![]() |
يقـلبـــــــــــــــــها كيف يشاء
يقـلبـــــــــــــــــها كيف يشاء على رسلك أيها العابد . . فدموعك لا زالت تبلل موضع السجدات ، ولكن تمهل ، فمن قبلك قد تفطرت قدماه من القيام بين يدي مولاه ، وهو الذي قد غُفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ! ! فهل ضمنت أن الله قد غفر لك ذنباً واحداً ؟ ! تمهل ولا ترميني بسهام الاتهام بتقنيطك من رحمة الله ، ولكنني أخشى عليك فقط من هذا الشبح المتربص في الخفاء ، والذي أخذ يتهيأ كي ما يجثم على صدرك بمجرد فراغك من تلك الركعات ، إنه شبح العجب والخيلاء ، سوف يستقبلك بابتسامته العريضة قائلا : ( هنيئاً لك أيها العابد على هذه الدموع الحارة ، إنك بحقٍ سيد العباد ) !! وما هي إلا لحظاتٍ حتى يلقي عليك ثوباً من الوهم والخيلاء ، سوف تستشعر معه علو مكانتك ، وتزهو معه بصدق عبادتك ، حتى تنتفخ منك الجوانب ، وتشعر ألا أحدٌ على الأرض مثلك ! ! وحينها ترقب يا مسكين نازلة تصيبك في دينك ، لتعرف معها قدرك ، و تخشى على ثواب عملك من الضياع فكن على حذر من العجب والخيلاء على أيةِ حالِ : فإنك إن كنت عابداً ==> أحبط ثواب عبادتك ، وأغلق عليك باب الازدياد . أو إن كنت متصدقاً ==> أذهب أجر صدقتك ، وجعلك ممتنا على الله بما أعطاك من الزاد . وإن كنت متواضعاً ==> غرس في قلبك بذرة الكبر ، وحرمك رفعة رب العباد . وإن كنت عالمــًا ==> ألقى في أمنيتك الغرور ، وجعل فتنتك عبرة للعباد . وإن كنت قويــًا ==> دفعك إلى التعدي ، ومن يتعدَ ، كان له ربه بالمرصاد . وإن كنت ذا سلطةٍ ==> أصابك بجنون العظمة ، فتستوجب عليك نقمة رب العباد وعليك أن تتذكر دائماً أن الأمر كله بيد الله ، وأن توفيق العبد للطاعة ، إنما هو محضُ فضلٍ من الله عليه وأنه فقيرٌ دوماً لفضلِ اللهِ ورحمتِهِ ، وأنه إذا حُرم الطاعة ، فإنما ذاك بعدل الله الذي لا يظلم الناس شيئاً ولكن الناس أنفسهم يظلمون ، من كثرة ما يذنبون ، فتأسف على حالك ، ولا تبرح التذلل عند باب الكريم حتى يتغمدك بواسع فضله العظيم فيبدل حالك إلى خير حال إنه سبحانه جواد كريم وهو حسبنا ونعم الوكيل . ابو مهند القمري |
الساعة الآن 11:14 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
TranZ By World 4Arab