منتديات موقع بشارة خير

منتديات موقع بشارة خير (https://www.22522.com/vb/index.php)
-   المنتدى العام (https://www.22522.com/vb/forumdisplay.php?f=3)
-   -   مختارات ( في ظلال القرآن ) كل شيء بقدر (رائع) (https://www.22522.com/vb/showthread.php?t=65403)

يمامة الوادي 2008-05-17 12:52 AM

مختارات ( في ظلال القرآن ) كل شيء بقدر (رائع)
 
مختارات ( في ظلال القرآن ) كل شيء بقدر



أرجو منك قراءة هذه الكلمات المشرقة بعناية شديدة

وأحسب أنك ستجد مباشرة أنوار إيمان تنقدح في قلبك بوضوح..

- - -- - - - -- - -

)إنا كل شيء خلقناه بقدر(

كل شيء . . كل صغير وكل كبير . كل ناطق وكل صامت .

كل متحرك وكل ساكن . كل ماض وكل حاضر . كل معلوم وكل مجهول ..

كل شيء . . كل شيء خلقناه بقدر . .

قدر يحدد حقيقته . ويحدد صفته . ويحدد مقداره . ويحدد زمانه ..

ويحدد مكانه . ويحدد ارتباطه بسائر ما حوله من أشياء . وتأثيره في كيان هذا الوجود .

وإن هذا النص القرآني القصير اليسير ليشير إلى :

حقيقة ضخمة هائلة شاملة , مصداقها هذا الوجود كله .

حقيقة يدركها القلب جملة وهو يواجه هذا الوجود , ويتجاوب معه ,

ويتلقى عنه , ويحس أنه خليقة متناسقة تناسقا دقيقا ..

كل شيء فيه بقدر يحقق هذا التناسق المطلق الذي ينطبع ظله في القلب جملة وهو يواجه هذا الوجود .

ثم يبلغ البحث والرؤية والتجربة من إدراك هذه الحقيقة

القدر الذي تهيئه هذه الوسائل , ويطيقه العقل البشري , ويملك معرفته عن هذا الطريق ..

. ووراء هذا القدر يبقى دائما ما هو أعظم وأكمل ,

تدركه الفطرة وينطبع فيها بتأثير الإيقاع الكوني المتناسق فيها ,

وهي ذاتها بعض هذا الكون المتناسق المخلوق كل شيء فيه بقدر .

ولقد وصل العلم الحديث إلى أطراف من هذه الحقيقة , فيما يملك أن يدركه منها بوسائله المهيئة له . .

وصل في إدراك التناسق بين أبعاد النجوم والكواكب وأحجامها

وكتلها وجاذبيتها بعضها لبعض إلى حد أن يحدد العلماء

مواقع كواكب لم يروها بعد ; لأن التناسق يقتضي وجودها في المواضع

التي حددوها . فوجودها في هذه المواقع هو الذي يفسر ظواهر معينة

في حركة الكواكب التي رصدوها . . ثم يتحقق هذا الذي فرضوه .

ويدل تحقيقه على الدقة المتناهية في توزيع هذه الأجرام ,

في هذا الفضاء الهائل , بهذه النسب المقدرة , التي لا يتناولها خلل أو اضطراب !

ووصل في إدراك التناسق في وضع هذه الأرض التي نعيش عليها ,

لتكون صالحة لنوع الحياة التي قدر الله أن تكون فيها

إلى حد أن افتراض أي اختلال في أية نسبة من نسبها

يودي بهذه الحياة كلها , أو لا يسمح أصلا بقيامها .

فحجم هذه الأرض , وكتلتها , وبعدها عن الشمس . وكتلة هذه الشمس , ودرجة حرارتها .

وميل الأرض على محورها بهذا القدر , وسرعتها في دورتها

حول نفسها وحول الشمس . وبعد القمر عن الأرض . وحجمه وكتلته وتوزيع الماء واليابس في هذه الأرض . . .

إلى آلاف من هذه النسب المقدرة تقديرا , لو وقع الاختلال

في أي منها لتبدل كل شيء ; ولكانت هي النهاية المقدرة لعمر هذه الحياة على هذه الأرض !!

