عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 12  ]
قديم 2010-03-14, 3:21 AM
يمامة الوادي
عضو متميز بالمنتدى
الصورة الرمزية يمامة الوادي
رقم العضوية : 7644
تاريخ التسجيل : 19 - 6 - 2005
عدد المشاركات : 43,494

غير متواجد
 
افتراضي











خلطة التعليم

إلى فترة قريبة كان يأتني حلم تكرر عليَّ عشرات المرات، وبنفس الصيغة، خلاصته إنني لم أتخرج من الجامعة،
وأنهم اكتشفوا أن مادة بقيت عليَّ من النظام لم أدرسها، وإن كنت في الحقيقة قد درست كل المواد المطلوبة
وشهادتي بيدي!

لعل هذا الحلم يعبّر عن حالة التنقل والمعاناة التي أصابتني أثناء مراحل الدراسة.

وقصتي مع الدراسة لا أرى وصفاً يناسبها إلا (الخلطة)!
فقد درست الروضة (بجدة)، والابتدائي بمدرسة (ابن زهر) بدمشق، وأول المتوسط بمدرسة (عز الدين النموذجية) بدمشق كذلك،
وكنا ملمين بدراسة المواد العسكرية والفنون وحتى الفرنسية وهي اللغة التي اخترتها!
ثم واصلت المتوسطة في مدرسة (حسان بن ثابت) بجدة، وبعدها دخلت (ثانوية القدس) بجدة في تخصص (الكيمياء والأحياء)،
وكانت دراستي على قسمين في الثانوية قسم على نظام الثانوية الشاملة وهي نفس طريقة الجامعة في الحضور والانصراف الاختياري وتسجيل المواد حسب الطلب، وقسم منها انتظام كامل على الطريقة المعروفة اليوم.


وأما الجامعة، فكانت مرحلة البكالوريوس في جامعة الملك عبدالعزيز بجدة، بكلية العلوم في قسم الأحياء،
وبعدها مباشرة درس تخصصاً جديد آخر وهو دبلوم علوم النفس من نفس الجامعة،
ثم يلي ذلك تخصص جديد وهو دبلوم الشرعية العالي من جامعة أم القرى بمكة المكرمة -حرسها الله-،
وبعد أن أغلقت أبواب تقديم أوراق التسجيل للماجستير، انتقلت لدراسة ماجستير الشريعة في تخصص جديد كذلك
وهو أصول الفقه في الجامعة الوطنية باليمن،
ليستقر بي المقام في تخصص جديد كذلك وهو (الفقه المقارن) من جامعة الجنان بطرابلس في لبنان!!

ألا تظنون أن وصفة (الخلطة) هي عين ما حصل لي؟!
(خلطة) في التخصصات، و(خلطة) في الجامعات، و(خلطة) في التنقلات، و(خلطة) في الشخصيات،
و(خلطة) في اللغات، بل وحتى (خلطة) في الاهتمامات، والنظرات، والمنهجيات!!

ودعوني أقف عند كل مرحلة أو (محطة) لأنها في الحقيقة تعتبر تجربة فذّه خاصة مع التنقلات والمقارنات
وما وصلت إليه من قناعات، وما كنت مشغولاً به من اهتمامات.

وأعتقد أن التركيز على نقطتي (المقارنات، والاهتمامات) الناشئة عن القناعات هو أهم ما ينبغي أن أعرض له أثناء وصف كل مرحلة،
إذ إنه قد لا يتيسر لكثير من الناشئة ثم الشباب هذا التنقل لظروف عدة!
ولنبدأ حكاية المرحلة الابتدائية..

فقد بدأت الدراسة وعمري (6 سنوات) إلا قليلاً، وكانت في مدرسة (ابن زُهْر) ولم أكن حينها ولا بعدها بكثير أعرف من (ابن زُهر) هذا!
إلى أن قرأت كتب التاريخ الأندلسي وعرفت أنه كان طيباً أندلسياً بارعاً، خدم المرابطين، وابتكر عشرات طرق العلاج التي استفاد منها الناس .

