![]() |
هزيمة أحد.. والدرس الكبير: وما كان قولهم إلا أن قالوا..
بسم الله الرحمن الرحيم
لقد كانت الهزيمة في « أحد » ، هي أول هزيمة تصدم المسلمين ، الذين نصرهم الله ببدر وهم ضعاف قليل; فكأنما وقر في نفوسهم أن النصر في كل موقعة هو السنة الكونية . فلما أن صدمتهم أحد ، فوجئوا بالابتلاء كأنهم لا ينتظرونه! ولعله لهذا طال الحديث حول هذه الواقعة في القرآن الكريم . واستطرد السياق يأخذ المسلمين بالتأسية تارة ، وبالاستنكار تارة وبالتقرير تارة وبالمثل تارة تربية لنفوسهم وتصحيحاً لتصورهم ، وإعداداً لهم . فالطريق أمامهم طويل والتجارب أمامهم شاقة والتكاليف عليهم باهظة والأمر الذي يندبون له عظيم . والمثل الذي يضربه لهم هنا مثل عام ، لا يحدد فيه نبياً ولا يحدد فيه قوماً . إنما يربطهم بموكب الإيمان; ويعلمهم أدب المؤمنين; ويصور لهم الابتلاء كأنه الأمر المطرد في كل دعوة وفي كل دين; ويربطهم بأسلافهم من اتباع الأنبياء; ليقرر في حسهم قرابة المؤمنين للمؤمنين; ويقر في أخلادهم أن أمر العقيدة كله واحد . وإنهم كتيبة في الجيش الإيماني الكبير : { وكأي من نبي قاتل معه ربيون كثير . فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا } . . . . وكم من نبي قاتلت معه جماعات كثيرة . فما ضعفت نفوسهم لما أصابهم من البلاء والكرب والشدة والجراح . وما ضعفت قواهم عن الاستمرار في الكفاح ، وما استسلموا للجزع ولا للأعداء . . فهذا هو شأن المؤمنين المنافحين عن عقيدة ودين . . { والله يحب الصابرين } . . الذين لا تضعف نفوسهم ولا تتضعضع قواهم ولا تلين عزائمهم ولا يستكينون أو يستسلمون . . والتعبير بالحب من الله للصابرين . له وقعه . وله إيحاؤه . فهو الحب الذي يأسو الجراح ويمسح على القرح ويعوض ويربو عن الضر والقرح والكفاح المرير! وإلى هنا كان السياق قد رسم الصورة الظاهرة لهؤلاء المؤمنين في موقفهم من الشدة والابتلاء . فهو يمضي بعدها ليرسم الصورة الباطنة لنفوسهم ومشاعرهم . صورة الأدب في حق الله وهم يواجهون الهول الذي يذهل النفوس ويقيدها بالخطر الراهق لا تتعداه . ولكنه لا يذهل نفوس المؤمنين عن التوجه إلى الله . . لا لتطلب النصر أول ما تطلب - وهو ما يتبادر عادة إلى النفوس - ولكن لتطلب العفو والمغفرة ، ولتعترف بالذنب والخطيئة قبل أن تطلب الثبات والنصر على الأعداء: { وما كان قولهم إلا أن قالوا: ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين } . إنهم لم يطلبوا نعمة ولا ثراء . بل لم يطلبوا ثواباً ولا جزاء . . لم يطلبوا ثواب الدنيا ولا ثواب الآخرة . لقد كانوا أكثر أدباً مع الله وهم يتوجهون إليه بينما هم يقاتلون في سبيله . فلم يطلبوا منه - سبحانه - إلا غفران الذنوب وتثبيت الأقدام . . والنصر على الكفار . فحتى النصر لا يطلبونه لأنفسهم إنما يطلبونه هزيمة للكفر وعقوبة للكفار . . إنه الأدب اللائق بالمؤمنين في حق الله الكريم . وهؤلاء الذين لم يطلبوا لأنفسهم شيئاً أعطاهم الله من عنده كل شيء . أعطاهم من عنده كل ما يتمناه طلاب الدنيا وزيادة . وأعطاهم كذلك كل ما يتمناه طلاب الآخرة ويرجونه: { فآتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة } . . وشهد لهم - سبحانه - بالإحسان . فقد أحسنوا الأدب وأحسنوا الجهاد وأعلن حبه لهم وهو أكبر من النعمة وأكبر من الثواب : { والله يحب المحسنين } . . وهكذا تنتهي هذه الفقرة في الاستعراض ; وقد تضمنت تلك الحقائق الكبيرة في التصور الإسلامي . وقد أدت هذا الدور في تربية الجماعة المسلمة . وقد ادخرت هذا الرصيد للأمة المسلمة في كل جيل . . في ظلال القرآن - سيد قطب |
جزاك الله خير
|
:
جزاك الله خير على نقل هذا الدرس التربوي الرباني والذي هو منهج متكامل في تربية المسلمين ليس في الجهاد فقط بل في كافة شؤون حياتهم . ورحم الله سيد قطب رحمة واسعه وجزاه عما ترك من إرث قيم للمسلمين خير الجزاء. : |
مشكوووووووور يا اخوي العزيز على ها الموضوع المفيد
|
اقتباس:
وأنت كذلك... |
اقتباس:
طيب الله في الدنيا حياتك.. ورفع في الجنة درجاتك.. |
|
اقتباس:
شكرا لمرورك |
الساعة الآن 1:43 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
TranZ By World 4Arab