بعد فوات الأوان
خرج من بيته فرحا يسبقه الشوق واللهفة لمعرفة نتيجة حصاده وجواز مروره لتحيق حلمه
قابل معلمه الذي بادره بابتسامة , صافحه بحرارة مباارك نجحت وبتقدير امتياز
أمسك شهادته والفرح يرسم خيالات أحلامه
التهم سطور الشهادة وبدت ملامحه تتغير من الفرح إلى الترح
حتى وصل لرقم نسبته هوى إلى تابوت التعاسة وشهق شهقة الحزن الأليمة
لا .. لا ما هكذا أريد ,, ما هكذا يريد أبي
هذا ظلم .. أحلامي انشطرت عند هذا الرقم التعيس
كيف سيتصرف معي أبي الذي توعدني ؟
هدأه الأستاذ .. احمد الله نسبتك ممتازة وأمامك فصل آخر وهناك اختبار قدرات ستصل بإذن الله أرقى درجات النجاح اطمئن
لا ,, لا يا أستاذي كنت أطمح لنسبة 100 % ووالدي لا يريد أن أهبط لأقل من ذلك
فإذا بي أهوي لواد سحيق
أسرع إلى بيته هائما على وجهه دفن وجهه داخل الوسادة والعبرات تنهمر دون انقطاع
تذكر صوت والده وهو يردد عليه عبارته المعهودة [ أدخلتك مدرسة أهليه لتحقق أعلى نسبة 100"%
لابد أن تكون طبيبا جراحـاتعلو هامتي بك
الويل كل الويل لك إن لم تحقق مبتغاي
أغلقت الحياة أبوابها عليه في تلك اللحظة القاتمة
أين المخرج من هذا المأزق ؟
قفزت لذهنه فكرة شيطانية دعمها إبليس بكل قواه حتى تحققت
أين أهرب من كلام والدي ؟
سيعايرني بالنقود التي صرفها علي
جميع أشرعة الحياة محطمة الآن
ولا طريق لي إلا الموت الذي سيخرجني من مأزق الحياة القلقة
استجاب لنداء الشيطان المدمر وتناول حبلا ولفه حول رقبته وشده بقوة
حتى خرجت آخر أنفاسه
قبيل رحيله ترك رسالة لوالده
والدي العزيز :
أعتذر منك لم أستطع تحقيق حلمي وحلمك , نسبتي نسفت طموحي ورغبتك في أن أكون طبيبا جراحا
لم أستطع مواجهتك ولا أقوى على سماع تأنيبك لي
أعتذر منك لأني لم أعوض نقودك خيرا وأشكر لك على حسن رعايتك لي
حبي وقبلاتي أطبعها على جبينك وجبين والدتي وإخوتي
وداعا لكم ووداعا لأحلامي الراحلة
بعد مضي وقت لاحظ الجميع إغلاق الباب وعدم خروج الابن منه
دفع الوالد الباب وراعه المنظر
احتضن ولده وطبع عليه قبلات حانية , أجهش بالبكاء المرير
لا يدري ما سر إقدام فلذة كبده على الانتحار ؟
لفت انتباهه وريقة صغيرة ..فتحها , قرأ سطورها والندم يكسو ملامحه المكلومة
أدرك خطأه ولكن بعد فوات الأوان..