ووصل في إدراك التناسق بين عدد كبير من الضوابط

التي تضبط الحياة ; وتنسق بين الأحياء والظروف المحيطة بها ; وبين بعضها وبعض ..

إلى حد يعطي فكرة عن تلك الحقيقة العميقة الكبيرة

= = =

يمامة الوادي 2008-05-17 12:52 AM

ووصل في إدراك التناسق بين عدد كبير من الضوابط

التي تضبط الحياة ; وتنسق بين الأحياء والظروف المحيطة بها ; وبين بعضها وبعض ..

إلى حد يعطي فكرة عن تلك الحقيقة العميقة الكبيرة التي تشير إليها الآية .

فالنسبة بين عوامل الحياة والبقاء وعوامل الموت والفناء في البيئة

وفي طبيعة الأحياء محفوظة دائما بالقدر الذي يسمح بنشأة الحياة وبقائها وامتدادها .

وفي الوقت ذاته يحد من انتشارها إلى الحد الذي لا تكفي الظروف

المهيأة للأحياء , في وقت ما , لإعالتهم وإعاشتهم !

ولعله من المفيد أن نشير إشارة سريعة إلى شيء من هذا التوازن

في علاقات بعض الأحياء ببعض .

إذ كنا قد أشرنا بشيء من التفصيل في سور أخرى

إلى التناسق في بناء الكون , وفي ظروف الأرض . .

***

"إن الجوارح التي تتغذى بصغار الطيور قليلة العدد ,

لأنها قليلة البيض , قليلة التفريخ , فضلا على أنها لا تعيش

إلا في مواطن خاصة محدودة . وهي في مقابل هذا طويلة الأعمار .

ولو كانت مع عمرها الطويل , كثيرة الفراخ مستطيعة الحياة في كل موطن

لقضت على صغار الطيور وأفنتها على كثرتها وكثرة تفريخها .

أو قللت من أعدادها الكبيرة اللازمة بدورها لطعام هذه الجوارح وسواها

من بني الإنسان , وللقيام بأدوارها الأخرى , ووظائفها الكثيرة في هذه الأرض !

بغاث الطير أكثرها فراخا *** وأم الصقر مقلات نزور

وذلك للحكمة التي قدرها الله كما رأينا ,

كي تتعادل عوامل البقاء وعوامل الفناء بين الجوارح والبغاث !

والذبابة تبيض ملايين البويضات . ولكنها لا تعيش إلا أسبوعين .

ولو كانت تعيش بضعة أعوام , تبيض فيها بهذه النسبة

لغطى الذباب وجه الأرض بنتاجه ; ولغدت حياة كثير من الأجناس

وأولها الإنسان - مستحيلة على وجه هذه الأرض .

ولكن عجلة التوازن التي لا تختل , في يد القدرة التي تدبر هذا الكون ,

وازنت بين كثرة النسل وقصر العمر فكان هذا الذي نراه !

والميكروبات - وهي أكثر الأحياء عددا , وأسرعها تكاثرا ,

وأشدها فتكا .. هي كذلك أضعف الأحياء مقاومة وأقصرها عمرا .

تموت بملايين الملايين من البرد , ومن الحر , ومن الضوء ,

ومن أحماض المعدات , ومن أمصال الدم , ومن عوامل أخرى كثيرة .

ولا تتغلب إلا على عدد محدود من الحيوان والإنسان .

ولو كانت قوية المقاومة أو طويلة العمر لدمرت الحياة والأحياء !

وكل حي من الأحياء مزود بسلاح يتقي به هجمات أعدائه

ويغالب به خطر الفناء . وتختلف هذه الأسلحة وتتنوع . فكثرة العدد سلاح .

وقوة البطش سلاح . وبينهما ألوان وأنواع . .

الحيات الصغيرة مزودة بالسم أو بالسرعة للهرب من أعدائها .

والثعابين الكبيرة مزودة بقوة العضل , ومن ثم يندر فيها السام !

والخنفساء - وهي قليلة الحيلة - مزودة بمادة كاوية ذات رائحة كريهة ,

تصبها على كل من يلمسها , وقاية من الأعداء !

