![]() |
ليت الطواف بحجم الكرة الأرضية !!
ليت الطواف بحجم الكرة الأرضية !! قال الراوي : رحلنا عن مكة ، بعد الفراغ من أعمال العمرة ، غير أن وجه الكعبة المشرفة المشرق ، لا يزال منتصباً في قلبي ، يقيم أفراحه السماوية في غور روحي ، ويحرك جوانحي أشواقاً إلى السماء .. . كل شيء في تلك البقعة المباركة ، تجسد الآن أمام عيني : الكعبة بما فيها من جلال وهيبة وجمال ، أعمدة المسجد الحرام ، طيوره ، أرضيته ، سماؤه ، غبار أرضه ، أمواج الناس وهم يطوفون به ، يحملهم الشوق ، والحب والوله ، في روحانية عجيبة ، لابد أن تترك بصمتها على وجه قلبك ! . كل شيء وجد له مساحة في قلبي ، ليستقر فيه ، كأنني لم ابرح المكان ، أو كأن المكان انتقل معي حيثما تنقلت ..!! السيارة التي تقلني تبتعد عن هذه المدينة المباركة ، غير أن قلبي لا يزال مشدوداً إلى ذلك البيت فيها ، بيت الرب سبحانه ، كانت عيناي تتطلعان إلى الطريق الطويل ، والحق أنني لم أكن أرى إلا الكعبة وأجواءها ، وأشم عبقها ، وأعطر روحي بأريجها السماوي ! . كنت منخلعاً تماماً عما حولي ، لم أكن اسمع ما يدور من حديث وضحكات ، بين ركاب السيارة ، لأن سمع قلبي لا تزال ترن فيه تلك الأصوات الحبيبة ، وهي تناجي ربها وهي تطوف بالكعبة ، حتى أنني كنت أحياناً ألتقط دعاء ، من فم إنسان أمر به ، لأنه هز ناحية في قلبي ، أو لأنه نبهني لمعنى كان غائباً عني ، فأكمل تلك الجولة من الطواف ، وأنا أردد هذا الدعاء الذي أكرمني الله به ، على لسان عبد من عباده !! . مرت ساعات منذ أن غادرت المدينة المباركة ، غير أني لا زلت أعيش بروحانية تلك الأجواء العبقة ، المشحونة بأنفاس الملائكة ، ولذا لا أغالي حين أقول أني شعرت أن روحي كانت تغتسل بالنور ، لأنها كانت تخوض بحر الأنوار !! . حين كنت هناك ، كان يخيل إليّ أن النور فيها ، ينبعث من كل جزئية في أرضها ، يشع نحو السماء ، فتتشربه هذه الشمس ، لتسكبه نورا على الحياة..! والآن وقد ابتعدت كثيراً عن المكان الطاهر ، أصبحت أشعر شعوراً قوياً عجيباً ، أن النور ينبعث من كل جزئية في قلبي ، لأن المكان أصبح هناك !! . حين كنت أطوف طوافي الأخير بالبيت مودعاً ، هجم على قلبي حزن العالم كله ، كيف سأنتزع نفسي من هذا المكان ، هل يمكن أن يقتطع إنسان قلبه بيده ، ثم يمضي ويخلفه وراءه ؟ ووجدت نفسي أنوح بلا صوت على حالي ، ودموعي تسح تغسل وجهي ، وأنا أردد : يا رب الرحمة ، الرحمة لا أسألك غير الرحمة ، لهذا القلب المثقل بالحزن على فراق بيتك الكريم ..! . انخلعت ساعتها عن الدنيا وما فيها ، ولم أعد اشعر بهذه الجموع ، وهي من حولي كأنها موج البحر الهادر ..! كنت مشدوداً بقوة إلى البيت ، وعيناي تكتحلان للمرة الأخيرة بمرآه ، وما أشد ما أفزعني أن هجس في قلبي هاجس يهمس في أذن قلبي : لعلي لا أرى البيت بعد عامي هذا ! . كنت أشعر أن كل نظرة إلى الكعبة ، تمنحني زاداً إضافياً من الشوق ، وأنها تسقي قلبي سقيا نور ، وتمنحني فيضاً من بركتها ، وتعزز في قلبي حب ربي سبحانه .. ومن هنا كنت أطيل النظر وأتوقف طويلاً بين الخطوة والخطوة ، كأنما لا أريد أن أكمل الطواف ، وتمنيت لو أن كل شوطٍ من أشواط الطواف بطول الكرة الأرضية كلها !! لاستمتع أكثر !!! . وكان مما لابد منه ، جاءت ساعة الفراق ، وحانت لحظة خروجي من المسجد الحرام ، وناحت نفسي نواحها ، وقامت قيامة قلبي ، وزُلزلتْ أرض روحي زلزالها .. وانسحبت وأنا أتمتم : واشوقاه .. واشوقاه ..! . حين أقرأ أو أسمع عن أناس يسافرون شرقا وغرباً ، ويتجولون في هذا العالم بحثا عن المتعة ، أو وهم السعادة ، ثم هم يغفلون عن السفر إلى هذه البقعة الطاهرة ، أتحسر والله كثيراً ، ولا أملك إلا أن أردد : إنها : (.. لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ) ..!! يا حسرة على العباد ...! ** كتبها بو عبدالرحمن |
شـــــــــــــكرا لكعلى هذا الطرح الرائع و جزاك الله كل خيــر |
الله يسلمك,,,
|
يسلمو ع القصه الحلوه
|
الله يسلمك,,,
|
الساعة الآن 6:25 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
TranZ By World 4Arab