هذا أوان الشد ، فاشتدي !!
 

هذا أوان الشد ، فاشتدي !!

ويشتد الخناق على غزة الجريحة ،
ويعربد الباطل وهو يرى شعباً يئن ويتلوى ، وأطفالاً ونساء وشيوخاً يموتون ،
ومرضى يتساقطون ، وشهداء يرتفعون ، وآلام تتجدد ...
ويحسب أن هذا سيفت في عضد المؤمنين ،
وما علم أن النار لا تزيد الذهب إلا تلألؤاً وصقلاً ..!
وما علم أن ضريبة الإيمان هي هذه الآلام ، التي سيعقبها النصر بعون الله ،
.
فلقد ضاقت الأرض بما رحبت على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
لسنوات متصلة ، ثم ما ذا كان ..؟؟
ولد الفجر من تحت الركام ، وجاء نصر الله والفتح المبين ،
وأعز الله أولياءه ، وخذل أعداءه ..
.
فهذا أوان الشد .. فاشتدي !!
فما بعد شدة الضيق إلا الفرج ،
وما بعد شدة الظلام إلا الفجر ،
وما بعد قسوة الظلم ، إلا تنزل النصر من حيث لا يحتسب أحد ..
وإن النصر لقريب ، ولكنا قوم نستعجل قطف الثمار .. !
.
ولا يشك ذو عقل ، طرفة عين أن وعد الله آتٍ آت ..
وهؤلاء جنده الأطهار :
قادمون ، رغم كثافة الضباب ، الذي يكاد يغطي الرؤية ..!
قادمون من رحم المعاناة ، ومن تحت الركام الكثيف ، ومن خلف الأفق البعيد ..
قادمون يحملون لهذا العالم كله مشاعل الأمل ، ورايات الأمن والأمان ..
قادمون وعلى وجوههم مسحة صفاء عجيب ، لا يصنعها شيء
سوى إطالة السجود في جوف ليل ،
وتغسلها دموع مناجاة بين يدي الله جل في علاه .
.
قادمون وقد أفرغوا قلوبهم مما يشد الناس إلى أوهاق الأرض ،
لتمتلئ بالنور في أجواء الملائكة الكرام ،
وهي تصحبهم في حلهم وترحالهم ، فالصاحب يعدي صاحبه ولابد !
قادمون كأنهم الفجر يتولد عنه صباح يوم جميل مشرق ،
يملأ وجه العالم بالنور !
.
قادمون بقلوب تفيض حباً ، وتقطر مودة ، وتحمل خيراً ، وتنشر نورا ..
قادمون مهما طغى الباطل ، وأزبد وعربد، وصاح وولول ، وهدد وتوعد ..!
.
قادمون وصدى أصواتهم تتردد في الآفاق بقوة ، تهتز لها جنبات الأرض :
ورؤوسنا يا رب فوق أكفنا ** تبغي رضاك مغنما وجوارا
.
قادمون وأن سال الدم على الدم ، والشهيد في إثر الشهيد ،
والهدم يعقبه هدم ، لكن المواكب لا تتوقف ،
بل لا تزال تزحف زحف النهار على الليل ..
ويقول صغار العقول : متى هو ؟!!
_ ( قل : عسى أن يكون قريبا ) .. وكل آتٍ فهو قريب ..
.
نعم إنه ابتلاء عظيم وشديد ، ولكن لابد للولادة من مخاض وآلام ..!
ونصر الله في كثير من الأحيان ، يتنزل بعد أن يستيئس الرسل !
فيا ازمة اشتدي ، قد آذن فجرك بالبلج بعون الله ..
ويا أقدام الصبر أعيني ، فما بقي إلا القليل ..





كتبها بو عبدالرحمن