والظباء مزودة بسرعة الجري والقفز ,

والأسود مزودة بقوة البأس والافتراس !

وهكذا كل حي من الأحياء الصغار والكبار على السواء .

***

يمامة الوادي 2008-05-17 12:53 AM

وكل حي مزود كذلك بالخصائص والوسائل التي يحصل بها على طعامه ,

والتي ينتفع معها بهذا اللون من الطعام . .

الأنسان والحيوان والطير وأدنأ أنواع الأحياء سواء . .

البويضة بعد تلقيحها بالحيوان المنوي تلصق بالرحم .

وهي مزودة بخاصية أكالة , تمزق جدار الرحم حولها وتحوله

إلى بركة من الدم المناسب لامتصاصها ونموها !

والحبل السري الذي يربط الجنين بأمه ليتغذى منها حتى يتم وضعه ,

روعي في تكوينه ما يحقق الغرض الذي تكون من أجله ,

دون إطالة قد تسبب تخمر الغذاء فيه , أو قصر قد يؤدي

إلى اندفاع الغذاء اليه بما قد يؤذيه" .

والثدي يفرز في نهاية الحمل وبدء الوضع سائلا أبيض

مائلا إلى الاصفرار . ومن عجيب صنع الله أن هذا السائل عبارة عن :

مواد كيماوية ذائبة تقي الطفل من عدوى الأمراض

. وفي اليوم التالي للميلاد يبدأ اللبن في التكوين .

ومن تدبير المدبر الأعظم أن يزداد مقدار اللبن الذي يفرزه الثدي

يوما بعد يوم , حتى يصل إلى حوالي ليتر ونصف في اليوم بعد سنة ,

بينما لا تزيد كميته في الأيام الأولى على بضع أوقيات

ولا يقف الإعجاز عند كمية اللبن التي تزيد على حسب زيادة الطفل ;

بل إن تركيب اللبن كذلك تتغير مكوناته , وتتركز مواده ,

فهو يكاد يكون ماء به القليل من النشويات والسكريات في أول الأمر ,

ثم تتركز مكوناته فتزيد نسبته النشوية والسكرية والدهنية فترة بعد أخرى

بل يوما بعد يوم بما يوافق أنسجة وأجهزة الطفل المستمر النمو.

وتتبع الأجهزة المختلفة في تكوين الإنسان , ووظائفها , وطريقة عملها ,

ودور كل منها في المحافظة على حياته وصحته . .

يكشف عن العجب العجاب في دقة التقدير وكمال التدبير .

ويرينا يد الله وهي تدبر أمر كل فرد . بل كل عضو .

بل كل خلية من خلاياه . وعين الله عليه تكلؤه وترعاه .

***

ولن نستطيع هنا أن نفصل هذه العجائب فنكتفي بإشارة سريعة

إلى التقدير الدقيق في جهاز واحد من هذه الأجهزة:

جهاز الغدد الصم "تلك المعامل الكيماوية الصغيرة التي تمد الجسم

بالتركيبات الكيماوية الضرورية , والتي يبلغ من قوتها أن

جزءا من ألف بليون جزء منها تحدث آثارا خطيرة في جسم الإنسان .

وهي مرتبة بحيث أن إفراز كل غدة يكمل إفراز الغدة الأخرى .

وكل ما كان يعرف عن هذه الإفرازات أنها معقدة التركيب تعقيدا مدهشا

وأن أي اختلال في إفرازها يسبب تلفا عاما في الجسم يبلغ حد الخطورة .

إذا دام هذا الاختلال وقتا قصيرا .

***

أما الحيوان فتختلف أجهزته باختلاف أنواعه وبيئاته وملابسات حياته . .

زودت أفواه الآساد والنمور والذئاب والضباع , وكل الحيوانات الكاسرة

التي تعيش في الفلاة , ولا غذاء لها إلا ما تفترسه من كائنات

لا بد من مهاجمتها , والتغلب عليها , بأنياب قاطعة , وأسنان حادة ,

وأضراس صلبة !

