منتديات موقع بشارة خير

منتديات موقع بشارة خير (https://www.22522.com/vb/index.php)
-   رياض القرآن (https://www.22522.com/vb/forumdisplay.php?f=35)
-   -   >>لقد كنت في غفلة من هذا ..الخ << (https://www.22522.com/vb/showthread.php?t=310858)

الله اكبر سبحانه 2012-09-11 9:28 PM

>>لقد كنت في غفلة من هذا ..الخ <<
 

قال الله تعالى
( ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد ( 16 ) إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد ( 17 ) ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ( 18 ) وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد ( 19 ) ونفخ في الصور ذلك يوم الوعيد ( 20 ) وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد ( 21 ) لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد ( 22 ) )

[ ص: 398 ]

يخبر تعالى عن قدرته على الإنسان بأنه خالقه ، وعمله محيط بجميع أموره حتى إنه تعالى يعلم ما توسوس به نفوس بني آدم من الخير والشر .

وقد ثبت في الصحيح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تقل أو تعمل " .

وقوله : ( ونحن أقرب إليه من حبل الوريد ) يعني : ملائكته تعالى أقرب إلى الإنسان من حبل وريده إليه .

ومن تأوله على العلم فإنما فر لئلا يلزم حلول أو اتحاد ، وهما منفيان بالإجماع ، تعالى الله وتقدس ،

ولكن اللفظ لا يقتضيه فإنه لم يقل : وأنا أقرب إليه من حبل الوريد ، وإنما قال : ( ونحن أقرب إليه من حبل الوريد )

كما قال في المحتضر : ( ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون ) [ الواقعة : 85 ] ، يعني ملائكته .

وكما قال [ تعالى ] : ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) [ الحجر : 9 ] ،

فالملائكة نزلت بالذكر - وهو القرآن - بإذن الله عز وجل . وكذلك الملائكة أقرب إلى الإنسان من حبل وريده إليه بإقدار الله لهم على ذلك ،

فللملك لمة في الإنسان كما أن للشيطان لمة وكذلك : " الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم " ،

كما أخبر بذلك الصادق المصدوق ;

ولهذا قال هاهنا : ( إذ يتلقى المتلقيان ) يعني : الملكين اللذين يكتبان عمل الإنسان .

( عن اليمين وعن الشمال قعيد ) أي : مترصد .

( ما يلفظ ) أي : ابن آدم ( من قول ) أي : ما يتكلم بكلمة ( إلا لديه رقيب عتيد ) أي : إلا ولها من يراقبها معتد لذلك يكتبها ، لا يترك كلمة ولا حركة ،

كما قال تعالى : ( وإن عليكم لحافظين كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون ) [ الانفطار : 10 - 12 ] .

وقد اختلف العلماء : هل يكتب الملك كل شيء من الكلام ؟

وهو قول الحسن وقتادة ، أو إنما يكتب ما فيه ثواب وعقاب كما هو قول ابن عباس ، على قولين ،

وظاهر الآية الأول ، لعموم قوله :
( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد )

وقد قال الإمام أحمد : حدثنا أبو معاوية ، حدثنا محمد بن عمرو بن علقمة الليثي ، عن أبيه ، عن جده علقمة ،

عن بلال بن الحارث المزني قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالى ما يظن أن تبلغ ما بلغت ، يكتب الله له بها رضوانه إلى يوم يلقاه .

وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله ما يظن أن تبلغ ما بلغت ، يكتب الله عليه بها سخطه إلى يوم يلقاه " .

قال : فكان علقمة يقول : كم من كلام قد منعنيه حديث بلال بن الحارث .

ورواه الترمذي والنسائي وابن ماجه ، من حديث محمد بن عمرو به . وقال الترمذي : حسن [ ص: 399 ] صحيح . وله شاهد في الصحيح .

وقال الأحنف بن قيس : صاحب اليمين يكتب الخير ، وهو أمير على صاحب الشمال ، فإن أصاب العبد خطيئة قال له : أمسك ، فإن استغفر الله تعالى نهاه أن يكتبها ، وإن أبى كتبها . رواه ابن أبي حاتم .

