![]() |
رحلة غريبة
جلست أمام الموقد تطهو الخروف الصغيرالذي أحضره زوجها لوليمة الأسرة، كان العرق يتصببُ من جبينها الأسمرالذي لوحته الشمس بأشعتها الحارة، و يزداد انبجاسًا من مسامات جسدها النحيل المتعب في خدمة أهل المزرعة دون معين، كلما امتد رأس ملقط الفحم كحصان في سباق، وهو يقلب الجمر تحت القدر الكبير . أحست برغبة غامرة بتقليب الجمر أكثر مما يتطلب الأمر منها..غرقت عيناها في لهيب النار الحمراء، غرقت، مرت لحظات أحست بعدها بمغادرة جسدها، وغوصها في أعماق النار بلا حذر...عالم دافئ يوقظ المشاعر ببريق الأجواء الخاطفة للأبصار، انطلقت في كل الاتجاهات تستكشف هذا العالم الغريب، وما فيه من جمالٍ يسلب الألباب.. رأت جبالا، وديانا، بحارًا وأنهارا كلها تتلظى احتراقًا.. اقتربت من نهريجري ملتهبًا يشع كألوان قوس قزح.. غمست فيه يديها فذابتا قبل أن تشعر بهما.. ابتعدت عن النهر، والرعب يملأ قلبها.. صرخت تطلب النجدة، لاأحد هنا غيرها.. تريد يديها.. هبت ريح عاصفة يتطاير منها شرر كثيف أصاب عينيها فسالتا فوق خدين حفرتهما الريح النارية، وشعرها المحترق تلتصق بقاياه في أماكن متفرقة من وجهها.. ركضت دون هدى.. ركضت أكثر، وأكثر.. أحست بحرارة الأرض تأكل لحم قدميها ومنهما تتكمش بجسدها كله.. لم تعد تشعر بشيء... تلاشى فيها الإحساس لولا أن خرج الحصان الناري من تحت القدر ملتقطًا بفمه جمرة حمراء وقعت فوق قدمها فصرخت متألمة.. انتبهت.. فوجدت نفسها مازالت ترى ويداها تدفعان الجمرة عن قدمها. بقلم (مريم يمق) زاهية بنت البحر |
الساعة الآن 5:22 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
TranZ By World 4Arab