ولما كانت في هجومها لا بد أن تستعمل عضلاتها ,

فلأرجلها عضلات قوية , سلحت بأظافر ومخالب حادة ,

وحوت معدتها الأحماض والأنزيمات الهاضمة للحوم والعظام .

فأما الحيوانات المجترة المستأنسة التي تعيش على المراعي ,

فهي تختلف فيما زودت به .

وقد صممت أجهزتها الهاضمة بما يتناسب مع البيئة ,

فأفواهها واسعة نسبيا ; وقد تجردت من الأنياب القوية

والأضراس الصلبة . وبدلا منها توجد الأسنان

التي تتميز بأنها قاصمة قاطعة ;

فهي تأكل الحشائش والنباتات بسرعة , وتبتلعها كذلك دفعة واحدة

حتى يمكنها أن تؤدي للإنسان ما خلقت لأجله من خدمات .

وقد أوجدت العناية الخالقة لهذا الصنف أعجب أجهزة للهضم ,

فالطعام الذي تأكله ينزل إلى الكرش , وهو مخزن له ,

فإذا ما انتهى عمل الحيوان اليومي وجلس للراحة , يذهب الطعام

إلى تجويف يسمى [ القلنسوة ] . ثم يرجع إلى الفم , فيمضغ ثانية

مضغا جيدا , حيث يذهب إلى تجويف ثالث يسمى [ أم التلافيف ] ,

ثم إلى رابع يسمى [ الإنفحة ] وكل هذه العملية الطويلة

أعدت لحماية الحيوان , إذ كثيرا ما يكون هدفا لهجوم حيوانات كاسرة

في المراعي , فوجب عليه أن يحصل على غذائه بسرعة ويختفي .

ويقول العلم إن عملية الاجترار ضرورية بل وحيوية

إذ أن العشب من النباتات العسرة الهضم ,

لما يحتويه من السليلوز الذي يغلف جميع الخلايا النباتية ,

ولهضمه يحتاج الحيوان إلى وقت طويل جدا , فلو لم يكن مجترا

وبمعدته مخزن خاص , لضاع وقت طويل في الرعي ,

يكاد يكون يوما بأكمله , دون أن يحصل الحيوان على كفايته من الغذاء ,

ولأجهد العضلات في عمليات التناول والمضغ . إنما سرعة الأكل ,

ثم تخزينه وإعادته بعد أن يصيب شيئا من التخمر ,

ليبدأ المضغ والطحن والبلع , تحقق كافة أغراض الحيوان

من عمل وغذاء وحسن هضم . فسبحان المدبر .

والطيور الجارحة كالبوم والحدأة ذات منقار مقوس حاد

على شكل خطاف لتمزيق اللحوم

. بينما للإوز والبط مناقير عريضة منبسطة مفلطحة كالمغرفة ,

توائم البحث عن الغذاء في الطين والماء . وعلى جانب المنقارزوائد صغيرة

كالأسنان لتساعد على قطع الحشائش .

أما الدجاج والحمام وباقي الطيور التي تلتقط الحب من الأرض

فمناقيرها قصيرة مدببة لتؤدي هذا الغرض .

بينما منقار البجعة مثلا طويل طولا ملحوظا ,

ويمتد من أسفله كيس يشبه الجراب ليكون كشبكة الصياد .

إذ أن السمك هو غذاء البجعة الأساسي .

ومنقار الهدهد وأبو قردان طويل مدبب ,

أعد بإتقان للبحث عن الحشرات والديدان , التي غالبا ما تكون

تحت سطح الأرض . ويقول العلم:

إنه يمكن للإنسان أن يعرف غذاء أي طير من النظرة العابرة إلى منقاره .

أما باقي الجهاز الهضمي للطير فهو غريب عجيب .

فلما لم يعط أسنانا فقد خلقت له حوصلة وقانصة تهضم الطعام .

ويلتقط الطير مواد صلبة وحصى لتساعد القانصة على هضم الطعام

***

يمامة الوادي 2008-05-17 12:54 AM

ويطول بنا الاستعراض , ونخرج على منهج هذه الظلال ,

لو رحنا نتتبع الأنواع والأجناس الحية على هذا النحو ,

فنسرع الخطى إلى [ الإميبا ] وهي ذات الخلية الواحدة

لنرى يد الله معها , وعينه عليها , وهو يقدر لها أمرها تقديرا .