وقال الحسن البصري وتلا هذه الآية : ( عن اليمين وعن الشمال قعيد ) : يابن آدم ، بسطت لك صحيفة ، ووكل بك ملكان كريمان أحدهما عن يمينك ، والآخر عن شمالك ،

فأما الذي عن يمينك فيحفظ حسناتك ، وأما الذي عن يسارك فيحفظ سيئاتك فاعمل ما شئت ، أقلل أو أكثر حتى إذا مت طويت صحيفتك ،

وجعلت في عنقك معك في قبرك ، حتى تخرج يوم القيامة ، فعند ذلك يقول : ( وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا ) [ الإسراء : 13 ، 14 ]

ثم يقول : عدل - والله - فيك من جعلك حسيب نفسك .

وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : ( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد )

قال : يكتب كل ما تكلم به من خير أو شر ، حتى إنه ليكتب قوله : " أكلت ، شربت ، ذهبت ، جئت ، رأيت " ، حتى إذا كان يوم الخميس عرض قوله وعمله ،

فأقر منه ما كان فيه من خير أو شر ، وألقى سائره ، وذلك قوله : ( يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب ) [ الرعد : 39 ] ،

وذكر عن الإمام أحمد أنه كان يئن في مرضه ، فبلغه عن طاوس أنه قال : يكتب الملك كل شيء حتى الأنين . فلم يئن أحمد حتى مات رحمه الله .

وقوله : ( وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد ) ، يقول تعالى : وجاءت - أيها الإنسان - سكرة الموت بالحق ،

أي : كشفت لك عن اليقين الذي كنت تمتري فيه ، ( ذلك ما كنت منه تحيد ) أي : هذا هو الذي كنت تفر منه قد جاءك ،

فلا محيد ولا مناص ، ولا فكاك ولا خلاص .

وقد اختلف المفسرون في المخاطب بقوله : ( وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد ) ،

فالصحيح أن المخاطب بذلك الإنسان من حيث هو . وقيل : الكافر ، وقيل غير ذلك .

وقال أبو بكر بن أبي الدنيا : حدثنا إبراهيم بن زياد - سبلان - أخبرنا عباد بن عباد عن محمد بن عمرو بن علقمة ، عن أبيه عن جده علقمة بن وقاص أن عائشة رضي الله عنها ،

قالت : حضرت أبي وهو يموت ، وأنا جالسة عند رأسه ، فأخذته غشية فتمثلت ببيت من الشعر :


من لا يزال دمعه مقنعا فإنه لا بد مرة مدقوق


[ ص: 400 ] قالت : فرفع رأسه فقال : يا بنية ، ليس كذلك ولكن كما قال تعالى : ( وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد ) .

وحدثنا خلف بن هشام ; حدثنا أبو شهاب [ الخياط ] ، عن إسماعيل بن أبي خالد ،

عن البهي قال : لما أن ثقل أبو بكر رضي الله عنه ، جاءت عائشة رضي الله عنها ، فتمثلت بهذا البيت :


لعمرك ما يغني الثراء عن الفتى إذا حشرجت يوما وضاق بها الصدر


فكشف عن وجهه وقال : ليس كذلك ، ولكن قولي : ( وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد )

وقد أوردت لهذا الأثر طرقا [ كثيرة ] في سيرة الصديق عند ذكر وفاته رضي الله عنه .

وقد ثبت في الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : لما تغشاه الموت جعل يمسح العرق عن وجهه ويقول : " سبحان الله ! إن للموت لسكرات " . وفي قوله : ( ذلك ما كنت منه تحيد ) قولان :

أحدهما : أن " ما " هاهنا موصولة ، أي : الذي كنت منه تحيد - بمعنى : تبتعد وتنأى وتفر - قد حل بك ونزل بساحتك .

والقول الثاني : أن " ما " نافية بمعنى : ذلك ما كنت تقدر على الفرار منه ولا الحيد عنه .

