- الهم الثامن:اياك نستعين.
أريد أن أكون من أهل ( إياك نستعين ) على الحقيقة .
فكيف يا نفسي تكونين من أهل إياك نستعين وأنت تعتمدين على حولك وقوتك وعشيرتك وأهلك وإرادتك وهمتك ونسيت الإستعانة بالله في جميع أمورك .
س : أتدرين يا نفسي ما سبب همك وغمك ، وفشلك في أكثر الأعمال ؟
س : أتدرين يا نفسي لماذا أنت دائرة بين التوفيق والخذلان في اليوم الواحد بل في الساعة الواحدة ؟
اعلمي يا نفسي :
أن قدرتك وإرادتك وحركاتك وجميع ذلك من خلق الله ، فإن الله هو الذي خلق أعضاءك وخلق فيها القوة والقدرة والصحة وخلق لك العقل والعلم والإرادة فتدريجه في الخلق شيئا بعد شيء هو الذي أوهم لك أنك أوجدت عملك ، وأوهم لك اعتمادك على نفسك ، وهذا هو الخذلان بعينه .
ثم اعلمي يا نفسي :
أن الذي رزقك الأهل والعشيرة والإرادة والهمة والقوة والحركة هو الله .
ولولا الله ما صدر منك خيرا قط ، فهو الذي سخر لك هذا كله ، فهل تعتمدين على غير الله بعد ذلك ؟؟
س : أتدرين ما سبب خذلانك وتوفيقك في الساعة الواحدة ؟
لأنك عبدت الله بلا إستعانة ، وهذا حال أكثر الخلق فإن لهم أذكار وعبادات ولكن حظهم ناقص من التوكل والإستعانة ( اعتماد على الأسباب دون المسبب) لم تتسع قلوبهم لارتباط الأسباب بالقدر فلم تنفذ قوى بصائرهم من المتحرك الى المحرك ، ومن السبب الى المسبب ، فضعفت عزائمهم وقصرت همهم فقل نصيبهم من ( إياك نستعين ) ، ولم يجدوا ذوق التعبد بالتوكل والإستعانة ، فهؤلاء لهم نصيب من التوفيق والنفوذ والتأثير بحسب استعانتهم وتوكلهم ، ولهم من الخذلان والضعف والمهانة والعجز بحسب قلة استعانتهم وتوكلهم
فإن قلت يا نفسي : ما معنى التوكل والأستعانة ؟
سأقول لك : هو حال للقلب ينشأ من معرفته بربه والإيمان بتفرده بالخلق والتدبير والضر والنفع والعطاء والمنع ، وأنه ما شاء الله كان وإن لم يشأ الناس ، وما لم يشأ لم يكن وإن شاء الناس .
فيوجب ذلك كله للقلب اعتمادا عليه وتفويضا اليه وطمأنينة به ، وثقة به ويقينا بكفايته وذلك في جميع أموره ، ومن كان مع الله فالله كافيه ولابد " ومن يتوكل على الله فهو حسبه " أي كـــــافــــــيــــــه .
والله يا نفسي :
لو دخل نور التوحيد قلبك فإن ذلك يمحو عن القلب استغلاله بشيء من الأمور ولو في النفس ولو في اللحظة والطرفة والهمة والخاطرة إلا بإرادة المريد .
ومن هنا يا نفسي :
يصح لك صحة الاضطرار الى الحي القيوم ، وتشهد كل ذرة من ذراتك الظاهرة والباطنة فتقر تماما الى الله من جهة أنه ربا ومن جهة كونه معبودا لا غنى لك عنه طرفة عين ، فإن ذلك يوجب لك صحة الاضطرار وكمال الفقر ويحول بينك وبين رؤية الأعمال والأحوال والأستغناء بها عن ذل النفس ورقها ، ومن هنا يصح لك صحة الأستعانة بالله في جميع أمورك .
س : فكيف تعتمدين بعد ذلك على غير الله ، كيف تعتمدين على حولك وقوتك وذكائك وأهلك وعشيرتك ؟؟
وأعدك يا نفسي بأن :
أحدثك عن أهل الأستعانة في اللقاء القادم بأذن الله تعالى .
فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
=============