والإميبا كائن حي دقيق الحجم . يعيش في البرك والمستنقعات ,

أو على الأحجار الراسبة في القاع . ولا يرى بالعين إطلاقا .

وهو يرى بالمجاهر , كتلة هلامية , يتغير شكلها بتغير الظروف والحاجات . فعندما تتحرك تدفع بأجزاء من جسمها تكون به زوائد تستعملها كالأقدام ,

للسير بها إلى المكان المرغوب . ولذا تسمى هذه الزوائد بالأقدام الكاذبة .

وإذا وجدت غذاء لها أمسكت به بزائدة أو زائدتين , وتفرز عليه

عصارة هاضمة , فتتغذى بالمفيد منها ,

أما الباقي فتطرده من جسمها ! وهي تتنفس من كل جسمها

بأخذ الأكسوجين من الماء . .

فتصور هذا الكائن الذي لا يرى إطلاقا بالعين , يعيش ويتحرك , ويتغذى

ويتنفس , ويخرج فضلاته !

فإذا ما تم نموه انقسم إلى قسمين , ليكون كل قسم حيوانا جديدا . .

***

وعجائب الحياة في النبات لا تقل في إثارة العجب والدهشة

عن عجائبها في الإنسان والحيوان والطير

والتقدير فيها لا يقل ظهورا وبروزا عنه في تلك الأحياء .

(وخلق كل شيء فقدره تقديرا) . .

على أن الأمر أعظم من هذا كله وأشمل في التقدير والتدبير .

إن حركة هذا الكون كله بأحداثها ووقائعها وتياراتها

مقدرة مدبرة صغيرها وكبيرها .

***

كل حركة في التاريخ ككل انفعال في نفس فرد , ككل نفس يخرج من صدر !

إن هذا النفس مقدر في وقته , مقدر في مكانه , مقدر في ظروفه كلها ,

مرتبط بنظام الوجود وحركة الكون , محسوب حسابه في التناسق الكوني ,

كالأحداث العظام الضخام !

وهذا العود البري النابت وحده هناك في الصحراء . .

إنه هو الآخر قائم هناك بقدر . وهو يؤدي وظيفة ترتبط

بالوجود كله منذ كان !

وهذه النملة الساربة وهذه الهباءة الطائرة ،

وهذه الخلية السابحة في الماء . كالأفلاك والأجرام الهائلة سواء !

تقدير في الزمان , وتقدير في المكان , وتقدير في المقدار ,

وتقدير في الصورة . وتناسق مطلق بين جميع الملابسات والأحوال .

***

من ذا الذي يذكر مثلا أن زواج يعقوب من امرأة أخرى

هي أم يوسف وبنيامين أخيه , لم يكن حادثا شخصيا فرديا . .

إنما كان قدرا مقدورا ليحقد إخوة يوسف من غير أمه عليه ,

فيأخذوه فيلقوه في الجب - ولا يقتلوه - لتلتقطه السيارة .

لتبيعه . في مصر . لينشأ في قصر العزيز .

لتراوده امرأة العزيز عن نفسه . ليستعلي على الإغراء .

ليلقى في السجن . .

لماذا ?...

ليتلاقى في السجن مع خادمي الملك . ليفسر لهما الرؤيا . .

لماذا ?... إلى تلك اللحظة لا يوجد جواب ،

ويقف ناس من الناس يسألون : لماذا ? لماذا يا رب يتعذب يوسف ?

لماذا يا رب يتعذب يعقوب ? لماذا يفقد هذا النبي بصره من الحزن ?

ولماذا يسام يوسف الطيب الزكي كل هذا الألم , المنوع الأشكال ? لماذا ?

. ولأول مرة تجيء أول إجابة بعد أكثر من ربع قرن في العذاب ,

لأن القدر يعده ليتولى أمر مصر وشعبها والشعوب المجاورة

في سني القحط السبعة ! ثم ماذا ? ثم ليستقدم أبويه وإخوته .

ليكون من نسلهم شعب بني إسرائيل . ليضطهدهم فرعون .

