-
منتدى القصة
(
https://www.22522.com/vb/forumdisplay.php?f=65)
- -
الطير المعلم
(
https://www.22522.com/vb/showthread.php?t=174275)
يمامة الوادي |
2010-07-25 12:20 PM |
الطير المعلم
الطير المعلم
د. عبدالحميد محمد بدران
تلبَّدتِ السماء فجأةً بالغيم، فأضْحى الزوجُ بلا أليفة، فقد فارقتِ الدنيا فراقًا لا رجعةَ فيه، وحاولتُ أن أُلملم أشلاءَها من تحت عجلات السيَّارات، فلم أجد إلا رِيشًا تشبع بدمائها الساخنة، ومن خلْفها فرخان لم تتَّضح معالِم ريشهما بعدُ، كان على الزوج أن يجِدَّ في توفير الغذاء لفرخيه أكثرَ من ذي قبل، كانتْ عيناي ترقبه - رغم تركيزي في تحصيل دروسي - وهو يرُوح ويغدو، وفرْخَاه ينتظران لحظةَ قدومِه، فيُقابلانه في احتفاء وفَرَح، كنت ألاحِظ أمرًا غريبًا لا أجِدُ له تفسيرًا، فما أن يترك الأبُ أفراخَه حتى يهُبَّ جيرانه من أجل تغذية فرْخيه، كان هذا الأمر يتكرَّر كثيرًا، وكنت أقول في نفسي: لعلَّها شفقة الحمائم، أو كفالة اليتيم من أجْل إحراز الثواب.
وأفقتُ من غفوتي في قيلولة أحدِ أيَّام الصيف على معركة ضارية، كان الأبُ فيها مشتبكًا مع جيرانه الكُرماء، وحاولتُ من خلال عصا طويلة أن أتدخَّل لحفظ السلام بيْن المتشاجرين، فانصَرَف الأب في غيْظ، وحاولتُ تفسير سبب المشاجرة فلم أُفْلِح، حتى قطع هواجسي صوتُ الأفراخ وهي فرِحة بوجبات الجيران الشهيَّة التي كانت تُسدِّد ما عجز الأب عن استيفائه، وكانتِ المعركة حامية الوطيس، رجَع الأب من رِحلة تحصيل الغذاء، فاصطدم بالجيران على قفَصِه ووسط أفراخه، فانْهال عليهم ضربًا، عندها أدركتُ سبب المعركة الأولى، وحِرْص الأب على إحراز الثواب كاملاً، وعدم تهاونه في تنفيذ مهمَّته في غذاء أبنائه على الوجه الأكمل.
لا أستطيعُ إنكار هذا الحادث، فقد كنت أحَدَ شهوده، وكان قفص الأب معلقًا أعْلى باب غرفتي، وكم شاركتُه أفراحَه وأتراحَه، وتعاطفتُ معه، وأشفقت عليه، وكنت مهمومًا بتصرفاته وردود أفعاله.
لا أستطيعُ أن أنسى هيئتَه آخرَ الليل، وهو يقِف على القفص المجاور مُغْمِض العينين، كأنَّما يحاول أن يغفوَ غفوةَ مَن ينتظره عملٌ جديد أشقُّ وأعتى، وطوْقه الأبيض الجميل قد حوَّلتْ بقايا الطعام لونَه إلى لونٍ رمادي لا يَزيده إلا إيحاء بالتَّعَب والإرهاق.
لا أَجِد فرقًا بين جيران الأبِ، وجيران بني الإنسان إلا في جَوْهر عَرْض المساعدة، الذي جاء ممارسةً فِعليَّة من الحمائم، لا تسبقها طقوسُ مظاهرةٍ أو رِياء، بينما يجيء عرْضُ المساعدة من جيران بَني الإنسان طقوسًا رِيائيَّة لا تصمد أمامَ أوَّل اختبار حقيقي لها، وإلا فما أغْنَى جيرانَ الحمائم عن الوقوع في شِجار مع الأب؛ من أجْل المشاركة في غذاء أفراخه؛ ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ﴾ [ق: 37].
|
عباير91 |
2010-07-25 6:45 PM |
يسلموووووووووو
|
يمامة الوادي |
2010-07-27 7:26 AM |
الله يسلمك,,,
|
اشهد الشهادتين |
2010-07-27 1:49 PM |
يعطيك العافية :)
|
يمامة الوادي |
2010-08-02 4:13 PM |
شكرا لمرورك,,,
|
ورده امل |
2010-08-03 12:38 PM |
|
يمامة الوادي |
2010-08-04 12:18 PM |
شكرا لمرورك
|
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
TranZ By World 4Arab
جميع الآراء والتعليقات المطروحة تمثل وجهة نظر كاتبها وليس بالضرورة وجهة نظر الموقع وللأتصال بالدكتور فهد بن سعود العصيمي على الايميل التالي : fahd-osimy@hotmail.com