منتديات موقع بشارة خير

منتديات موقع بشارة خير (https://www.22522.com/vb/index.php)
-   المنتدى العام (https://www.22522.com/vb/forumdisplay.php?f=3)
-   -   رجل يبكي والتاج على رأسه (https://www.22522.com/vb/showthread.php?t=371951)

البارقه 2009 2014-11-15 10:50 AM

رجل يبكي والتاج على رأسه
 
د. جاسم المطوع

رجل ضخم طويل كبير وقف أمامي بهيئته العسكرية والتاج على رأسه، يرجو رجﻼ‌ ضعيف البنية نحيف الجسم، والدموع تنحدر من عينيه أن يمهله وقتا إضافيا ﻻ‌ستكمال سداد دينه، والمقرض صامت رافض ولسان حاله يقول: لقد أمهلتك كثيرا، فطلبت من المقرض إعطاءه آخر مهلة لسداد الدين فوافق على طلبي، فلما انصرفا قلت في نفسي: سبحان الله، رجل عسكري مرفوع الهامة يسمعه ويطيعه في ثكنته العسكرية أكثر من ألف جندي ﻻ‌ يعصون له أمرا، ولكنه أمام هذا الرجل الضعيف يقف ذليﻼ‌ وتتساقط دموعه من أجل امهاله وقتا إضافيا لسداد القرض الذي أخذه منه.

ففهمت حديث رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم عندما استعاذ من «غلبة الدين وقهر الرجال»، والحديث هو «اللهم أني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال»، فالهم هو توقع المستقبل، كأن يهتم اﻹ‌نسان بهل سينجح أو هل سيرزق بولد أو هل سيفوز بالصفقة وهكذا، أما الحزن فيكون في حالة فوات الخير أو وقوع الشر على اﻹ‌نسان، أما الفرق بين العجز والكسل فإن العجز هو عدم القدرة على فعل الشيء، والكسل هو أن تكون لديك القدرة على فعل الشيء، ولكنك تتأخر أو تهمل فعله، فالعجز والكسل هما ضد ا ﻹ‌نجاز، أما الجبن فهو البعد عن مواجهة ا ﻷ‌حداث حتى يستبيح ا ﻵ‌خرون مالك وعرضك وممتلكاتك وأنت ساكت صامت، والبخل هو عدم اﻹ‌نفاق والعطاء حتى يكون البخيل سببا في شقاء ا ﻵ‌خرين، فيتمنى أهله وفاته ومفارقته، فهذه اﻷ‌مور الستة من منقصات السعادة في الحياة، ولهذا استعاذ النبي الكريم صلى الله عليه وسلم منها وهي «الهم والحزن والعجز والكسل والجبن والبخل»، أما «غلبة الدين وقهر الرجال» فهو موضوعنا اليوم.

فالدين عندنا في ا ﻹ‌سﻼ‌م له ضوابط وشروط، فمن أخذ دينا تﻼ‌عبا وهو يخطط مسبقا بعدم سداده دمر الله حياته، ومن أخذه بنية صادقة وكان حريصا على رده في وقته أعانه الله على سرعة سداده، ولهذا قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم «من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذ يريد إتﻼ‌فها أتلفه الله»، واﻷ‌صل في القرض أن يؤخذ لﻸ‌مور الضرورية في الحياة وليس لﻸ‌شياء الكمالية، وقد مرت علي حاﻻ‌ت كثيرة ﻷ‌سر تفككت بسبب ديون أخذتها بنية عدم ردها أو للصرف على كماليات الحياة، كأن يقترض رب ا ﻷ‌سرة من أجل برامج ترفيهية أو سياحية أو شراء أغراض إضافية ﻻ‌ يحتاج إليها، أو أخذ قرض من أجل الدخول في مشاريع غير مدروسة وﻻ‌ مخطط لها، ففي هذه الحالة «الدين يغلبه» فيكون سببا في إذ ﻻ‌له،
مثل هذا العسكري الذي يهز البلد بسلطته ومنصبه، ولكن دين صغير هز حياته وشخصيته، أما قهر الرجال فمن معانيه أن يتسلط عليك رجل يؤذيك ويخطط ضدك فتنشغل به وبالرد عليه فيشتت تفكيرك وحياتك.

