عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 2  ]
قديم 2010-03-03, 10:43 PM
طموح جامح
عضو جديد
رقم العضوية : 105025
تاريخ التسجيل : 28 - 2 - 2010
عدد المشاركات : 66

غير متواجد
 
افتراضي

وأما هندٌ فقد أصبحت بعدها موجة بشر بحرها وزهرة بشر عطرها،
تقطف من محياه كلما مرّ بعضاً من الحياة فكيف تعيش إن حجب عنها؟؟

وأما بشر فقدخاف على نفسه من الفضيحة فارتحل إلى بطحاء تراب ليلاً.
ووقفت جارية هند على أمره فأعلمت سيدتها،
فاشتد عليها ذلك ومرضت مرضاً شديداً فبعث زوجها إلى الأطباء فقالت له:

"لا تبعث إليّ طبيباً فإني عرفت دائي، قهرني جني في مغتسلي فقال لي:
تحولي عن هذه الدار فليس لك في جوارنا خير"

فأجابها الزوج: ما أهون هذ"ا فقالت: "إني رأيت في منامي أن أسكن بطحاء تراب"
فقال: "اسكني بنا حيث شئت"

فاتخذت هنا كداراً على طريق بشر وجعلت تمضي الأيام في النظر إليه كل غداة إذا غدا إلى رسول الله
حتى برئت من مرضها وعادت إلى حسنها، فقال لها زوجها: "إني لأرجو أن يكون لك عندالله خير
لما رأيت في منامك أن أسكني بطحاء تراب فاكثري من الدعاء".

وكانت مع هند في الدار عجوز فأفشت إليها أمرها وشكت إليها ما أبتليت به وأخبرتها أنها خائفة أن يعلم بشر
بمكانها فيترك الممر ويأخذ طريقاً آخر فقالت لها العجوز: "لا تخافي فإني أعلم لك أمر الفتى كله
وإن شئت أقعدتك معه ولا يشعر بمكانك" فقالت "ليت ذاك قدكان". ولما همّت العجوز بالإنصراف قالت لها هند:

ساعديني واكشفي عني الكروب ثم نوحي عند نوحي ياجنوبْ
واندبي حظي ونوحي علناً إن حاليَ بَعْده شيءٌ غريبْ
ما رأت مثلي زليخا يوسفٍ لا ولا يعقوب بالحزنِ العجيبْ


فقعدت العجوز على باب الدار حتى أقبل بشر فسألته أن يكتب لها رسالة
إلى إبنها في العراق فقعد وراحت تملي عليه وهند تسمع كلامهما.
فلما فرغ قالت العجوزلبشر: "يا فتى، إني أراك مسحوراً "فقال لها:
"ما أعلمك بذلك؟"
فأجابته: "ما قلت لك إلا وأنا متيقنة فانصرف عني اليوم حتى أنظر في أمرك" .

ثم دخلت إلى هند وبشّرتها قائلة: إني أراه فتى حدثاً ولا عهد له بالنساء
ومتى ما أتى وزيّنتك وطيّبتك وأدخلتك عليه غلبت شهوته وهواه دينه.

وفي مرة كانت قد إتفقت فيها مع هند،
دعته لتنظر له نجمه فأدخلته إليها وأغلقت الباب عليهما فلم يشعر إلاّ والباب أقفل
ووقفت أمامه حسناء كأنها البدر وقد إرتمت عليه وأخذته إليها وهي تقول:

يا بشر واصلني وكنْ بي لطيفا إني رأيتك بالكمالِ ظريفا
وانظرإلى جسمي وما قد حلّ بي فتراه صار من الغرام نحيفا


فلما رأها راعه جمالها وعلم ببراعته أنها هند
التي هجر مقره من أجلها فتباعد عنها متعطفاً وأنشد متلطفاً:

ليس المليحُ بكاملٍ في حسنهِ حتى يكونُ عن الحرامِ عفيفَا
فإذا تجنب عن معاصي ربه فهنالك يدعى عاشقا وظريفا


فجاء زوج هند فيغير عادته في كل يوم فوجد مع إمرأته رجلاً
في البيت فطلقها وطوقه وجره وذهب به إلى رسول الله

فكبى بشر أمام الرسول وحلف بأنه ما كذبه منذ صدقه وما كفر بالله منذ آمن به وقص
على النبي قصته. فبعث النبي إلى العجوز وهند فأقرتا بين يديه فقال: "الحمد لله الذي جعل
من أمتي نظير يوسف الصديق". فأدب العجوز وأعاد هند إلى منزلها