![]() |
التـــــــحدي
التحدي بالإعجاز القرآني يقول الحق تبارك وتعالى في الآية الرابعة من سورة الأحزاب: (مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِى جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللآئِى تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَآءَكُمْ أَبْنَآءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُم بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِى السَّبِيلَ).ولله المثل الأعلى، ففي مطلع هذه الآية المباركة إعجاز قرآني علمي يتحدى به الله ـ سبحانه وتعالى ـ خلقه إلى يوم القيامة ويضرب مثلاً حِسِّيٌّا للبشر كافة ويقطع باستحالة وجود قلبين في صدر أي رجل! ولدقة المعنى المراد الوصول إليه بأقصر السبل، جاء اختيار كلمة (رجل) وليس بشرًا أو بني آدم أو مؤمنًا أو إنسانًا، حتى لا يحتمل تفسيرها مشاركة الأنثى في القسم، والتي قد يكون في جوفها أثناء فترة الحمل جنين أو أكثر ويحمل كل منهم قلب ينبض وهو لا يزال في جوف أمه وبين أحشائها، وقد جاء في كتب التفسير العطرة أن هذه الآية الكريمة نزلت في رجل من قريش اسمه جميل بن معمر الفهري كان يدّعي أن له قلبين في جوفه، وكان يدّعى ذا القلبين من دهائه! وقيل إنها نزلت ردٌّا مُفحِمًا لبعض المنافقين الذين ادّعوا أن لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قلبين، فأكذبهم الله ـ عز وجل ـ في ما يدّعون. وبهذا المثل الإعجازي يقطع الله ـ سبحانه وتعالى ـ ما جاء بعدها في بقية الآية المباركة باستحالة أن تكون الزوجة التي أقسم عليها زوجها (المُظاهِر) بقوله: (أنت علَيَّ كظهر أمّي، أو كأمّي) ـ أن تكون في منزلة أو مقام أمه التي ولدته! فصارت أجَلّ وأعظم النساء عليه حرمة وتحريمًا وتكريمًا، وزوجته التي هي أحل النساء له! وبذلك يستحيل تشابه النقيضين جملة وتفصيلاً. ثم ينتقل النص القرآني الشافي إلى قضية بطلان الأدعياء أو التَّبنِّي ويفصّلها بنفس المثل الإعجازي الذي تصدّر الآية الكريمة، فالله ـ عز وجل ـ لم يجعل الأدعياء الذين تدّعونهم أو يدّعون إليكم أبناءكم! فإن أبناءكم في الحقيقة هم من ولدتموهم وكانوا منكم ومن صلبكم. وأما هؤلاء الأدعياء فإنهم من غيركم ومن صلب غير صلبكم! فكيف يستويان؟! إذًا فهو ادعاء باطل وقولٌ خالٍ من الحقيقة لا معنى له؛ (وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ) وهذا هو الصدق واليقين الذي بُنيت عليه كل الشرائع التي أنزلها الله ـ عز وجل ـ في محكم آيات كتابه الكريم. ونعود للإعجاز القرآني بالتحدي في ضرب المثل الرباني الذي تصدّر الآية المباركة: (مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِى جَوْفِهِ) حيث يستحيل علميٌّا من وجهة نظر علماء وباحثي علم الأجنة وأطباء وجرّاحي القلب، أن يكون هناك من له قلبين في صدره! ولم تسجل كتب الطب ومراجعه العلمية في ذلك التخصص أو غيره ـ على مدى تاريخها ـ وجود إنسان واحد يولد بقلبين، مع العلم بأن معظم الباحثين ومؤلفي تلك المراجع ليسوا بمسلمين! فمن المعروف والثابت علميٌّا، أن القلب يبدأ تكوينه في جوف الجنين مع بداية الأسبوع الثالث من تكون الحمل، حيث ينمو الأنبوب القلبي الأيمن ونظيره الأيسر، ليلتقيا في منتصف القطب العلوي (وهو ما سيكون تجويفًا صدريٌّا فيما بعد) من جسم الجنين، ويتلاشى الأنبوب القلبي جهة اليسار بعد أن يزداد سمك جداره السفلي، ويظهر من منتصفه بروز يزداد نموٌّا داخل الأنبوب القلبي ليكوِّن البُطينين الأيمن والأيسر، ويتكوَّن