منتديات موقع بشارة خير

منتديات موقع بشارة خير (https://www.22522.com/vb/index.php)
-   منتدى القصة (https://www.22522.com/vb/forumdisplay.php?f=65)
-   -   درس على الطريق ..! (https://www.22522.com/vb/showthread.php?t=65396)

يمامة الوادي 2008-05-16 11:19 PM

درس على الطريق ..!
 
درس على الطريق ..!

= = =

قال الراوي :

منذ إن كنت صبياً ، في سن السابعة ، كان أبي يحرص على إيقاظي لصلاة الفجر ، ليعرّض قلبي لنفحات السماء في تلك الساعة الصافية ، التي لم تتلوث بأنفاس الناس بعد ، حيث أن أكثر الخلق فيها لا زال متدثراً في فراشه ، قد آثر شهوة نفسه في النوم ، على مراد الله منه ، فخسر مرتين من حيث لا يدري !

*

وكان أبي بعد انصرافنا من الصلاة ، يحرص أن يضمني إليه ، فأسير إلى جواره ملتصقاً به ، وفي كثير من الأحيان يحدثني حديثه الروحي الشجي ، في حب وحنو وإشفاق ..وكنت أشعر أن حديثه في مثل تلك الساعة ، يأتي وله نكهة خاصة ، وفيه عبق مميز ..!

أما أثناء الذهاب للمسجد ، فإنه يؤثر أن ينشغل بالذكر والمناجاة طوال الطريق ..

*

مما أذكره أنه قال لي يوما بعد انصرفنا من الصلاة ، وكنت يومها قد بلغت نهاية المرحلة الإعدادية ، وكنا على أبواب العطلة الصيفية .. قال :


يا بني اعمل على توسيع منافذ الخير في نفسك ، وابحث عن الوسائل الموصلة إلى ذلك ، وستجد الكثير منها ،

وفي المقابل : اجهد جهدك أن تعمل على تضييق منافذ الشر ، وإغلاق وبواباته ، بعدم الاقتراب منها ..


بهذا وهذا وأمثاله تصبح يا بني ، مباركاً أينما كنت ، حيث تبقى مسدد الخطو حيثما حللت ونزلت ..

=

وضمني ضمة حانية ، ومسح على راسي ثم واصل حديثه :

واعلم أن الوصول إلى سماء السمو ، يحتاج منك إلى جرعة صدق ، وشيء من همة ، وصبر ومصابرة ، ومجاهدة للنفس وأنت تلزمها بالإقبال على أنواع من الطاعات ، فيتولد من ذلك أن يتسلل إلى شغاف قلبك أنوار الإيمان واليقين والتقوى ، تحسها إحساساً مباشرا ، لا مجرد معانٍ هائمة في الخيال ..

.

ونظر إليّ متبسماً ، كأنه كان يخشى أنني لا افهم ما يقول ، ثم واصل حديثه :

إنك حين تصبح كذلك تغدو كالشامة متميزا حيث كنت ، يقذف الله محبتك في قلوب المحيطين بك ، بل تجده سبحانه يخلصك من كل ضيق قد يلم بك ، ويخرجك من كل كربة قد تقع عليك ، ويهون عليك كل شدة ،

لأن القاعدة الربانية تقول :

اعرف الله بصدق في الرخاء ، يعرفك سبحانه في الشدة ..

وهنا قال في حنو : هل تفهم ما أقوله .. ؟

قلت : كلامك واضح وجميل يا أبت ..

اتسعت ابتسامته وعاد يقول :

*

فالمفتاح إذن بيدك أنت ، وأنت تستطيع أن تفعل الكثير إذا عزمت عزماً صادقا ، ومضيت فيه .

ولا تنس خلال ذلك كله أنك مطالب أيضا أن يكون لك سمتك الخاص المتميز ، وسلوكياتك الراقية التي تتهلل لها الملائكة ، فلا تزال منشغلة بك حيثما كنت !

يا بني ، إنه ينتظر منك الكثير ، وأنت قادر على إنجاز ما يُنتظر منك ، فلا تستخف بنفسك ، ولا تحتقرن شأنك ، ولا تقلل من قدرتك .. واحرص على الانتفاع بوقتك ، فلا تضيع ساعة منه هدراً ...

