منتديات موقع بشارة خير

منتديات موقع بشارة خير (https://www.22522.com/vb/index.php)
-   منتدى النثر والخواطر (https://www.22522.com/vb/forumdisplay.php?f=33)
-   -   الفصام النكد ..! (https://www.22522.com/vb/showthread.php?t=68330)

يمامة الوادي 2008-08-01 11:01 AM

الفصام النكد ..!
 
الفصام النكد ..!

--------------

قرأتُ يوماً لأحد الأدباء في جريدةٍ سيارة ما يلي :

عندي فيلم عن ( بناء الخلية ) لا أمل عرضه والتوقف عنده ، لأنني أرى الفرجة على هذا الفيلم صلاة وعبادة ، وركوعاً وسجوداً لله ..

إن الذي يجري داخل خلية واحدة هو الإعجاز نفسه ..

تتجلى لك العظمة والروعة ،ولا تملك إلا أن تقول ألف مرة : سبحان الله العظيم ..

..

وهكذا يمضي في عرض مقاله بروح إيمانية صرفة ، تكاد تجعلك تجزم أنك أمام عارف بالله ، متعلق القلب به ، دائم الذكر له ، حريص على التعريف بالله وشد الناس إليه ، لا يكاد يلتفت إلى مشهد من مشاهد الكون إلا ويرى يد الله سبحانه وإبداعه وحكمته ، ومن ثم فهو لا يتصور إلا أن يكون في حالة ذكر قلبي نقي ، تجعله شفافاً رقيقاً كثير الابتهال ، شديد الحب لله عز وجل ..

وبالمناسبة ليس هذا هو المقال الوحيد ، الذي جرى فيه الكاتب على هذا النحو الراقي من المعاني ، المتميز في العرض .. بل لقد أعاد مثل هذه المعاني وذلك العرض أكثر من مرة ، وفي أكثر من مناسبة ..

إلى هنا والمسألة لا غبار عليها ، بل هي مطلوبة..

تتمنى معها أن يكون هذا هو النهج الأساس الذي يسلكه أدباؤنا وكتبانا في جرائدنا السيارة التي تدخل كل بيت ، لعل كلمة من هنا أو هنا ، أو مقال مثل هذا ، يكون سببا في عودة الناس إلى ربهم

بل قناعاتي أن هذه المعاني هي التي يحتاجها الناس في هذا العصر المتعب ، أكثر مما يحتاجون إلى طعامهم وشرابهم ..!

نعم ذاك هو المطلوب والمنتظر ،

وإذن فماذا يُعاب على الرجل وقد كتب في هذا وأجاد وأبدع ..!؟

الحق أن ما يعاب على هذا وأمثاله أمر في غاية العجب ، أمر يجعلك تضرب كفاً بكف ، وتقلب أخماساً في أسداس ..!

إنك لا تلبث إلا اياما حتى تراه قد قلب لك ظهر المجن !

وإذا به يعرض لك بضاعة مغشوشة ، بل مسمومة ، تقرأ فلا تكاد تصدق أن هذا الكلام هو لذلك الرجل الصافي الإيمان ..!

تجده في الصورة الثانية شاباً أرعنا ، استحكمت فيه الشهوة حتى نخاعه ، لا يحدثك إلا عن مغامرة من مغامراته في بعض البلاد المتفلتة ، وعن صديقاته اللواتي تعرف عليهن هناك ، وما جرى له مع بعضهن من مواقف مثيرة ..وأين سهر ، وكيف قضى سهرته تلك ، وماذا رأى .. في عرض بديع يشدك ، ويزين لك السير على ذات الدرب !!

ولقد رجعت إلى رأس المقال لأتثبت : هل حقاً هو نفس الكاتب الذي قرأت له من قبل تلك الروعة من روائع الإيمان ..فأجده نفس الاسم ، وفي نفس الزاوية !!

ولقد تكرر هذا الأمر أكثر من مرة ..

الحق أن هذا لون من التلوث الفكري ، بل هو أخطر ألوان التلوث على الإطلاق .

إن هذا يحرص على أن يضع شيئا من العسل المصفى ، في كأس السم الذي يقدمه للناس وهو يتبسم ..!

