة رائعة !؟
لـتـصوغـهـا فـي داخـلـك
وتـشحـنهـا بنبض قـلـبـك
وتعـطرهـا بطيب بروحك
وتسقـيـهـا بمـاء عـرقـك
حتى تنضج وتصنع منك إنساناً مبدعاً ؟