ثم يا بُني ، اسمع ما قال القائل :

ليس المطلوب منك أن تطفئ جذوة الحماسة في قلبك ، بل المطلوب أن توجهها ، ولا المطلوب منك أن تقبل على العمل فقط ، بل أنت مطالب بإتقان العمل ..

وصدق والله ..

قلت : أعجبتني هذه الكلمات يا أبي ، ثم استدركت وقلت :

كما أعجبني كلامك كله ..!

ضحك عاد يمسح على رأسي ثم قال :

فإن شئت أن تحقق نجاحا متميزا في هذا كله فاسمع مني ما سأقوله :

=

صوّر في ذهنك الإنسان الذي ترغب أن تكون مثله ، واقرأ سيرته ابتداءً ، واعرف تفاصيل عن جوانب حياته المشرقة ، تمثله بين عينيك .. تصوره يصحبك حيثما كنت ، يمشي إلى جانبك .. يراك ..يتابع خطواتك .. يسمع منك ، وتصغي أنت بدورك إليه .. يوجهك بالكلمة والإشارة والبسمة والهمسة ، وشيئا فشيئا يتشرب قلبك هذه الشخصية وينفعل بها ، فإذا أنت مسدد الخطو ، كأن شيخاً يربيك خطوة في إثر خطوة !

=

ولكن إذا أردت أن تكون نسخة من أحدٍ ، فلا ترضى بالدون ، ولا تقنع بغير الأصل الأصيل ، ولن يكون غير سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم ..

وهل مثل محمد أحد في العالمين ؟! لا والذي فطر الخلق ، ورفع السماء بلا عمد

واعلم أنك كلما اقتربت من هذا الأصل تطبيقا ، فأنت إلى سمو وخير ورفعة ..

ليس في دنيا الناس منذ أن خلقهم الله أروع ولا أفضل ، ولا أزكى ولا أرقى ، ولا أجمل ولا أعظم من محمد صلى الله عليه وسلم .

في ضميري دائما صوت النبي *** آمراً : جاهدْ وكابد واتعبِ

صائحاً : غالب وطالب وادأبِ *** صادحاً : كن أبداً حراً أبي !

.,

اجعله نصب عينيك ، تخيل أنك في صحبته حيثما كنت ، كلما واجهك موقف ، أو توجب عليك اتخاذ قرار ، تفكّر لو أن رسول الله مكانك ، ماذا يمكن أن يفعل ، وكيف يمكن أن يتصرف ، حاول أن تصل إلى القرار الذي يمكن أن يتخذه صلى الله عليه وسلم في ذلك الموقف ، ثم استعن بالله وتوكل عليه وامض ولا تلتفت إلى شيء !

.

إنك لو استطعت أن تنجح في هذه الخطوة ، سيتغير مجرى حياتك كله ، وسترى أنك لا تزال تسمو وتسمو ، في الوقت الذي ينحدر فيه غيرك من الشباب إلى دركات الشقاء ، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ..

تعلو ويسفلون ، وتسعد ويشقون ، وشتان بين الثرى والثريا ..!

*

كنا قد أوشكنا أن نصل إلى البيت ، فقال مختتما حديثه :

أتمنى أن تكون قد استوعبت ما قلته لك اليوم ، فإنه ظل يختمر في قلبي وعقلي منذ البارحة ، وأنا أركع واسجد قبل صلاة الفجر ..

قلت : وأنا أتمنى أن ترى مني ما تقر به عينك ..

فضمني إليه وقبلني على جبيني ، وقبلته في صدره وأنا أحتضنه بقوة ..








كتبها بو عبدالرحمن

strange 2008-05-17 3:34 PM

مشكورة يعطيكي ألف عافية

بارك الله فيك
____________________________________

يمامة الوادي 2008-05-17 5:37 PM

الله يسلمك,,,


الساعة الآن 1:01 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By World 4Arab

Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

جميع الآراء والتعليقات المطروحة تمثل وجهة نظر كاتبها وليس بالضرورة وجهة نظر الموقع وللأتصال بالدكتور فهد بن سعود العصيمي على الايميل التالي : fahd-osimy@hotmail.com