![]() |
زيارة خاصة ..!
زيارة خاصة ..!
- — - - - - - كان لي صاحب مذهبه في الحياة ، أن يكتفي بالعيش في الساعة التي هو فيها ، ولا يحمل هم التفكير في الساعات التي تليها ، والعجيب أنه كلما حاول أحدنا نصحه ، كان يكرر متبسماً : عليك برزق اليوم ، أما رزق الغد فسيأتي به الله ..!! وظاهر القصة حتى هنا ، قد توحي أن الرجل يحيا حياة الزاهدين ، من رجال الله في تاريخ هذه الأمة .. غير أن الأمر بعكس ذلك تماماً ..! لقد كان صاحبنا هذا مسرفا على نفسه ، مفرطاً غاية التفريط ، لا تعنيه غير ساعة الشهوة التي تيسرت بين يديه ، وعلى الدنيا العفاء ، فالرزق الذي يقصده بتلك الجملة التي يكررها ، ليس سوى شهوة عاجلة تتيسر له ، يختطفها ولا يتردد فيها ! ونفضت يدي منه ، بعد أن يئست من نصحه ، بل وخفت على نفسي من صحبته . . ومضى زمن من مقاطعتي له ، ثم علمت عرضا ، أنه على فراش المرض يعاني من أوجاع شديدة ، فاستعنت بالله وجمعت قلبي معي ، وذهبت لأعوده ، فوجئ بي أدخل عليه متبسماً ، قال لي بصوت واهن وهو يتكلف الابتسام : آخر من توقعت أن يزورني هو أنت …! وجلست إليه أواسيه وأسليه ، وأسوق إليه جملة من المعاني الإيمانية ، في قضية البلاء .. ثم ذكرته بمذهبه في الحياة ، الذي اشتهر به وكان يباهي به .. ثم قلت له مبتسماً : اليوم جئت لأشد على يدك ، مشجعاً لك على أن تتمسك بقوة بذلك المذهب بعينه ولا تفرط فيه .. ! فحملق في وجهي ، وفغر فاه ولم يتكلم ، وأحسب أنه ظن أني أسخر به ، غير أني قلت : نعم أوصيك بذلك ، ولكن على غير الطريقة التي كنت تمضي بها ..! ففتح عينيه أكثر ، وحرك رأسه متسائلاً .. فقلت : نعم ، كن ابن ساعتك التي أنت فيها ، ولا تحمل هم ما بعد هذه الساعة ، ولكن بشرط أن يدفعك هذا الشعور ، إلى مزيد من الإقبال على الله سبحانه ، على اعتبار أنك ستموت في الساعة التي تليها مباشرة ، ومن ثم ستجد نفسك في كل ساعة مشمراً مع الله سبحانه ، شديد الإقبال عليه ، عظيم الرغبة فيما عنده ، حريصاً على أن لا تضيع ساعة في غير طاعة ..! بهذا يا صاحبي تكون متميزاً غاية التميز ، بل بهذا تكون رجلاً ربانياً بحق ، لا ما كنت فيه من إسفاف جلب لك هذا البلاء الذي شل قدراتك ، وقيدك على سريرك ..! ذرفت عيناه وطأطأ رأسه ، وأخذ يجفف دموعا ترقرقت ، ثم قال : أنت في واد ، وأنا في واد بعيد ، بعيد ، ولكنك في المربع الصواب ، وفي دائرة الحق ، بينما أخوض في الخطأ وعين الضلال .. ولئن عشت وعافاني الله سبحانه ، فإني أسأل الله سبحانه أن يقر عينك بي ، وتراني في المكان الذي تحب ، لأنه المكان الأجمل من كل وجه .. ختمت زيارتي له أوصيه أن لا ييأس من رحمة الله ، وليكن كالمادة الخام التي يعاد تشكيلها من جديد ، تحت لهيب النار ، لتصبح شيئا نافعا ذا قيمة وثمن ..! سره هذا التشبيه وتهلل وجهه ، وأخذ يلح علي أن لا أقطع زيارتي عنه ، فقد وجد لهذه الزيارة صداها في قلبه ، وبركتها في نفسه .. ابو عبد الرحمن |
يعطيك الف عااااااااااااااافيه
|
بارك الله فيك
|
شكرا لمروركم
|
الساعة الآن 9:27 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
TranZ By World 4Arab