الأذينان القلبيان بطريقة مشابهة من الجزء العلوي من الأنبوب القلبي، ويتخلل هذه المراحل الدقيقة ـ وفي نفس الوقت ـ تكوين الشرايين والأوردة القلبية الرئيسية الكبرى. وتتم كل هذه المراحل حول نقطة لتجمع دموي في النصف العلوي من الأنسجة الجنينية في مراحلها المبكرة من التكوين، ويبدأ القلب ـ بمشيئة الله وقدرته ـ في الانقباض والانبساط تلقائيٌّا قبل نهاية الأسبوع السادس من الحمل، وقبل نمو النهايات العصبية ووصولها إليه!. وبعد هذا الإيجاز في شرح مراحل تكوين القلب في الجنين، فقد يتساءل البعض: أليست هناك بعض التشوهات المرضية والاختلافات الخِلقية في قلوب بعض المواليد؟ فنجيب بنعم، ولكن لم ولن نجد من له قلبين في صدره! وذلك لاستحالة تكوينهما في جنين واحد ـ كما أسلفنا ـ وإذا توقفت أي من المراحل السابق ذكرها أثناء تكوين القلب الجنيني، فإن ذلك من شأنه أن يؤدي إلى موت الجنين إذا كان ذلك التشوه أو الاختلاف لا يتمشى أو يتعارض مع الحياة، فيتم إجهاضه أو وفاته داخل الرحم قبل ولادته، وهو كما ذكرنا ليس ازدواجيٌّا في تخليق القلب، ولكنه توقف عند إحدى مراحل تكوينه الجنيني، وقد يكون اختلافًا خلقيٌّا بسيطًا ويولد الطفل بتشوه في قلبه. والأمثلة كثيرة منها وجود ثقب بين الأذينين أو بين البطينين أو كلاهما معًا أو وجود بطين واحد كقلب الطيور أو انحناء القلب جهة اليمين، وقد يكون القلب معيوبًا في مجموعة من مواضع اتصال الشرايين أو الأوردة الكبرى بالقلب أو صماماته مثل مرض ثلاثي أو رباعي فَالْمُوت (نسبة لمكتشفه) وغيرها من الاختلافات الخلقية البسيطة أو المركبة والمعقدة ومنها ما قد تصاحبه زرقة أو لا تصاحبه زرقة، ونعود فنقول إنه يستحيل أن يولد رجل بقلبين في جوفه إلى يوم القيامة، حتى في حالات التوائم (السيامية) الملتحمة أو الملتصقة، فقد يكون لكل توأم منهما قلب منفصل، وقد يكون لهما قلب واحد، ولكن يستحيل أن تكون لهما ثلاثة قلوب. إنه الإعجاز القرآني لله الواحد القهار.. (وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَآ إِلا الْعَالِمُونَ) وشكرا |
آيات الاعجاز في القرآن
إن دراسة آيات الإعجاز في القرآن الكريم خصوصًا ما يتعلق منها بخلق الإنسان يفتح الباب أمام غير المسلمين للدخول في دين الله كما يفتح الباب للمسلمين ليزدادوا إيمانًا بعد إيمانهم ولينتفعوا من ذلك بالكثير من الدروس المستفادة، وأهم هذه الدروس هو إقامة الدليل والحجة بهذا العلم على إمكانية البعث يوم القيامة، ولتوضيح ذلك نذكر بعض المبادئ والأسس المستفادة من آيات الخلق في القرآن الكريم:أولاً: الارتباط بين آيات خلق الإنسان والبعث:
قال تعالى في سورة المؤمنون: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن سُلالَةٍ مِن طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِى قَرَارٍ مَّكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا ءَاخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ * ثُمَّ إِنَّكُم بَعْدَ ذَلِكَ لَمَـيِّـتُونَ * ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُون) المؤمنون (12ـ 16). وقال تعالى: ( فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ * خُلِقَ مِن مَّــآءٍ دَافِقٍ * يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَآئِبِ * إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِر) الطارق (5 ـ 8). وحين جاء عدو الله أُبَيّ بن خلف إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وفي يده عظم رميم وهو يفته ويذروه في الهواء ويقول: يا محمد أتزعم أن الله يبعث هذا؟ قال ـ صلى الله عليه وسلم: (نعم، يميتك ثم يبعثك ثم يحشرك في النار) فأنزل الله تعالى خواتيم سورة يس: (أوَلَمْ يَرَ الإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ * وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِىَ خَلْقَهُ قَالَ مَن يُحْىِ الْعِظَامَ وَهِىَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِى أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيم) يس (77 ـ 79). وأظهر من ذلك قوله تعالى في سورة الحج: (يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنْتُمْ فِى رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّـنُـبَـيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِى الأَرْحَامِ مَا نَشَآءُ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمٌّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوآ أَشُدَّكُمْ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّى وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَآ أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَآءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ * ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْىِ الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ * وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَن فِى الْقُبُورِ) الحج (5 ـ7) وهذا دليل قاطع على أن الله تعالى قد جعل خلق الجنين في الدنيا دليلاً على البعث يوم القيامة بل ودافعًا لأي شبهة في الشك في هذا البعث ذلك أن من خلق شيئًا فهو قادر على إعادته من باب أولى. ثانيًا: تحقق أحد الغيبين دليل على صدق الآخر: فإن الله تعالى قد أنزل في كتابه ـ في زمن النبوة ـ أمرين من الغيب.. الأول هو مراحل خلق الجنين... والثاني هو بعث الناس من قبورهم يوم القيامة... فإذا كان الأمر الأول قد خرج من عالم الغيب إلى عالم الشهادة في القرن الحالي مصداقًا لقوله تعالى: (لِكُلِّ نَبَإٍ مُّسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُون) الأنعام (67). فإن هذا بمثابة الحجة الدامغة على أهل هذا العصر للدلالة على صدق القرآن الكريم وأن ما أخبر به من أبواب الغيب الأخرى مثل البعث يوم القيامة واقع لا محالة. ثالثًا: معجزة خلق الجنين في الدنيا مساوية: إن لم تكن أعظم ـ من معجزة البعث؛ ذلك أن آيات الله بعضها أكبر من بعض كما قال الله تعالى: (وَمَا نُرِيهمِ مِّنْ ءَايَةٍ إلا هِىَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا) الزخرف (48). وقال تعالى: (وَهُوَ الَّذِى يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْه) الروم (27). قال ابن طلحة عن بن عباس: (يعني أيسر عليه) وقال مجاهد: (الإعادة أهون عليه من البداءة والبداءة عليه هينة) وروى الإمام البخاري عن الربيع بن خثيم والحسن: (كل عليه هين) وقال الإمام ابن حجر في الفتح: (وأما أثر الحسن فرواه الطبري أيضًا من طريق قتادة وأظنه قال عن الحسن ولكن لفظه (وإعادته أهون عليه من بدئه) وظاهر هذا اللفظ إبقاء صيغة أفعل على بابها). وروى البخاري بسنده عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم : (يقول الله تعالى كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك، وشتمني ولم يكن له ذلك؛ فأما تكذيبه إياي فقوله لن يعيدني كما بدأني وليس أول الخلق بأهون علي من إعادته، وأما