رمضان .. والذكريات المؤلمة ..

هذه أحاسيس جالت في خاطري وحركت مشاعري فانطلقت أناملي لتكتب هذه الكلمات المتواضعة .

أحببت أن أبوح بها وأبثها إليكم .. وأسأل الله عز وجل أن تصل إلى قلوبكم .

في مثل هذه الأيام .. عاد بي شريط الذكريات إلى سنة كاملة مضت .. وبالتحديد شهر رمضان المبارك ..

تذكرت تلك الجموع من المصلين التي تملأ المساجد , و تلك الدعوة التي خرجت من أعماق القلب فرحاً بهذا المشهد العظيم : ( اللهم لا تحرمنا من هذا الجمع ) ...

تذكرت أصوات المصلين بعد صلاتيْ الفجر والعصر تلهج بالقرآن ..

تذكرت ذلك الدوي الجميل الذي يشبه دوي النحل ..

هذا المشهد الذي أخذ بمجامع قلبي وذكَّرني بحياة السلف ..

تذكرت إقبال الناس على مشاريع الخير ..

إفطار الصائمين ..

بذل وجود للفقراء والمساكين ..

بذل وعطاء للمنكوبين بداخل البلاد وخارجها ..

تذكرت صلاة التراويح والقيام ..

تذكرت تلك العبرات , والدموع التائبة ..

تذكرت لحظات المناجاة .. ما أجملها من لحظات !! ..

تذكرت الدعاء الممزوج بالإنابة والذل إلى الله ..

تذكرت الجو الإيماني والروحاني الذي تفرَّد به رمضان ..

تذكرتُ , وتذكرتُ , وتذكرت ..

وعاد بي شريط الذكريات من جديد واستوقفتني نفسي ..

وعندها فوجئت , وكأنني في حلم ..

عندها علمت الحقيقة المرة ..

علمت والحسرة والألم يعصر قلبي ..

علمت كم أنا كنتُ مفرّطا بكل ما تحمل الكلمة من معنى ..

تذكرت :

* القرآن الذي وضعته في أحد الأرفف وتم هجرانه لشهور طويلة .

تذكرت :

* القيام والتراويح التي بدأت المواظبة عليها تنعدم مع عدد الأيام ..

فشهوة السهر والجلسات ؟ غلبت على لذة المناجاة والقنوت والعبرات ..

كم من صلاة فجر أسمعُ فيها المنادي للصلاة فلا أجيب ..

فمتعة النوم غلبت على لذة الفجر ونسيمه ..

كم من ساعات طويلة قضيتها في السهر , في الأسواق بدون ملل ..

كم من ساعات طويلة أطلقت فيها العنان لبصري لينظر إلى ما حرم الله عبر الفضائيات :

فهذا مسلسل , وتلك فوازير , وأخرى مسابقة , و ..

فشهوة النظر المحرم غلبت على غض البصر ولذة النظر إلى الحلال ..

كم من أموال أنفقتها يداي هنا وهناك بدون حساب واعتدال ولا حتى سؤال !!

انعدمت عند الفقير والمسكين والمنكوب وكثر عندها التردد والتساؤل ..

كم من أذكار لم أعد أذكرها , بل نسيتها تماما ..

( تسبيح , واستغفار , ودعاء , وتلاوة و ... ) .

فشهوة آفات اللسان غلبت على لذة الذكر ..

وكم , وكم , وكم ..

هذه - أخي الحبيب – بعض مشاعر الندم على التفريط على ما مضى قبل رمضان ...

وهي بالتأكيد مشاعر كل مؤمن يجد في قلبه حرقة على عمره الذي يضيع بلا استغلال , بل مشاعر كل مؤمن يملك حساً وإدراكاً لفضائل هذا الشهر العظيم ..

أحبتي في الله :

ها هو رمضان أقبل علينا ..

أقبل بخيره وروحانيته ..

فالله , الله على التوبة والرجوع إلى الله .. الله , الله على شحذ الهمم والاستعداد بعزيمة صادقة وهمة عالية ..

أحبتي في الله :

والله محروم , والله محروم , والله محروم من أدرك هذا الشهر ولم يغفر له ..

بل تعس من أدرك هذا الشهر ولم يكن من المعتوقين ..

كتبه : مسعد بن مسعود الفايدي
رئيس الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بمحافظة ضباء