![]() |
خاطرة عجيبة ..!
خاطرة عجيبة ..! قال الراوي : كنت في الركعة الثانية تقريبا ، وجالت في نفسي هذه الخاطرة وشغلتني عن متابعة الصلاة بروحها ، لكن أثر هذه الخاطرة وجدتها في الركعتين الأخيرتين ، فاستدركت به من فاتني من خشوع ..! خُيّل إليّ أن حوارا دار معي على النحو التالي : حدد نقطة ما على مرمى بصرك ، ويلزمك الوصول إليها ولو بعد حين ، وتجد نفسك تتقدم إليها ولو ببطء.. ألا توقن تمام اليقين ، أن كل خطوة تخطوها نحو ذلك الهدف ، فإنك بذلك تكون قد قربت منه ، مع أنه يبدو لك أنه لا زال بعيداً..أليس كذلك ؟ بلى .. ومعنى ذلك أنك كلما أسرعت في الخطوات ، فإنك تكون قد ضيقت المسافة بينك وبين الهدف ، ومع الاستمرار ومواصلة السير فإنك تصل إلى هدفك ولو طال زمن .. المهم الآن أن تتذكر أن كل خطوة مهما صغرت فإنها تقربك نحو الهدف .. جيد هذا واضح ، ثم ماذا ؟ الآن خذ نفساً عميقا واسمع مني ما سأقوله لك : الهدف المقصود المنتصب أمام عينك ، هو … هو القبر ..! وأنت ماضٍ نحوه بلا شك ، وكل يوم يمضي من عمرك ، هو عبارة عن خطوة تخطوها في الطريق ، ومع توالي الخطوات ، أقصد الأيام ، فإنك تعمل بهذا على تقريب المسافة ، ويوشك أن تصل ..! الفرق بين هذا الهدف وذلك الهدف _ في المثال _ أمور : أن هذا الهدف _ القبر _ أقرب إليك مما تتصور ، لعلك تصل إليه ، قبل أن تصل إلى ذلك الهدف في واقع الحياة ، فإن الموت يمكن أن يختطفك في أية لحظة ، فإذا بك قد قطعت المسافة في غمضة عين ! الفرق الثاني : أن هدف المثال لم يترتب عليه شيء يذكر ، سوى أن تصل .. ولنفترض أنك إذا وصلت بسرعة ستحصل على كذا وكذا من متع الحياة ! ولكن الهدف الثاني _ القبر _ ما ينتظرك فيه عجائب ..! فإنك حين تصل إليه ، قد تجد في انتظارك روضة من رياض الجنة، تنسيك كل تعب ، وكل مشقة ، وكل جهد ، وكل عناء أصابك في طريقك للوصول إليه ! وإما أن ينتظرك فيه نار تتأجج ، حيث يمسي القبر حفرة من حفر النار، ومجرد سقوطك في تلك الحفرة ، سينسيك كل متعة تمتعت بها ، مهما علت ومهما توهمت أنك ذقت خلالها أعلى متعة في دنيا الناس ، فإنك ستنسى تلك المتع كلها مع أول ساعة تلفحك فيها النار هناك ..!! ومن ثمَ .. فإن كنتَ عاقلاً ، عليك أن توطن نفسك : أن كل يوم تقطعه في رحلتك نحو الهدف ، وقد ملأته بالطاعة وألوان القرب من الله ، فجدير بك ، أن تفرح فرح سماوي بما أكرمك الله به ( قل بفضل الله ورحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون ) .. بل أحسبك ستشتاق إلى سرعة الوصول إلى الهدف وأنت مغمور في ذلك الفرح السماوي ، لأنك توقن أنه ينتظرك ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ، وإذا تحصلت على ذلك فعلى الدنيا وأهلها ومن فيها العفاء !! وأما إذا رأيت أن يومك الذي أنت فيه ، قد تعكر بالمعصية والذنب والغفلة عن الله ، فجدير بك أن تفزع وتجزع وتبكي على نفسك ، لأنك ربما انتقلت فجأة إلى هدفك _ قبرك _ وقد أعد لك حفرة تملؤها النيران ، تَحطُمُ عظامك ، وتأكل لحمك ، وتمزق أوردتك ، ثم تعود حيا من جديد ، ليبدأ العذاب مرة أخرى وهكذا .. فأي معنى لمتعة ولذة كان عاقبتها هذا البلاء ..!! هذا المعنى إذا استيقظ في حسك ، جعلك تشعر أن تلك النار قد سرت في كيانك منذ الساعة ! ذلك أنك تستشعر أنك قد وافيت قبرك بذنوبك ومعاصيك ! وهكذا فليكن شأنك كل يوم ، فكل يوم إنما هو خطوة تقربك من قبرك ولابد .. فاجهد أن تجعل كل خطوة ، أعني كل يوم ، مملوءاً بألوان من الطاعات ، ثم إذا فعلت ذلك وعزمت عليه وأصررت عليه ، فثق أن يومك نفسك سيغدو روضة من رياض الجنة ، قبل أن تصل إلى تلك الروضة نفسها !! حين وصلت إلى هذه النقطة ، شعرت أن قلبي قد اجتمع بقوة إلى ما أنا فيه من أمر الصلاة ، فتيسر لي لأن أخشغ في بقية الصلاة خشوعا رائعا، وأنا أقول ليكن يومي هذا خطوة في الطريق الصحيح ، طريق مملوء بالطاعة ، والقرب من الله سبحانه ..! أرجو أن أكون قد استطعت أن أوصل الفكرة كما دارت في ذهني ، وفعلت فعلها في قلبي .. والله المستعان ، وهو الهادي إلى سواء السبيل ابو عبد الرحمن |
موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .
|
بارك الله فيك
|
الساعة الآن 8:08 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
TranZ By World 4Arab