شتمه إياي فقوله اتخذ الله ولدا، وأنا الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد). وهذا يبين تمام روعة معجزة خلق الجنين التي غفل عنها كثير من الناس على كثرة ما شاهدوها. رابعًا: إلف المعجزة حائل دون الاتعاظ بها: فكما أن إلف الطاعة قد يذهب بما فيها من خشوع وإلف المعصية يجرئ المعاصي عليها فإن إلف المعجزة قد يقف حائلاً أمام الاتعاظ بها.. فما من لحظة تمر إلا ولله فيها خلق جديد أو تطور لجنين من مرحلة إلى مرحلة ومن هيئة إلى أخرى في تتابع معجز يغني كل باحث عن بيان قدرة الله تعالى المطلقة وإقامة الدليل على البعث يوم القيامة ولكن غفل عنها الغافلون حين ألفوها وقد ذمّ الله تعالى من لا يعتبر بمخلوقاته الدالة على ذاته وصفاته وشرعه وقدرته وآياته فقال تعالى: (وَكَأَىِّ مِّنْ ءَايَةٍ فِى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُون) يوسف (105). ولقد حثنا الله تبارك وتعالى على الالتفات لآياته في الكون وأن نتفكر فيها لا أن نحجب بألفها فقال تعالى: (إِنَّ فِى خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُولى الأَلْبَاب) آل عمران (190) وقال تعالى في آية لا تخلو من أسلوب التعجب: (وَفِى أَنفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُون) الذاريات (21). ومن هذا يتضح أن معجزة خلق الجنين في الدنيا قد جعلها الله تعالى دلالة مادية قاطعة لإثبات عقيدة البعث يوم القيامة.. وهي معجزة متجددة متاحة لأهل الأرض جميعًا على اختلاف أماكنهم كما أنها أظهر لأهل عصرنا لما ثبت من دليل مادي على صدق كتاب الله فيما أخبر عن مراحل خلق الجنين التي تتلاقى مع حقائق العلم الحديث التي كانت غيباً في زمن النبوة. |
حقائق الاعجاز في القرآن اقحمت المكابرين
هناك من يشككون في إعجاز القرآن الكريم قائلين مثلاً إن ما ورد من حقائق علمية ـ خاصة ما يتعلق بتكوين الجنين ـ قد سبق إليها الإغريق، ومنهم أرسطو كما أنه يوجد مثلها في الإنجيل كثير، وبديهي أن تسمع من المشككين مغالطات بقصد التشويش على غير العارفين بالحقائق، وقد خاب مسعاهم ويكفي أن نخبة من كبار المختصين في العالم في علم الأجنة قد بهرتها الأوصاف العلمية الدقيقة في القرآن، فشاركت في العديد من المؤتمرات العلمية الدولية وقرر أساطين المتخصصين في ذلك العلم سبق القرآن للمعارف البشرية، بل ذهب بعضهم إلى الاعتراف بربانية القرآن وأنه ليس بقول بشر، ومن هؤلاء كيث مور Keith Moore رئيس قسم التشريح وعلم الأجنة بجامعة تورنتو في كندا، ولك أن تطالع كتابه بالإنجليزية حول تخلق الجنين البشري The Developing Human لتجد أمامك حقائق علم الأجنة المكتشفة حديثاً على يد أشخاص معروفين متوافقة مع الدلالات الواردة في آيات القرآن الكريم وذلك شاهد على أن هذا القرآن إنما هو تنزل من خالق الكون جل وعلا.
http://nooran.org/O/Oimages/21/8-2_small.jpgلقد عاش المفكر الإغريقي أرسطو Aristotle في القرن الرابع قبل الميلاد؛ حيث أصاب شهرة واسعة نتيجة لتأملاته الصائبة في كثير من الظواهر الطبيعية قبل اكتشاف المجهر في القرن السابع عشر، وله مساهمات تجريبية في وصف تطور جنين الدجاجة وغيرها بالعين المجردة،حتى إن البعض يعتبره واضع أساس علم الأجنة، ومع ذلك جاءت الثورة العلمية الحديثة ابتداء من القرن السابع عشر بمكتشفات نقضت الكثير من معتقداته التي ثبت أنها خاطئة، ومن ذلك اعتقاده بتخلق الجنين من دم الحيض نتيجة للاتحاد مع السائل المنوي، علما بأنه ليس أول من وصف تطور جنين الدجاجة من الإغريق