وأذكر أن امرأة كانت تشتكي من كثرة رفع طليقها عليها قضايا في المحكمة والتفنن في إيذائها من خﻼ‌ل إغﻼ‌ق الكهرباء عليها في مسكن الحضانة، أو تنفيس هواء عجﻼ‌ت سيارتها، أو يسلط من يتصل عليها ﻹ‌يذائها وتهديدها، فقلت لها هذا من «قهر الرجال»، وعليك بالدعاء الذي قاله النبي صلى الله عليه وسلم للصحابي اﻷ‌نصاري أبي أمامه رضي الله عنه عندما رآه بالمسجد مهموما بسبب هموم وديون كثرت عليه، فقال له: «أ ﻻ‌ أعلمك كﻼ‌ما إذا أنت قلته أذهب الله عز وجل همك وقضي دينك؟ قال: بلى يا رسول الله، قال: قل إذا أصبحت وإذا أمسيت اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز الكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال، قال: ففعلت ذلك فأذهب الله عز وجل همي، وقضى عني ديني»، فالتزمت المرأة المطلقة بهذا الدعاء حتى فرج الله عنها قهر الرجل.

أما غلبة الدين فإن بنوكنا اليوم تتفنن في تسهيل القروض والديون حتى يغرق اﻹ‌نسان بها، و ﻻ‌بد من معالجة ذلك بالتشريعات، فقد قنن الخليفة الراشد عمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه هذا الموضوع حتى ﻻ‌ يتﻼ‌عب الناس بالقروض فكتب عدة رسائل في قضاء الديون عن المعسرين، منها رسالته إلى عامله على العراق عبدالحميد بن عبدالرحمن، قال فيها «انظر من أدان في غير سفه و ﻻ‌ سرف فاقض عنه»، ونﻼ‌حظ هنا كلمته بالتحديد على الديون التي أخذها أصحابها «من غير سفه وﻻ‌ سرف» أي ليست ديونا في الكماليات وإنما للضرورات، فمشكلة أخذ الديون على الكماليات منذ القدم، ولكن كانت التشريعات سابقا تحاربها و ﻻ‌ تشجعها وهذا ما نحتاجه اليوم لحماية اﻷ‌سرة.

ولعل من غرائب ما عالجت من مشاكل زوجية بسبب الديون أن زوجة كانت تشتكي من عدم قرب زوجها لها بالفراش ﻷ‌كثر من سنة، ولما بحثت في اﻷ‌سباب بعد محاورتها وزوجها اكتشفت أن هم الدين الذي كان يعيشه هو السبب الرئيسي في عدم رغبته في معاشرة زوجته، فلما علمت أن باقي عليه ستة أشهر للسداد، طلبت من الزوجة الصبر حتى يسدد دينه، فوافقت على مقترحي على الرغم من عدم اقتناعها بما قلت، ولكن كانت المفاجأة لها أن عﻼ‌قتهما بالفراش صارت صحية بعد سداد دينه، فهذا الرجل غلبه دينه، ولهذا قال لقمان الحكيم «وحملت اﻷ‌ثقال كلها فما وجدت شيئا أثقل من الدين».

البركة سليمان 2014-11-15 4:25 PM



وهل هناك أصعب من الدين....
إن أفضل وصف لحال من يؤرقه الدين، قول القائل:
" الدين هم بالليل ومذلة بالنهار ".
يهين الإنسان نفسه، ويريق ماء وجهه، فقط لأجل
أمور دنيوية تعد من الكماليات، فنسأل الله لتلك
الفئة الهداية.

شكرا لك البارقة.

غيوم ممطره 2014-11-16 6:48 AM

هناك مثل رائج يقول((الدّيْن غضب والدين)),,
وكل شيء يهون في الحياة إلاّ هم الديون ,,
نسأل الله ان يجنبنا واياكم هذه الآفة,,

بارك الله فيك .

وجدااااان 2014-11-16 8:19 AM

إياكم والدَّين فإن أوله همّ وآخره حرب

البارقة
2009
شكراً لكِ.
http://www.vb.fll2.com/storeimg/img_1352672369_891.gif


الساعة الآن 6:34 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By World 4Arab

Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

جميع الآراء والتعليقات المطروحة تمثل وجهة نظر كاتبها وليس بالضرورة وجهة نظر الموقع وللأتصال بالدكتور فهد بن سعود العصيمي على الايميل التالي : fahd-osimy@hotmail.com