من عجيب ما قرأت : عوانس أوانس ، طلعات نيرات !
 

من عجيب ما قرأت : عوانس أوانس ، طلعات نيرات !


.

قال ( بتصرف قليل ) :

( ... استيقظت قبيل الفجر ليلة الجمعة ، وكانت ليلة شاتية ، ونظرت بهجة النجوم ، وهن عوانس أوانس ، يقلن لأراوح أهل الأرض ، : هلم إلينا !!

وكان الجو ساكناً والدنيا هادئة ، فأعجبني منظر تلك النجوم ، وبهرني حسنها ، وأدهشني جمالها ، وصرت أقول في نفسي :

سبحان الله ! أن المناظر الجميلة تسأمها النفس ، إذا طال أمدها ، واعتيد نظرها ، ولكن هذه الأوانس والعوانس الخنس ، الجواري الكنس ، لا يزلن بهجات الطلعة للناظرين ، رائعات البهاء والمتعة ...

ثم قال : ...ومع أن كل مبذول متروك ، وكل ممتنع محبوب ، غير أن هذه الحور المقصورات في السماء ، تعرض كل ليلة على الناظرين ، وتتجلى للعارفين ، وهم منها لا يسأمون ، وكلما ازدادوا لها نظراً ازدادوا ، بها إعجاباً ، ولها حباً .... .. ثم قال أيضا ً :

... إن كتاب السماء وإن كان مبذولاً ، فلم يدرسه إلا قليل من الناس ، هم الصفوة في هذه الأرض ... ولقد علموا أنه كتاب مملوء هدى وحكمة ونور ....

اللهم إني أخجل أن أرى كتابك مبذولاً وأنا معرض عنه ..!

هذا الكتاب الذي تشرق سطوره ليلاً ، وتضيء نهاراً ، وأنا عنه ساهٍ لاهٍ ..!

( وَكَأَيِّن مِّن آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ )..

**

تعليق :

إن روعة الجمال المبثوث في أرجاء هذا الكون ، تبهر العقل ، وتذيب القلب الحي حباً لله عز وجل ، حيث تتجلى أسماء الله الحسنى وصفاته الحسنى ، في تضاعيف هذا الإبداع الذي يهز الروح ، ويسبي القلب ..

غير أن هذا التجلي لا ينكشف إلا في حالة صفاء قلب ، أما حين تكون زجاجة هذا القلب مشوشة مكسوة بالكدر والقذر ، فأنى لها أن ترى ما يراه أصحاب القلوب ؟

قلوب العارفين لها عيون ** ترى ما لا يرى للناظرينا

و أجنحة تطير بغير ريش ** إلى ملكوت رب العالمينا

فهذه الروح أشبه بالسجين ، يقبع في قبو ضيق مظلم ، لا يعرف من الدنيا إلا ما يراه من خلال الكوة الصغيرة في أعلى الحائط ! فإذا خرج إلى فضاء الحياة ، رأى ثم رأى نعيما وملكاً عظيما ..!!

وهذه الروح لن تحلق ونرفرف كما ينبغي ، إلا حين تأتي البيوت من أبوابها ، فتعرف طريقها إلى الله سبحانه وترتبط به ، وتعشق خدمته ، وتهيم في محبته ..

ساعتها ستجد نفسها تتذوق نعيما متجدداً ، كأنها قد دخلت الجنة قبل الموت !

وبالله التوفيق ، وله الحمد والمنة ..






كتبها بو عبدالرحمن