منتديات موقع بشارة خير

(حبيبتيه )

في زمن مضى كنا في ملتقى يخص الفتيات .

ولا أخفيكم فقد كان الحضور يجمع كل الأطياف والألوان وإذا بي أسير وهي تسير وعلى عجل في ازدحام . حدث تلامس قريب بالإصتدام.

فسقطت تلك الوريقات فما كان منا إلا أن قمنا .مسرعين

بسرد الأسف ولم الوريقات التي سقطت منا

فإذا بها الغالية تقدم الاعتذار. وتقول مبتسمة .

المعذرة فالعتب على النظر اخيتي!

حقيقة حينها . تصاعدت أنفاسي. فأدركت أنها ممن يبصرون بالبصيرة لا بالبصر حينها فقدت القدرة

على التعبير هوينه.. حتى انتهى الموقف بمصافحتي لأناملها الناعمة .

فإذا بمشرفتها بدت من بعيد . وسلمت , وابتسمت, وقالت هذه فلانة من الطالبات المتفوقات في كلية البنات بقسم اللغة العربية !

سبحان من يأخذ ليدخر ويعطي عطاءً وافرا ً

ماذا عساني إلا أن ابدي إعجابي و تعجبي وفرحي بهذه الغالية

حقا..

( إنها لاتعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ))

وعليه دار بيني وبين حبيبتي حوار حائر حزين أيا حبيبة لما تحرمين البعض من نورك فأنتي بوابة الحياة الدنيا؟

قالت ياصغيريتي لا تتألمي فالحياة اكتمال ونقصان فلعل .

وعسى أن يعتبر . المبصرون بمن حرموا البصر ومنحهم المولى البصيرة .

فمنذ الأزل هذا هو حال الدنيا فكم من مبصر لايدرك النعمة وكم من كفيفِ بصير

بقلبه يعي ماحوله فيكون صاحب اثر راقي في العلم والمعرفة.

فقلت مالك تسترسلين وكأنني والمبصرون بأعينهم هم من يستحقون الشفقة

فقالت مسرعة ..

ماهذا الانقص شكلي لايعد حاجزا .

فالعقل, والفكر, والتأمل .

يسير بالبصير بقلبه إلى بر الأمان.

فمن حرم مني في داخله

ارادة, وهمة قوية .

فلم يكن فقدان البصر لديهم عائقا .

ولتدركي أيتها الحائرة إن العزم يبدأ من العقل الواعي لا من رؤية الأشياء بنظرة شكلية

مطلقة

فما عليك إلا أن تتصفحي التاريخ عنهم لتجدي أن منهم العلماء ,والشعراء , والأدباء والمفكرون

فلا يخفى عليك

أن هؤلاء في حقيقتهم . قادرون ومبدعون.

ليسوا عاجزون كما هي النظرة العاجزة .

لمجتمعكم الذي يعاني حقا من إعاقة. الجهل, والكسل ,والتسويف والتواكل ,

برغم أن لكم أعين مبصرة تريكم الدنيا بألوانها وأشكالها المزيفة منها ودونها

فلا تميزون الأصل من التقليد

قلت عجبا ياحبيبيتي لما كل هذا التحامل على من يبصرون

قالت إنها الحقيقة فمن يدعون أنهم أصحاء في الأبدان يعانون الكثير.

بينما المبصرون ببصائرهم لم يلقوا بالا لفقدانهم جزءاً من أجسادهم ففقد شئ لايعني نهاية الحياة

بل كان ومازال هذا الفقد نقطة تحدي وإصرار ونجاح

عجبا أنعاني معشر المبصرون بأعينهم من كل هذا..

لاعجب أيتها الحائرة الحزينة فالنقص الحقيقي يكون في النظرة المحدودة التي تجعلكم محدودي الفكر والعمل .

ندائي إليكم أيها المبصرون دوما تذكروا . أن من حرم من حبيبتيه ضمن الجنة . مصداقا لبشرى النبي الكريم عليه الصلاة والسلام

الجنة ! نعم الجنة.

كيف لا وقد ظل طاهر البصر طاهر العقل طاهر الفكر والقلب

بينما المبصرون .

يتلفتون يمنة ويسرى دون حسيب أو رقيب .

دون شكر أو عرفان لنعمة الإبصار إلا مارحم ربي منهم

( اللهم إنا نعوذ بك من كل نعمة أنعمت

بها علينا فاستعنا بها على معصيتك)

صدقتي والله ياحبيبتي فيا حسرتا على تقصيرنا فيما نرى ومالا نرى . بل وأزيد

كوني حصيفة وضعي في الحسبان

هذا العقد النفيس

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

(من فقد إحدى حبيبتيه ضمنت له الجنة)

أي إحدى عينيه.

هؤلاء . سيكرمهم الله بالنظر إلى وجهه الكريم والجنة ونعيمها بإذنه تعالى .
وقفة تأمل أبعثها إليك
تمهلي وتأملي من منكم يستحق الحيرة والأسف أنتي أيتها الحائرة وأمثالكم معشر المبصرون.
أم من حرموا هذا النور الدنيوي ؟
اقرئي وتأملي العبرة التي تعبر عن قوة العزم والإرادة
فيما قاله الصحابي الجليل عبدا لله بن عباس رضي الله عنه
حين قال مرددا
إن يأخذ الله من عينيّ نورهما........ ففي لساني وسمعي منهما نور
قلبي ذكي وعقلي غير ذي دخل....... وفي فمي صارم كالسيف مأثور
يا أصحاب البصيرة . لأنكم في قلبي,,, ها أنا أبث فخري وحبي إليكم

همسات مكفوف
أسرتي افرحوا بي وتقبلوني لأن جزءا مني قد سبقني إلى الجنة

أسرتي ...... امنحوني الثقة والاستقلالية
أسرتي..... لاتخجلوا من وجودي بينكم فأنا إنسان يستحق الاهتمام والحب
أسرتي...... أنا اكبر وأحلامي تكبر معي فهلا منحتموني فرصة
اعزز فيها ذاتي
مجتمعي

حقا أنا مكفوف فقدت البصر ولكنني أملك البصيرة .

فجل مطلبي يتمثل في أن تمنحوني الدمج والتعايش معكم كسائر أقراني من المبصرين

حقا

( إنها لاتعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ))

بقلم سعاد باشماخ