حان موعد الولادة..لقد حان بعد طول انتظار..ماذا تراه يكون؟ أأنثى أم ذكر؟!!

مزيج من الأحاسيس المتضاربة عصفت بها دون سابق انذار. ووسط آلام الطلق ومتاعبه، كانت تلك المشاعر تستبد بالأم وتعصر قلبها الذي اصبح نبضه شبيه بدق الدفوف، في توالي الضربات وعلو صوتها. فجأة، دغدغت مسامعها موسيقى سماوية، أيقظت فيها نشوة لم تعرف مثلها من قبل. نشوة مصحوبة بالليونة، والحنان، والشوق لضم صغيرتها إلى صدرها، لتمنحها الدفء وكل ما يجيش في داخلها من أحاسيس جميلة.

إنها صغيرتها..نعم، إنها المستقبل، مستقبل المرأة وغدها، ولا بد أن تحميها من أيادي الشر وسموم الأفاعي، حتى تجعل من أحلام جداتها حقيقة لا يشوبها كذب ولا خيال.

استمعت باهتمام إلى ذلك اللحن الملائكي، الذي ما زال صداه يتردد في أذنيها، فراحت في غيبوبة عاشت فيها أحلى لحظات حياتها. لابد أنها في الجنة !! نعم، لا شك في ذلك. فها هي ذي ترقص فرحا بين أحضان هذه الورود الجميلة، التي تعبق بأطيب، وأحلى، بل وأزكى عبير استنشقه أنفها. وتلك الجداول الرائعة، التي تشق طريقها بين الورود في انسياب عجيب، ماؤها مرآة تعكس وجهها الصافي، كما تعكس أسرار عينيها العسليتين.

ياللراحة والهدوء، وذاك اللحن السماوي. ليتها لن تستيقظ أبدا، ليت حياتها كانت هكذا..لماذا لم تكن كذلك؟ لماذا؟!!

لكن، لابد لها من الاستيقاظ، لابد ان تفتح عينيها من أجل طفلتها البريئة، لابد أن تحميها من عبث الأيادي، لكي لا تذيل كما ذبلت هي. أجل، لابد أن تكافح من أجلها حتى تكون ما لم تكن هي. إنها أملها وغدها الذي طالما اشتاقت إلى رؤية شمسه تشرق في نفوس بنات جنسها، لتمحو الظلام الذي عشعش في صدورهن زمنا طويلا.

تدحرجت من مقلتيها لؤلؤتان، وفمها يفتر عن ابتسامة صادقة وهي تنظر إلى حبيبة قلبها الغافية عن هذا الوجود.


(بقلمي)