الموضوع: خاطرة
عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 1  ]
قديم 2010-03-02, 5:57 PM
يمامة الوادي
عضو متميز بالمنتدى
الصورة الرمزية يمامة الوادي
رقم العضوية : 7644
تاريخ التسجيل : 19 - 6 - 2005
عدد المشاركات : 43,494

غير متواجد
 
افتراضي خاطرة
خاطرة

سعيدة بشار

خطر ببالي خاطرٌ أخواتي الحبيبات، أردتُ أن أُحدِّثكن عن الدَّم! فكَّرتُ أن أجرح نفسي بسكينٍ صغير لأشعرَ بالألم، ثم أنظر إلى الدم النازف من الجرح بعض اللَّحظات، وتماديت في التفكير: لِمَ لا أتذوقه لأستطيع أن أحدّثكن عن مذاقه، وعن حرارته؟! هل ذقتن طعم الدم في حياتكن؟!
أشعر أنَّ النفوس تجيبني باشمئزازٍ أنْ: لا، صحيحٌ أنَّ الأمر غير مثير، وتعفُّه النفس، أنا لم أستطع الإقدام على هذه التجربة:
أولاً: لأنَّ في الأمر ألمًا غير مرغوبٍ فيه.
وثانيًا: لأني شعرت بالغثيان وأنا أفكِّر في ذوق الدم، وخشيت من العواقب، تخيلن حجم الكارثة التي يمكن أن تحدث بعد "اللَّحسة" الأولى!

أختي الحبيبة (كل واحدة منكن على حدة):
أتعلمين لماذا أحدِّثكِ عن الدم؟
افتحي لي قلبك ومخيلتك، وأمهليني قليلاً، هل يمكنكِ أن تصدِّقي أننا في كلِّ يومٍ نشرب فيه دماء أبرياء ليس لهم ذنب في هذه الدنيا سوى أنّهم يرفضون الذُّل والهوان، ونأكل من أشلائهم ونحن نضحك، أو نتفرَّج على برامجَ تافهة تزيد في تخديرنا، وقد نتمشى في الطرقات بلا وجهةٍ محدَّدة ونحن نأكل لحماً بشريًّا نيئًا، ومحروقًا، ممزوجًا بدمٍ يغلي، وعليه شظايا من قنابل ورصاصاتٍ متفجرة، بعد أن نكون قد دفعْنا ثمنَها من مالنا، أو من مال عائلاتنا؟!
أتصدِّقين أننا نفعل ذلك كلَّ يومٍ، وبلا وعي منا في أغلب الأحيان؟!

إننا نتخبط في وحلٍ قذر، في السوق سلع ينتجها أعداؤنا، يضحكون بها علينا، والله أعلم ماذا يضيفون إليها،
أيمكنكِ أن تصدِّقي أنَّ عدوكِ سيقدم لكِ يومًا شيئًا طيِّبًا ينفعكِ وهو يكرهكِ دون حدود؟!

وأكثر تلك السلع غير ضرورية للحياة، يمكن الاستغناء عنها، ومكلِّفة كثيرًا، وبلداننا تنتج ما يعادلها في الجودة، ولكننا نختار أعداءنا يُقدِّمون لنا ما لا يرغبون فيه، ونقدِّم لهم أموالنا ليصنعوا بها الطائرات والأسلحة المختلفة، هل تذكرين "غزّة"، "العراق"، "أفغانستان"، "لبنان"، نحن مَن موَّل تلك الحروب، ونحن من قدَّم لأعدائنا وسائلَ إبادتنا، ونحن هنا لا بدَّ وأن يأتي دورنا ذات يوم!

وتطوّع آخرون منا لمساندتهم بأقلامهم، ومواقفهم الخائنة! أرأيتِ في أي وحلٍ نتخبَّط؟! نحن من يصنع السيوف التي ستقتلنا، ونحن من يضعها على رقابنا وبكل غباء! لو تمكنتِ يومًا من استشعار ذوق الدم والأشلاء البشرية في التفاهات التي نستخدمها، لصار التغيير ممكنًا؛ بل والنصر، نحن في زمن الإعداد والاصطفاء، واذكري - أختي - الآياتِ الكريمةَ: قال - تعالى -: {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} [آل عمران: 139، 140].

إنَّ الله سيتَّخذ منَّا شهداء، والشهادة لا تعني فقط الموتَ في سبيل الله؛ وإنَّما تعني أيضًا شهادة الحق، فانظري ماذا تريدين أن تكوني: شاهد حق، أم شاهد زور؟!





توقيع يمامة الوادي




هل جربت يوماً اصطياد فكرة رائعة !؟
لـتـصوغـهـا فـي داخـلـك
وتـشحـنهـا بنبض قـلـبـك
وتعـطرهـا بطيب بروحك
وتسقـيـهـا بمـاء عـرقـك
حتى تنضج وتصنع منك إنساناً مبدعاً ؟