صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
هل هذا القول صحيح أم لا؟ "إن من سب الله وسب الرسول صلى الله عليه وسلم فليس هذا بكفر في نفسه، ولكنه أمارة وعلامة على ما في القلب من الاستخفاف والاستهانة"([1]) .
--------------------------------------------------------------------------------
هذا قول باطل؛ لأن الله حكم على المنافقين بالكفر بعد الإيمان بموجب قولهم: "ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطونًا ولا أجبن عند اللقاء"([1]) يعنون رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فأنزل الله فيهم قوله سبحانه وتعالى: {وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِٱللَّهِ وَءايَـٰتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِءونَ (65) لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَـٰنِكُمْ }([2]) [التوبة: 65، 66]. فكفرهم بهذه المقالة ولم يشترط في كفرهم أنهم كانوا يعتقدون ذلك بقلوبهم، بل إنه حكم عليهم بالكفر بموجب هذه المقالة وهم يقولون: {إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ} يعني لم نقصد ما قلنا بقلوبنا. وكذلك قوله تعالى: {يَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ مَا قَالُواْ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ ٱلْكُفْرِ وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلَـٰمِهِمْ} [التوبة: 74] فرتب الكفر على قول كلمة الكفر. وأخبرهم أنهم كفروا بعد إسلامهم.
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) قال ابن كثير رحمه الله: "وقال عبد الله بن وهب: أخبرني هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن عبد الله بن عمر قال: قال رجل في غزوة تبوك في مجلس: ما رأيت مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطونًا لا أكذب ألسنًا ولا أجبن عند اللقاء. فقال رجل في المسجد: كذبت ولكنك منافق لأخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم. فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزل القرآن فقال عبد الله بن عمر أنا رأيته متعلقًا بحقب ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم تنكبه الحجارة وهو يقول: يا رسول الله إنما كنا نخوض ونلعب ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: {أَبِٱللَّهِ وَءايَـٰتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِءونَ} الآيات".
([2]) قال الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: "فإذا تحققت أن بعض الصحابة الذين غزوا الروم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم كفروا بسبب كلمة قالوها على وجه المزح تبين لك أن الذي يتكلم بالكفر ويعمل به خوفًا من نقص مال أو مدارة لأحد أعظم ممن يتكلم بكلمة يمزح بها" كشف الشبهات ص 100 ـ بتحقيق: عبد الله بن عايض القحطاني. دار الصميعي ـ الأولى 1418هـ. ولمعالي الشيخ صالح الفوزان شرح نفيس على كشف الشبهات فليراجع