- الهم الرابع:ضيق الصدر.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أيها الأخوة والأخوات التائبين والتائبات ، الذين تخلصوا من الهموم التي كانت تعتريهم ، ولكن نفسي التي تحدثني لا زالت تعاني من بعض الهموم ، فخرجت بها الى شاطئ البحر لعلي أستطيع أن أخفف عنها بعض هذه الهموم ، فجلست وأياها نتأمل في ملكوت السموات والأرض ومن ثم بدأنا الــــــــــحــــــــــــــــديـــــــــــث ...................
فقلت لها : أريد أن أفر من ضيق الصدر بالهموم والأحزان والمخاوف التي تعتريني في هذه الدار من جهة نفسي وما خرج عنها مما يتعلق بأسباب مصالحها وما يتعلق بالمال والبدن والأهل ، وأهرب من ضيق صدري الى سعة الثقة بالله والتوكل عليه والرجاء بجميل صنعه .
فقالت نفسي : ولماذا الخوف ؟ وقد قال تعالى في كتابه الحكيم " ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب "
فأجبتها قائلة : نعم أعلم ذلك ، فالله جل علاه يجعل للأنسان مخرجا من كل شدة ، وهذا جامع لشدائد الدنيا والآخرة ، و يجعل للمتقي من كل ما ضاق على الناس واشتد عليهم في الدنيا والآخرة مخرجا
" ومن يتوكل على الله فهو حسبه " ، أي كافي من يثق به في نوائبه ومهماته وهذا قول أبو العالية ، ولكن ...
سكتت نفسي حتى تسمع ما أقول لها ........
فقلت لها : يــــــــــــــــا نـــــــــــــفـــــــــــســـــــــــي.....
* أريد أن أعيش مع الله في وسط هموم الدنيا وأحزانها وآلامها .
* أريد أن أتوكل على الله اذا ضاقت بي السبل .
* أريد أن أثق بالله وبوعده اذا ضاقت علي نفسي .
* أريد أن أحسن الظن بالله اذا توالت علي المصائب .
* أريد أن أفزع الى الله والتجأ اليه اذا توالت علي الهموم والأحزان .
* أريد أن أعيش مع الله كما عاش الصحابة ومن تبعهم بأحسان الى يوم الدين .
انظري يا نفسي الى بـــــــــلال الحبشي : حينما كان يسأل عن قوة صبره على البلاء والتعذيب فقال:
( امتزجت عندي حلاوة الأيمان ومرارة العذاب فاستعذبت العذاب في ذات الله ) .
الله أكـــــــــبــــــــــر ........ ما أجمل هذه الكلمات ، أنه ايمان وصبر ويقين وتوكل على الله ، والرضا بالله في أشد وأصعب المواقف . فهل لك يا نفسي من عـــــبــــــرة ؟؟
يا نفسي : أتذكرين حالك عندما قدر الله عليك مصيبة في نفسك وأهلك ومالك وولدك ... كيف كان حال قلبك حينئذ من السخط وعدم الرضا واتهام الله في أقداره .
فقالت وهي غاضبة مني : أنا دوما أقول الحمد لله .
فقلت لها : لا تغضبي مني أيتها النفس ، فنحن نتصارح حتى نتخلص من الهموم التي تعترينا من وقت لآخر ، فأن كنت مستعدة للمصارحة فأخبريني حتى أكمل حديثي .
فقالت : نعم ، أريد أن أسمع منك .
فقلت لها : يا نفسي أنت تقولين الحمد لله ، ولكن ما ضابط هذه الكلمة عندك ، أو لماذا قلت هذه الكلمة ، وبعد كم من الوقت قلت هذه الكلمة ( ان الصبر عند الصدمة الأولى ) ،فكان حقا عليك يا نفسي : أن ترضي بقضاء الله وتقولي ( انا لله وانا اليه راجعون ) و ( قدر الله وما شاء فعل ) وأن تفوضي أمرك الى الله .
وكم مرة يا نفسي نازعت الله في أقداره وفي تدبيره في ملكه وتصريف أمور عباده بلو كان كذا لأصبح كذا ، أو بعسى ، أو بلعل ، أو ليت .......... ألم تعلمي أن ربك أجل وأعظم في قلبك من أن تعترضي أو تتسخطي تدبيره ، أيـــــــــن أنــــــــــت مــــــــن الرضــــــــا ؟
وظلت نفسي تنظر الى البحر في صمت شديد .. فقلت لها :
أن الراضي : قد انسلخت نفسه من التدبير والاختيار الذي خالف تدبير الله واختياره بل قد سلم اليه التدبير كله ، لتيقنه أنه القاهر والقابض على نواص الخلق والمتولي لتدبير أمر العالم كله .
ولذلك قال بعض السلف : ( لو قرض جسمي بالمقاريض أحب الي من أن أقول لشيء قضاه الله ليته لم يقضه )
وقال أبو عثمان : منذ أربعين سنة ما أقامني الله في حال فكرهته وما نقلني الى غيره فسخطته .
فالرضـــــا بالله : يخلصك يا نفسي من ذلك كله .
ولكن هل علمت يا نفسي لما لم ترضي بالله ؟ لأنك ما عرفته حق المعرفة وما قدرته حق قدره ، فكيف ستعرفينه ؟ وأنت ما زلت جـــــــــاهــــــــــلـــــــة غــيــــر عـــــــالـــــــــمــــــــــة ، ففري من الجهل الى العلم وتعرفي على الله فـــــــــــتـــــــــــرضـــــــي به !!!!!
==================