فقد سبقه أبو قراط Hippocrates بحوالي قرن عدا الكثير من اجتهاداته في الطب حتى أن بعض الغربيين ممن يحاولون قصر تاريخ العلوم على الأسلاف مجترئين على الحقيقة يعتبرونه أبا الطب. http://nooran.org/O/Oimages/21/8-3_small.jpgوربما كان جالن Galen الذي عاش في القرن الثاني قبل الميلاد أكثر دقة من أرسطو في كثير من الوصف لأجنة الحيوانات بعد مشاهدتها بالعين المجردة. وفي العصور الوسطى قبل عصر النهضة عاشت أوروبا في كساد علمي جعلها لا تتجاوز ترداد أفكار الإغريق، ولذا يتعجب البروفيسور كيث مور في كتابه من وفرة وتآزر الحقائق العلمية المتعلقة بخلق الجنين في القرآن، فيقول: (لم تضف في العصور الوسطى معلومات ذات قيمة في مجال تخلق الجنين ومع ذلك قد سجل القرآن في القرن السابع وهو الكتاب المقدس عند المسلمين أن الجنين البشري يتخلق من أخلاط تركيبية من الذكر والأنثى مع بيان تخلق الجنين في أطوار عدة ابتداءً مما يماثل في التركيب قطيرة أو نطفة تنغرس وتنمو في الرحم كالبذرة..، ومع وصف الجنين في أول مرحلة بما يماثل العلقة Leech التي تعيش على مص دماء الغير، ثم مما يماثل كتلة ممضوغة بما فيها من علامات أسنان وانبعاجات وهو ما يتفق مع تطور الأعضاء في المرحلة التالية. ويتابع كيث مور قوله: http://nooran.org/O/Oimages/21/8-4_small.jpgوإذا أردت مزيداً من الأوصاف العلمية في القرآن في مجال علم الأجنة فإني أحيلك إلى كتابي طبعة 1986م، مع العلم أن أول من درس جنين الدجاجة ـ باستخدام عدسة بسيطة ـ هو هارفي Harvey عام 1651م، ودرس كذلك أجنة الأيل Deer ولصعوبة معاينة المراحل الأولى للحمل استنتج أن الأجنة ليست إلا إفرازات رحمية. وفي عام 1672م اكتشف جراف Graaf حويصلات في المبايض ما زالت تسمى باسمه Graafian Follicles وعاين حجيرات في أرحام الأرانب الحوامل تماثلها، فاستنتج أن الأجنة ليست إفرازات من الرحم وإنما من المبايض، علما بأنه لم تكن تلك التكوينات الدقيقة التي عاينها جراف سوى تجاويف في كتل الخلايا الجنينية الأولية Blastocysts، وفي عام 1675م عاين مالبيجي Malpighi أجنة في بيض دجاج ظنه غير محتاج لعناصر تخصيب من الذكر واعتقد أنه يحتوي على كائن مصغر ينمو ولا يتخلق في أطوار. وباستخدام مجهر أكثر تطوراً اكتشف هام Hamm وليفنهوك Leeuwenhoek الحيوان المنوي للإنسان للمرة الأولى في التاريخ وذلك في عام 1677م ولكنهما لم يدركا دوره الحقيقي في الإنجاب وظنا أيضاً أنه يحتوى على الإنسان مصغراً لينمو في الرحم بلا أطوار تخليق، وفي عام 1759م افترض وولف Wolff تطور الجنين من كتل أولية التكوين ليس لها هيئة الكائن المكتمل، وحوالي العام 1775م انتهى الجدل حول فرضية الخلق المكتمل ابتداءً؛ حيث استقرت نهائياً معرفة حقيقة التخليق وأنه يتم في أطوار. وأكدت تجارب إسبالانزاني Spallanzani على الكلاب على أهمية الحوينات المنوية في عملية التخليق، بعد أن سادت قبله الفكرة بأن الحوينات المنوية كائنات غريبة متطفلة ولذا سميت حتى اليوم بحيوانات المني Semen Animals. http://nooran.org/O/Oimages/21/8-5_small.jpg وفي عام 1827م بعد حوالي 150 سنة من اكتشاف الحوين المنوي عاين فون بير Von Baer البويضة في حويصلة مبيض إحدى الكلاب. وفي عام 1839م تأكد شليدن Schleiden وشوان Schwann من تكون الجسم البشري من وحدات بنائية أساسية حية ونواتجها وسميت تلك الوحدات بالخلايا Cells وأصبح من اليسير لاحقاً تفهم حقيقة التخلق في أطوار من خلية مخصبة ناتجة عن الاتحاد بين الحيوان المنوي