ولم أكن أتخيل في حياتي أنني سأكون رجل إعلام، وأعود للمدرسة التي درست فيها المرحلة الابتدائية
لأصورها في برنامجي (مذكرات سائح2) في حلقة (سوريا)، وهي موجودة في (اليوتيوب).

كنا في طابور الصباح نسمع عبارة (وحدة عربية اشتراكية)!
وعبارة (أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة)!
وغير تلك الشعارات التي عدت إليها بعد ثلاثين سنة بالتمام والكمال فوجدت أنها تتكرر
في طابور الصباح مع زيادات اقتضاها حال العصر!

ومن الطريف أنني وأنا سارح في خيالي أثناء تصوير حلقة (سوريا) وجدت الصغار
يحملون (أكياس النفايات) ويقومون بتنظيف ساحات المدرسة!
وهذه عادة منذ تركت الدراسة في سوريا من ثلاثين سنة،
وهذه العادة الجميلة لازالت قائمة، إذ في كل يوم يأتي الدور على فصل من الفصول،
ويحضرون للمدرسة وجوباً قبل حضور الطلاب لتنظيف المدرسة قبل وأثناء الفسحة!
كانت الدراسة مختلطة، ولم تكن اهتمامات الصغار تدور حول الوساوس، إلابعض طلاب مرحلة الصف الخامس والسادس،
وكنت في الحقيقة منذ الصغر مقاطعاً الجلسة مع صغار الفتيان، وكنت بالفطرة -والله يعلم- أقول لأصدقائي في الفسحة،
(لازم الأولاد لحالهم والبنات لحالهم)!!

وأكثر ما كنت أخاف منه عندما تأتي لجنة التفتيش المكونة من عشرة أشخاص لمراقبة أستاذ المادة،
وقد يسألون أستاذهم الدائم الذي ربما يعاقبني إن لم أتجاوب مع لجنة التفتيش في حال لا قدر الله يسألوني عن شرح مدرسي بغتة!!

كانت أمي -حفظها الله- تكثر الزيارة للمدرسة، وتسأل عن دراستي وعلاقتي بإدارة المدرسة،
وهذا من أهم دوافع حبي للدراسة.

ولكني في الوقت نفسه كانت تنتابني لحظات خوف وقلق من الدراسة لأنني لم أكن أحصل على التشجيع الكافي رغم وجوده بين فترة وأخرى، والاختيار المناسب لنوعية أدوات الدراسة.

فقد كان والدي -رحمه الله- يتركني أشتري أدوات الدراسة لوحدي من المكتبة،
ظناً منه أن اختياري سيساعد على الإبداع.

وهذا صحيح من الناحية التربوية في حالة وجود الأب مع الابن.

والصغير مهما كان صغيراً بحاجة إلى من يقف معه، ويسأله عن دراسته،
بل ولربما يفصل نوعاً ما عن حياته الدراسية، ويديم تشجيعه.

وعندي حالات عملية على نجاح هذه القاعدة أثناء تدريسي لطلاب المرحلة الابتدائية سيأتي الحديث عنها.

وأخطر شيء في المرحلة الابتدائية أن يكتم الصغير مواقف مزعجة، أو يحرم من مطالب متنوعة.

وأنا إلى اليوم أتذكر أنني كتمت أشياء وأشياء وأشياء، قد تبدو بسيطة،
ولكنها في عمري ونوعية اهتماماتي كبيرة!!


وللحديث بقية...
على العمري


توقيع يمامة الوادي




هل جربت يوماً اصطياد فكرة رائعة !؟
لـتـصوغـهـا فـي داخـلـك
وتـشحـنهـا بنبض قـلـبـك
وتعـطرهـا بطيب بروحك
وتسقـيـهـا بمـاء عـرقـك
حتى تنضج وتصنع منك إنساناً مبدعاً ؟