عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 6  ]
قديم 2010-01-31, 5:14 AM
يمامة الوادي
عضو متميز بالمنتدى
الصورة الرمزية يمامة الوادي
رقم العضوية : 7644
تاريخ التسجيل : 19 - 6 - 2005
عدد المشاركات : 43,494

غير متواجد
 
افتراضي
أنت منتمي إلى أمة متميزة:





تخيل أنك أنت ستشهد على البشرية التي تعاصرها، وأنت ستقول يوم القيامة أين الحق وأين الضلال، فتأمل حجم المسؤولية الملقاة على عاتقك يوم القيامة، وتابع معي قراءة سورة البقرة حتى تتبيّن معالم مسؤوليتك وشهادتك على الأمم.


الإسلام والإصلاح الشامل





في الربع الثالث تبدأ سلسلة من الأوامر الشاملة لكل نواحي الإصلاح في المجتمع.


فيبدأ بقول لله تعالى: (لَّيْسَ ٱلْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ ٱلْمَشْرِقِ وَٱلْمَغْرِبِ وَلَـٰكِنَّ ٱلْبِرَّ مَنْ ءامَنَ بِٱلله وَٱلْيَوْمِ ٱلاْخِرِ وَٱلْمَلَـئِكَةِ وَٱلْكِتَـٰبِ وَٱلنَّبِيّينَ وَءاتَى ٱلْمَالَ عَلَىٰ حُبّهِ ذَوِى ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْيَتَـٰمَىٰ وَٱلْمَسَـٰكِينَ
وَٱبْنَ ٱلسَّبِيلِ وَٱلسَّائِلِينَ وَفِي ٱلرّقَابِ وَأَقَامَ ٱلصَّلَوٰةَ وَءاتَى ٱلزَّكَوٰةَ
وَٱلْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَـٰهَدُواْ وَٱلصَّابِرِينَ فِى ٱلْبَأْسَاء وٱلضَّرَّاء وَحِينَ ٱلْبَأْسِ... (177)


يقول العلماء أن هذه الآية شاملة للإسلام، فقد شملت العقائد (الإيمان بالله والملائكة والكتاب) والعبادات (إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة) والمعاملات (الوفاء بالعهد) والأخلاق.


لاحظ هنا التدرج الرائع الذي جاءت به هذه السورة:


1.تغيير القبلة (لتحقيق التميز) (فَوَلّ وَجْهَكَ شَطْرَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ (144).


2.التوازن في التميز ({إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ ۖ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا ۚ وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيم}(158).


3.الاتجاه ليس كل شيء: (لَّيْسَ ٱلْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ ٱلْمَشْرِقِ وَٱلْمَغْرِبِ (177).


فبعد ان رسخ الله تعالى لدى الصحابة الطاعة والتميز في الربع الأول، بيّن لهم أن المسألة ليست مسألة إتجاه وإنما هي قضية إصلاح شاملة. فحين جاء الأمر بالتوجه للكعبة كان ذلك فقط لاختبار الطاعة والتميز، بينما الأصل هو عمل البر بكل أشكاله التي وردت في الآية 177.

مفردات الإصلاح الشامل


ومن أول الربع الثالث في الجزء الثاني تبدأ الأوامر والنواهي للأمة لترسم شمول المنهج:


تشريع جنائي:

(يـأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلْقِصَاصُ فِي ٱلْقَتْلَى (178). وبعدها يأتي قوله تعالى(وَلَكُمْ فِي ٱلْقِصَاصِ حَيَوٰةٌ يأُولِي ٱلالْبَـٰبِ (179).

مواريث:

(كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ ٱلْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْرًا ٱلْوَصِيَّةُ لِلْوٰلِدَيْنِ وَٱلاْقْرَبِينَ (180)
وبعد هذا





تشريع تعبدي:


(يأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلصّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)..





التقوى مصباح الطريق


والملاحظ أن كل الأحكام الواردة هنا قد ركزت بشكل أساسي على تقوى الله تعالى، قتجد في آية القصاص: (وَلَكُمْ فِي ٱلْقِصَاصِ حَيَوٰةٌ يأُولِي ٱلالْبَـٰبِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (179) وفي آيات المواريث (إِن تَرَكَ خَيْرًا ٱلْوَصِيَّةُ لِلْوٰلِدَيْنِ وَٱلاْقْرَبِينَ بِٱلْمَعْرُوفِ حَقّا عَلَى ٱلْمُتَّقِينَ (180) وفي آيات الصيام (يأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلصّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183) وفي ختام عرض الأحكام: (كَذٰلِكَ يُبَيّنُ ٱلله آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (187).

فهذا المنهج لا بد له من أناس طائعين، متميزين عن غيرهم، ومتّقين يريدون إرضاء الله تعالى، فهذه المحاور الثلاثة هي سياج يحمي المنهج، ذكرت بطريقة مترابطة ومدهشة لا تشبه طريقة البشر في الشرح والعرض.

وكلما تقدمت أخي المسلم في قراءة السورة تتفتح عيناك على بقية أجزاء المنهج، فتتضح أمامك شموليته.

فالقرآن بدأ بالتشريع الجنائي ثم التشريع التعبدي. وقد يتساءل البعض عن العلاقة بينها. وهنا ينبغي التنبيه إلى أنك حين تجد موضوعات متتابعة ولكن متفرقة فهي إشارة إلى أن الدين يشملها كلها. فلم يأت تشريع العبادات منفصلاً عن غيره من الأحكام للتأكيد على شمول المنهج وتناوله لكل مظاهر الحياة.


توقيع يمامة الوادي




هل جربت يوماً اصطياد فكرة رائعة !؟
لـتـصوغـهـا فـي داخـلـك
وتـشحـنهـا بنبض قـلـبـك
وتعـطرهـا بطيب بروحك
وتسقـيـهـا بمـاء عـرقـك
حتى تنضج وتصنع منك إنساناً مبدعاً ؟