والبويضة. وفي عام 1878م اكتشف فليمنج Flemming الفتائل الوراثية Chromosomes داخل الخلايا، وفي عام 1883م اكتشف بينيدن Beneden اختزال عددها في الخلايا التناسلية، وفي القرن العشرين تم التحقق نهائياً من احتواء الخلية البشرية الأولى Zygot على العدد الكامل من تلك الأخلاط الوراثية من الذكر ومن الأنثى وعرف عددها. هذا هو تاريخ اكتشاف تلك الحقائق التي سبق القرآن وذكر الكثير منها قبل اكتشافها بقرون، فكيف لعالم محقق أن يجهلها أو يتجاهلها ويعارض الحقيقة! لا شك أن مثل هذا العالم سوف يتهمه التاريخ والعلم بالجهل أو الحيدة عن الإنصاف!. يقول العلي القدير: (مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا * وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا) (نوح: 13،14)، ويقول عز وجل: (يَآأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى) (الحجرات: 13)، قال القرطبي: بين الله ـ تعالى ـ في هذه الآية أنه خلق الخلق من الذكر والأنثى، وقد ذهب قوم من الأوائل إلى أن الجنين إنما يكون من ماء الرجل وحده، ويتربى في رحم الأم ويستمد من الدم الذي يكون فيه. والصحيح أن الخلق إنما يكون من ماء الرجل والمرأة لهذه الآية فإنها نص لا يحتمل التأويل، ويقول عز وجل: (إنَّا خَلَقْنَا الإنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ) (الإنسان: 2)، قال الشوكاني: (وأمشاج صفة لنطفة وهي جمع مشج أو مشيج وهي الأخلاط والمراد نطفة الرجل ونطفة المرأة واختلاطهما)، وقال ابن القيم: الجنين يخلق من ماء الرجل وماء المرأة خلافاً لمن يزعم من الطبائعيين أنه إنما يخلق من ماء الرجل وحده. وأما الادعاء بسبق الإنجيل فلا يسنده دليل، وليس نادراً أن نجد من يعمل على وأد الحقيقة عن تعميم التزاماً بموروث الآباء حتى لو قام على التناقض وعابه الخلل، ولكن النادر أن ينبري محقق للنقد الموضوعي والاعتراف بالحقيقة وإن خالفت الإرث الطائفي، وهكذا ففي يقظة جريئة بين ركام التقليد اعترف المحقق الفرنسي موريس بوكاي بسبق القرآن الكريم في تسجيل كثير من الحقائق في ميادين علمية مختلفة بلا خطأ واحد بينما لم تثبت المدونات الأخرى التي تنسب للوحي أمام النقد العلمي، ومن هنا نال بكتابه (القرآن والإنجيل في ضوء العلم الحديث) شهرة واسعة ورفعة وما ذلك إلا بسبب صدقه وجرأته التي بلغت حد الجهر بها دون تردد، وفي التماعة لا تخلو من جرأة كذلك في كتاب (دليل إلى قراءة الكتاب المقدس) المنشور في 12 تشرين الثاني عام 1982م والمطبوع بالعربية في بيروت كتب المحقق الفرنسي الأب أسطفان شربنتييه قائلاً: (إن الكتاب المقدس لاسيما العهد القديم كتاب محير، نعلم قبل أن نفتحه أنه الكتاب المقدس عند اليهود والمسيحيين ونتوقع أن نجد فيه كلام الله غير ممزوج بأي شيء.. وعندما نفتحه نجد فيه قصصاً من ماضي شعب صغير، قصصاً كثيرا ما تكون لا فائدة فيها، وروايات لا نستطيع أن نقرأها بصوت مرتفع دون أن نخجل، وحروباً واعتداءات، وقصائد لا تحملنا على الصلاة وإنما سميناها مزامير، وفضائح أخلاقية قديمة تخطاها الزمن وكثيراً ما هي مبغضة للنساء) ص 8، (وكذلك فإن أسفار الكتاب المقدس كثيراً ما تبدو لنا مبتذلة ولا فائدة لها) ص 8، وفي الحقيقة قد شارك الكاتب في فضل جرأة الاعتراف عدد من أعلام الطائفة هم المترجم: الأب صبحي حموي اليسوعي، والكاتب لمقدمه الكتاب الأب أنطوان أودو اليسوعي أستاذ الكتاب المقدس بجامعة القديس يوسف في بيروت، والمرجع الرسمي الموافق على النشر النائب الرسولي: بولس باسيم، وما يهمنا