![]() |
( متاعب الحياة ... وجرعة دواء مركزة !! )
( متاعب الحياة ... وجرعة دواء مركزة !! )
- - - - - - - - - - - - - - - - وتبقى حركة الدنيا تدور ، ودولاب الحياة لا يتوقف .. وهموم الإنسان اليومية ، هي الزاد الذي يطحنه طحن الرحى ، فتضيع عليه حلاوة يومه وليلته ، وتتبدد قواه ، وتخور آماله ، وبسبب ذلك يعيش فريق من الناس أشبه بالحيارى أو السكارى ، تجده هائم الوجهة ، لا يكاد يعرف له قبلة يتجه بخطى مسددة إليها ، فلا عجب أن نراه يستفرغ غضبه كله ، فوق رؤوس زوجه وأولاده ، مع أنهم أحوج ما يكونون إلى هدوء أعصابه ، ليتعلموا منه ، ويقتدوا به ، ويستضيئوا بأفكاره ، غير أنه يشعر في قرارة نفسه ، أنه قد تحطّم قبل أن يضع قدميه على عتبة داره ، فدخل عليهم بعد أن أصبح نصف رجل ، بنصف عقل !! هموم الحياة الطاحنة ، لاسيما في زمن مُـتعِـب كهذا العصر الذي نعيش فيه ، بطلباته المتعددة التي نركض وراءها، ولا نكاد نحصل منها إلا قبض الريح ، وواجباته الكثيرة التي تحاول جاهداً أن توفي بعضها ، فلا يكاد يخرج بين يديك منها عمل متكامل يريح ضميرك ،ويرضي الآخرين عنك ، ورغباته المحمومة التي يهيجك إليها ما تراه وما تسمعه ، فلا تملك إلا أن تقلّب عينيك في السماء وقد فلتت منك أعصابك ، وتشتت قواك ، وحار دليلك ..! وبسبب من هذا كله تتولد لدى كثيرين مشاعر إحباط شديدة تقود إلى دوائر يأس قاتل ، وكآبة تتحطم لها النفس فيموت الإنسان موتات قبل أن يأتيه الموت رسمياً !! بسبب هذا ونحوه أيضا : أقبل كثيرون على التهام كتب علم النفس ، أو المسارعة في الالتحاق بدورات متنوعة ، لعلهم يجدون فيها حلاً لهذه المعضلة ، فإذا هي تحدثهم بشيء من الإسهاب والتركيز عن : ضرورة أن يستقطع الإنسان العاقل من يومه ساعة كاملة أو قريباً منها ، ينخلع فيها عن جميع أفكاره ، ويخلو إلى نفسه ، فيغمض عينيه ليذهب في عملية تركيز على شيء _ أي شيء _ قد لا يكون ذا بال ولا أهمية ، فيجمع حواسه كلها ليصبها في ذلك الشيء ، ويذهب محلّقاً معه وحده إلى أبعد ما يمكن السفر إليه بخياله !! ويزعم هؤلاء أن هذه الساعة على هذا النحو – أو شيء قريب منه مشابه له – يزعمون أن هذه الساعة كفيلة بأن تحقق للإنسان الراحة النفسية المنشودة ، يقول أحدهم في كتاب ألفه لهذه القضية : هذا التركيز – غير النافع فيما يبدو – هو الذي يحقق الراحة لكل قواك الجسمية والعقلية ، بشرط واحد : هو أن تكرر ذلك كثيراً ، وبانتظام ، وفي إصرار ، وبلا ملل ، وبمجهود قد يشق عليك في البداية ، غير أنك تصبح تؤديه بلا مجهود بعد ذلك .. والذي نقوله جازمين واثقين : لماذا لا يعتمد الإنسان الخطة النبوية ،والوصفة الربانية ، للوصول إلى آفاق أبعد مدى من هذا الذي يزعمونه في مسألة الراحة النفسية ،؟ لماذا تجد كثيرين منا وفينا يلتزمون حرفياً وبكل دقة ، بما يوصيهم به طبيب متخصص ، جاءوا لاستشارته ، ثم أنت تجدهم يتفلتون ويعرضون من كل وصية يرشدهم إليها نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم ، مع أنه لا ينطق إلا عن وحي خالص ؟ ترى ماذا جاء في الوصفة النبوية في هذا الشأن ؟ الكثير الكثير ، ومن هذا الكثير: يخبرنا صلى الله عليه وسلم أنّ من صلى الفجر في جماعة ثم جلس في مصلاه حتى تطلع الشمس ، فله أجر حجة وعمرة تامتين تامتين . وهو كما ترى ، أجر يسيل له لعاب عشاق الجنة ، والطامحين لتحصيل مرضاة الله عنهم . خلال هذه الجلسة الصباحية والتي تشهد فيها ولادة النهار شيئاً فشيئا والتي قد تستغرق الساعة ونحوها – يمكنك أن تمارس ألواناً من الطاعات : فكرة عميقة ، وذكر كثير ، وتلاوة معطرة ، وتأمل مستغرق ، وكل ذلك إذا أحسنت السير فيه ، وجمعت فكرك معه ، واستحضرت قلبك خلاله ، لابد أن يخلعك خلعاً من كل همومك لتجد نفسك وقد ولجت عوالم كثيرة ، وانتقلت إلى آفاق واسعة رحبة ، تفيض عليك خيراً وبركة ونما .. هل قليل أن تستقطع من تلك الساعة جزءً منها في التفكر الهادئ العميق في التعرف على معاني أسماء الله الحسنى ، وتدبرها ، وملاحظة آثارها في واقع حياة الناس ؟ هل قليل أن تدير فكرك كله في الوصول إلى حقيقة هذه الدنيا وحجمها وعمرها ، ثم الانتقال للوقوف على أهوال الآخرة وما وعد الله فيها للأبرار ، وما توعد به الأشرار ..؟ هل قليل أن تمضي مستغرقاً في التفكير في صفات الجنة ولذائذها ، ودوام نعيمها ، وصفات أهلها ، ثم الانتقال بفكرك لتطل إطلالة على النار وأهوالها ..؟ هل قليل أن تسبح سباحة مركزة مع ذكر الله تعالى ،لتدخل أجواء الملائكة وتشاركهم هذا النشيد الذي هو طعامهم وشرابهم وحياة حياتهم ؟ هل قليل أن تقرر الإبحار مع آيات الله تعالى متأملاً في معانيها ، متدبراً ما وراء حروفها ، محاسباً نفسك على ضوئها ؟ هل قليل أن تبقى رافعاً أكف الضراعة والاسترحام والافتقار بين يدي الله مناجياً إياه مبتهلاً إليه ، منكسراً على أعتابه ، مثنياً عليه بما هو أهله ، ليصب على قلبك في تلك الساعة فيض أنوار تجدها تهزك هزاً ، حتى لا تملك معها دموع عينيك من الاسترسال .؟ يكفي أن تتأمل هذا الحديث القدسي ، حتى يتشرب قلبك معانيه : يقول الحق تبارك وتعالى : ( أنا جليس من ذكرني ) وفي رواية : ( وأنا معه إذا ذكرني ) ففي تلك الساعة تكون أنت في معية خاصة بين يدي الله جل جلاله ، في الوقت الذي آثر أكثر الخلق البقاء تحت الغطاء ريثما تطلع الشمس ، لتوقظهم فيهرولون في جنون إلى أعمالهم ، ثم يشتكون من ضغط الحياة !!! إذا لم تستطع أن تحقق ذلك بعد صلاة الفجر ، فما الذي يمنعك أن تحققه في أي وقت يتاح لك في يومك أو ليلتك ؟ ودعك من أوهام فلاسفة الشرق أو الغرب .. فما خاب والله من عامل الله بصدق .. لقد قالوا وصدقوا : عامل الله ،وأبشر بخير .... بل بكل خير ..! ودعك من هرطقات الذين يدنوندن بعيداً عن مركز الدائرة !! كتبها بو عبدالرحمن |
جزاك الله خيرا
|
الله يسلمك,,,
|
|
شكرا لمرورك,,,
|
جزاك الله خيرا
|
الله يسلمك,,,
|
الساعة الآن 7:21 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
TranZ By World 4Arab