وقد قال الطبراني في المعجم الكبير : حدثنا محمد بن علي الصائغ المكي ، حدثنا حفص بن عمر الحدي ، حدثنا معاذ بن محمد الهذلي ، عن يونس بن عبيد ، عن الحسن ،

عن سمرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " مثل الذي يفر من الموت مثل الثعلب ، تطلبه الأرض بدين ،

فجاء يسعى حتى إذا أعيى وأسهر دخل جحره ، فقالت له الأرض : يا ثعلب ديني .

فخرج وله حصاص ، فلم يزل كذلك حتى تقطعت عنقه ومات " .

ومضمون هذا المثل : كما لا انفكاك له ولا محيد عن الأرض كذلك الإنسان لا محيد له عن الموت .

وقوله : ( ونفخ في الصور ذلك يوم الوعيد ) . قد تقدم الكلام على حديث النفخ في الصور والفزع والصعق والبعث ، وذلك يوم القيامة .

وفي الحديث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " كيف أنعم وصاحب القرن قد التقم القرن وحنى جبهته ، وانتظر أن يؤذن له " .

قالوا : يا رسول الله كيف نقول ؟ قال : " قولوا حسبنا الله ونعم الوكيل " . فقال القوم : حسبنا الله ونعم الوكيل .

[ ص: 401 ] ( وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد ) أي : ملك يسوقه إلى المحشر ، وملك يشهد عليه بأعماله . هذا هو الظاهر من الآية الكريمة .

وهو اختيار ابن جرير ، ثم روي من حديث إسماعيل بن أبي خالد عن يحيى بن رافع - مولى لثقيف - قال : سمعت عثمان بن عفان يخطب ،

فقرأ هذه الآية : ( وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد ) ،

فقال : سائق يسوقها إلى الله ، وشاهد يشهد عليها بما عملت . وكذا قال مجاهد ، وقتادة ، وابن زيد .

وقال مطرف ، عن أبي جعفر - مولى أشجع - عن أبي هريرة : السائق : الملك والشهيد : العمل . وكذا قال الضحاك والسدي .

وقال العوفي عن ابن عباس : السائق من الملائكة ، والشهيد : الإنسان نفسه ، يشهد على نفسه .

وبه قال الضحاك بن مزاحم أيضا .

وحكى ابن جرير ثلاثة أقوال في المراد بهذا الخطاب في قوله :
( لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد )

أحدها : أن المراد بذلك الكافر . رواه علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس .

وبه يقول الضحاك بن مزاحم وصالح بن كيسان .

والثاني : أن المراد بذلك كل أحد من بر وفاجر ; لأن الآخرة بالنسبة إلى الدنيا كاليقظة والدنيا كالمنام .

وهذا اختيار ابن جرير ، ونقله عن حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس .

والثالث : أن المخاطب بذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - . وبه يقول زيد بن أسلم ، وابنه . والمعنى على قولهما : لقد كنت في غفلة من هذا الشأن قبل أن يوحى إليك ،

فكشفنا عنك غطاءك بإنزاله إليك ، فبصرك اليوم حديد .

والظاهر من السياق خلاف هذا ، بل الخطاب مع الإنسان من حيث هو ، والمراد بقوله : ( لقد كنت في غفلة من هذا ) يعني : من هذا اليوم ،

( فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد ) أي : قوي ; لأن كل واحد يوم القيامة يكون مستبصرا حتى الكفار في الدنيا يكونون يوم القيامة على الاستقامة ، لكن لا ينفعهم ذلك .

قال الله تعالى : ( أسمع بهم وأبصر يوم يأتوننا ) [ مريم : 38 ] ،

وقال تعالى : ( ولو ترى إذ المجرمون ناكسو رءوسهم عند ربهم ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحا إنا موقنون ) [ السجدة : 12 ] .



نورفلسطين^_^ 2012-09-11 10:30 PM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

سوزان نور 2012-09-12 7:00 AM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

ميسم الروح 2012-09-12 4:33 PM

شكرا لك موضوع قيم
جزاك الله خيرا


الساعة الآن 8:04 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By World 4Arab

Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

جميع الآراء والتعليقات المطروحة تمثل وجهة نظر كاتبها وليس بالضرورة وجهة نظر الموقع وللأتصال بالدكتور فهد بن سعود العصيمي على الايميل التالي : fahd-osimy@hotmail.com