تقرأ له مقالاً يحرك فيك عاطفة إيمانية رائعة ، ثم تقرأ له مقالاً يرميك مباشرة في حضن الشيطان لترضع من أثدائه ..!!

ولقد سألت نفسي مراراً :

هل يدرك هذا المخلوق ماذا يصنع ، أم أنه من الذين لا يزالون يرددون في بلاهة : ساعة لربك وساعة لقلبك ..!

وترجمة هذا في حياتهم : ساعة لربك ، وثلاثاً وعشرين ساعة لشيطانك ..!!

مع أن الله سبحانه وتعالى يقول :

( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ) ..

ويقول سبحانه :

( قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) ..

فالحياة كلها ، في كل دائرة من دوائرها ، وفي كل ساعة من ساعاتها تصبح في حس المؤمن الحق عبادة خالصة لله سبحانه ، حتى يلقاه وهو راضٍ عنه ..

حتى وهو يضحك ويتبسم ، ويمازح ويلهو ..! والأحاديث في ذلك كثيرة ..

لكن هؤلاء المصابين بحالة الفصام النكد لا يستوعبون هذه الحقيقة ، ذلك لأن عقولهم تشكلت على أن العبادة محصورة بين حيطان محددة ، فإذا خرجت منها فقد انخلعت من الدين ، ولك أن تفعل ما يحلو لك ، حتى يحين موعد الصلاة الأخرى ...!!

يذكرني هذا الكاتب وأمثاله ، ببعض الممثلين المفسدين في الأرض ، حيث تجده يظهر في دور بعض الصحابة أو التابعين ، فإذا هو روحاني المشاعر ، ملتهب العاطفة الإيمانية ، يشدك إلى الله بسمته وكلامه ومواقفه ونبرة صوته ...!

ثم لا تلبث أن تراه بشحمه ولحمه ودمه ، على قناة أخرى في نفس الساعة ، وهو في أحضان فاجرة يترنح في حالة سكر شديد ، ويفيض على لسانه سيل من كلمات الرذيلة ، والخروج عن قيم المساء والأرض أيضا !

ولك أن تتصور أي انطباع سيء يتولد في قلب مراهق ليست لديه ضوابط ولا موازين لما يراه ويتابعه ...!؟

هؤلاء لم يعرفوا بعدُ ، ألف باء هذا الدين العظيم ، الذي ينتسبون إليه ، ويتحدثون عنه بحماسة بين الوقت والوقت ..

ثم لا يلبثون إلا قليلا حتى تراهم يعملون على هدمه من جذوره ، بنشر الغسيل القذر على عيون الناس ، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ...!!

أحسب أن هؤلاء أحد أسباب الواقع العربي المخذول ، والحياة التي تتكفأ كل حين ، لا تستقيم حتى تكبو ..!

بل أحسبهم من أهم أسباب صور الخذلان ، التي تتمشى في أرجاء هذه الأمة ، والتي أثمرت مهازل شتى ، ومآسي تتوالد كل يوم ..!

ولولا أمل في الله ، وقوة رجاء ، وثقة بأن العاقبة للمتقين كما قرر ربنا ، لأصابنا يأس من صلاح أحوال هذه الأمة ، لكن وعد الله ورسوله لا يتخلف ، والخير يبقى في هذه الأمة كامن فيها كمون الذهب في باطن الأرض ..

وهؤلاء إن لم يراجعوا أنفسهم ، ويصححوا أوضاعهم ، ويصطلحوا مع الله ، ويعيشوا له .. فسوف يكنسهم التاريخ ، وستتابعهم لعنات الأمة صباح مساء إلى أن تقوم الساعة ..! وصدق الله :

(..فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء ، وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ ..)






كتبها بو عبدالرحمن


الساعة الآن 3:42 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By World 4Arab

Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

جميع الآراء والتعليقات المطروحة تمثل وجهة نظر كاتبها وليس بالضرورة وجهة نظر الموقع وللأتصال بالدكتور فهد بن سعود العصيمي على الايميل التالي : fahd-osimy@hotmail.com