في أقوال الأب أسطفان شربنتيييه فيما يتعلق بالجوانب العلمية عامة أو الحقائق التي فاض بها القرآن الكريم هو اعترافه بجرأة قائلاً: (قد نجد في الكتاب المقدس كثيراً من الأمور غير المطابقة للواقع) ص9، ولو تناول أي إنسان يرغب في معرفة الحقيقة جميع ما ينسب للوحي من مدونات تسبق القرآن فلن يجد شيئاً خاصة في مجال علم الأجنة، فمن أين إذن ذلك الفيض غير المسبوق من الحقائق العلمية في القرآن قبل أن يبزغ عصر الكشوف العلمية بأكثر من عشرة قرون إذا كان كل ما سبقه ناقصاً ومغلوطاً بشهادة أعلام محققين أحرار!، إن فيض التفاصيل العلمية في القرآن والتي يستحيل أن يدركها بشر زمن التنزيل هي بعض دلائل النبوة الخاتمة التي تسطع اليوم أمام النابهين دون أي خفاء |
وأما الادعاء بسبق الإنجيل فلا يسنده دليل، وليس نادراً أن نجد من يعمل على وأد الحقيقة عن تعميم التزاماً بموروث الآباء حتى لو قام على التناقض وعابه الخلل، ولكن النادر أن ينبري محقق للنقد الموضوعي والاعتراف بالحقيقة وإن خالفت الإرث الطائفي، وهكذا ففي يقظة جريئة بين ركام التقليد اعترف المحقق الفرنسي موريس بوكاي بسبق القرآن الكريم في تسجيل كثير من الحقائق في ميادين علمية مختلفة بلا خطأ واحد بينما لم تثبت المدونات الأخرى التي تنسب للوحي أمام النقد العلمي، ومن هنا نال بكتابه (القرآن والإنجيل في ضوء العلم الحديث) شهرة واسعة ورفعة وما ذلك إلا بسبب صدقه وجرأته التي بلغت حد الجهر بها دون تردد، وفي التماعة لا تخلو من جرأة كذلك في كتاب (دليل إلى قراءة الكتاب المقدس) المنشور في 12 تشرين الثاني عام 1982م والمطبوع بالعربية في بيروت كتب المحقق الفرنسي الأب أسطفان شربنتييه قائلاً: (إن الكتاب المقدس لاسيما العهد القديم كتاب محير، نعلم قبل أن نفتحه أنه الكتاب المقدس عند اليهود والمسيحيين ونتوقع أن نجد فيه كلام الله غير ممزوج بأي شيء.. وعندما نفتحه نجد فيه قصصاً من ماضي شعب صغير، قصصاً كثيرا ما تكون لا فائدة فيها، وروايات لا نستطيع أن نقرأها بصوت مرتفع دون أن نخجل، وحروباً واعتداءات، وقصائد لا تحملنا على الصلاة وإنما سميناها مزامير، وفضائح أخلاقية قديمة تخطاها الزمن وكثيراً ما هي مبغضة للنساء) ص 8، (وكذلك فإن أسفار الكتاب المقدس كثيراً ما تبدو لنا مبتذلة ولا فائدة لها) ص 8، وفي الحقيقة قد شارك الكاتب في فضل جرأة الاعتراف عدد من أعلام الطائفة هم المترجم: الأب صبحي حموي اليسوعي، والكاتب لمقدمه الكتاب الأب أنطوان أودو اليسوعي أستاذ الكتاب المقدس بجامعة القديس يوسف في بيروت، والمرجع الرسمي الموافق على النشر النائب الرسولي: بولس باسيم، وما يهمنا في أقوال الأب أسطفان شربنتيييه فيما يتعلق بالجوانب العلمية عامة أو الحقائق التي فاض بها القرآن الكريم هو اعترافه بجرأة قائلاً: (قد نجد في الكتاب المقدس كثيراً من الأمور غير المطابقة للواقع) ص9، ولو تناول أي إنسان يرغب في معرفة الحقيقة جميع ما ينسب للوحي من مدونات تسبق القرآن فلن يجد شيئاً خاصة في مجال علم الأجنة، فمن أين إذن ذلك الفيض غير المسبوق من الحقائق العلمية في القرآن قبل أن يبزغ عصر الكشوف العلمية بأكثر من عشرة قرون إذا كان كل ما سبقه ناقصاً ومغلوطاً بشهادة أعلام محققين أحرار!، إن فيض التفاصيل العلمية في القرآن والتي يستحيل أن يدركها بشر زمن التنزيل هي بعض دلائل النبوة الخاتمة التي تسطع اليوم أمام النابهين دون أي خفاء
|
الساعة الآن 1:44 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
TranZ By World 4Arab