لينشأ من بينهم موسى - وما صاحب حياته من :

تقدير وتدبير - لتنشأ من وراء ذلك كله قضايا وأحداث وتيارات

يعيش العالم فيها اليوم بكليته ! وتؤثر في مجرى حياة العالم جميعه !!

***

ومن ذا الذي يذكر مثلا أن زواج إبراهيم جد يعقوب من هاجر المصرية

لم يكن حادثا شخصيا فرديا . إنما كان وما سبقه في حياة إبراهيم

من أحداث أدت إلى مغادرته موطنه في العراق ومروره بمصر ,

ليأخذ منها هاجر , لتلد له إسماعيل . ليسكن إسماعيل وأمه

عند البيت المحرم . لينشأ محمد [ صلى الله عليه وسلم ]

من نسل إبراهيم - عليه السلام - في هذه الجزيرة . أصلح مكان

على وجه الأرض لرسالة الإسلام . .

ليكون من ذلك كله ذلك الحدث الأكبر في تاريخ البشرية العام !

إنه قدر الله وراء طرف الخيط البعيد . لكل حادث . ولكل نشأة .

ولكل مصير . ووراء كل نقطة , وكل خطوة , وكل تبديل أو تغيير .

إنه قدر الله النافذ , الشامل , الدقيق , العميق .

وأحيانا يرى البشر طرف الخيط القريب ولا يرون طرفه البعيد .

وأحيانا يتطاول الزمن بين المبدأ والمصير في عمرهم القصير ,

فتخفى عليهم حكمة التدبير . فيستعجلون ويقترحون

وقد يسخطون . أو يتطاولون !

والله يعلمهم في هذا القرآن :

أن كل شيء بقدر ليسلموا الأمر لصاحب الأمر , وتطمئن قلوبهم وتستريح

ويسيروا مع قدر الله في توافق وفي تناسق ,

وفي أنس بصحبة القدر في خطوه المطمئن الثابت الوثيق . .

***

ومع التقدير والتدبير , القدرة التي تفعل أعظم الأحداث بأيسر الإشارات:

( وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر). .

فهي إشارة واحدة . أو كلمة واحدة

يتم بها كل أمر: الجليل والصغير سواء .

وليس هنالك جليل ولا صغير . إنما ذلك تقدير البشر للأشياء .

وليس هنالك زمن ولا ما يعادل لمح البصر .

إنما هو تشبيه لتقريب الأمر إلى حس البشر .

فالزمن إن هو إلا تصور بشري ناشيء من دورة أرضهم الصغيرة ,

ولا وجود له في حساب الله المطلق من هذه التصورات المحدودة .

واحدة تنشئ هذا الوجود الهائل . وواحدة تبدل فيه وتغير .

وواحدة تذهب به كما يشاء الله . وواحدة تحيي كل حي .

وواحدة تذهب به هنا وهناك . وواحدة ترده إلى الموت ،

وواحدة تبعثه في صورة من الصور . وواحدة تبعث الخلائق جميعا .

وواحدة تجمعهم ليوم الحشر والحساب .

- - --





كتبها بو عبدالرحمن

strange 2008-05-17 1:30 AM

ماشاء الله مقالة جميلة مفيدة جدا

جزا الله كاتبها وناقلها

بارك الله فيك أختي يمامة

__________________________________________________ _______________

يمامة الوادي 2008-05-17 1:44 AM

الله يسلمك,,,

جـ22ـوري 2008-05-17 12:23 PM

ماشاء الله مقالة جميلة مفيدة جدا

يمامة الوادي 2008-05-17 5:26 PM

الله يسلمك,,,

ليالي نجد 2008-05-17 6:50 PM

بارك الله فيك وجزاك خير الجزاء

يمامة الوادي 2008-05-18 12:40 AM

الله يسلمك,,,


الساعة الآن 2:49 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By World 4Arab

Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

جميع الآراء والتعليقات المطروحة تمثل وجهة نظر كاتبها وليس بالضرورة وجهة نظر الموقع وللأتصال بالدكتور فهد بن سعود العصيمي على الايميل التالي : fahd-osimy@hotmail.com