![]() |
عتابٌ لبعض عشَّاق العبادة
عتابٌ لبعض عشَّاق العبادة من أجمل النعم الربانية أن تكون من عشَّاق العبادة ، وهي عطيَّةٌ عظمى ، لا يعرف قدرها إِلا من ذاقها ، ولكن تبقى هنا مسألة مهمة ، وهي : تأسيس العبادة على العلم . إِننا نرى من يحب العبادة ويألفها ، ويجتهد فيها اجتهاداً عظيماً ، ولكن - وبكل صدق - نرى من هؤلاء من يجهل العلم - فتجده يقع في أخطاء في هذه العبادة ، بل قد يقع في بدع وهو لا يعرف أنها بدع ، وقد يحسِّن له الشيطان ذلك ويرى أن عمله حسناً ولعله يزداد من الله بعداً وهو لا يشعر . ولذلك اتفقت كلمة السلف على وجوب الإتباع للسنن ، وعدم الاغترار بعمل ، إِلا بعد عرضه على ميزان الشرع وقانون العلم .. والشرع ميزان الأمور كلها وشاهدٌ لفرعها وأصلها • والمشكلة تكمن في أن الناس يحبون العابد لِما يظهر عليه من العلامات كالخشوع ، والبكاء ، والزهد ، مع عدم التفريق بين صواب فعله أو خطأه ، ولهذا قال السلف : احذروا زلة العابد . وكم رأينا من أشخاص اغتروا ببعض العباد ، وقلَّدوهم في عبادتهم .. سواءً في الألفاظ أو في الأعمال ، ولو أنكرت على هؤلاء لقالوا لك : ولكن فلان يفعله ، فيا عجباً لهم ، وهل فلان هو القدوة فيما يفعل وفيما يترك ، أو أن القدوة هو الرسول صلى الله عليه وسلم وهو الذي يُقبل قوله وفعله بدون اعتراض ، وأما غيره من الخلق مهما كانوا ، فلا بد من عرض ما جاءا به على الشرع . • ومن تأمل حال أهل البدع ، يجد أن منهم طائفة تعلقوا بالعبادة ولكنهم على غير علم ، ومنهم ( الخوارج ) الذين قال فيهم رسولنا صلى الله عليه وسلم ( يحقر أحدكم صلاته عند صلاتهم ... ) . • ولقد رأيتُ بعض العباد وممن يُشار لهم بالبنان ، ولكن عليهم من الأخطاء ما لا يعرف قدرها إِلا من يعرف السنة ، وذاق حلاوة العلم . • وبعض أصحاب العبادة يجهلون مراتب الأعمال ، والفاضل والمفضول ، والنفع المتعدي وأثرها الواضح والجلي في حياة العابد ، وفي تعامله مع العبادات الأخرى . • ويلاحظ على بعضهم العناية بالتوجيه للعبادة فقط ، ولا تسمع منه الحديث في العقائد أو الفقهيات أو النواحي التربوية . • وبعضهم يستدل في حديثه ووعظه بالأحاديث الموضوعة وفي هذا من الخطر ما فيه حيث وقع في الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم . • ومن العباد من يجهل خفايا النفوس وأسرار القلوب ، فلا يفرق بين إظهار العمل وإِخفاءه ، فهو إِما أن يخفي عمله كله ، أو يظهره كله بحجة ( وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ) ويجهل ضوابط الإِظهار أو الإِخفاء . • ومنهم من ينشغل بالعبادة عن التحصيل العلمي ، فهو قد يختم القرآن في أسبوع أو أقل ، ولكنه لم يقرأ أبداً في نواقض الإِسلام ولو لدقائق ، ور يعرف أبسط قضايا الطهارة والصلاة . • ومنهم من تراه حريصاً على العبادة ، ولكنه لا ينكر منكراً ولا يأمر بمعروف ، وقد غلب عليه حب العبادة ، على حب الدعوة والإنكار ، ولا شك أن هذا خطأ كبير ، جرّهُ عليه ( الغفلة عن العلم ) . • ولعل الخواطر لهؤلاء العشَّاق للعبادة تطول ، ولكن لعل ما جرى به القلم ، يُغني عن كل ما يدور في القلب ، والتوفيق بيد العلي الأعلى .. ومضة : لا تعني هذه الخواطر عدم محبتي لعشَّاق العبادة ، بل هم ممن أحبهم في الله ، ولكن محبتي للحق أعظم . محبكم في الله / سلطان بن عبد الله العمري |
الساعة الآن 7:39 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
TranZ By World 4Arab