منتديات موقع بشارة خير

الخيال

إخواني وأخواتي الشباب..
السلام عليكم و رحمة الله وبركاته.. وبعد:

كنت أقرأ بعض التقارير النفسية والصحية العالمية، فلفت نظري موضوع كثيراً ما يربط
بطريقة أو بأخرى، بشكل مباشر أو غير مباشر مع المرض الذي أقرأ عنه نفسياً كان أو عضوياً.

وأنا بالعموم لست متفتح الذهن منصاغ الخاطر لكل ما يُلقى من نظريات، لكني في
الحقيقة وقفت عند هذه الدراسات المتعددة التي تربط عدداً كبيراً من الأمراض بالخيال!!

والخيال هو وقود الخواطر واللواحظ والأحقاد!

الخيال شرارة خفية لتوليد كل شحنات الإنسان الداخلية، وانبعاثاته المتعددة التي
تحمل شظايا ورزايا!

والخيال في المقابل عين خصبة ترسل رسائل الأشواق، وتحرك لواعج النفس،
وتربط الذات بالمصير.

ففي عالم اليقظة (خيال) يجعل الحليم حيران، والواعي وسنان، والمستور عريان!

وفي عالم المنام (خيال) يقلب القلب والعقل والجسم،
بل ويطير بهم إلى أفق واسع لا حدود له!

يصف أحد الشعراء خياله في المنام قائلاً:

فحيَّت، فحيَّاها، فهبَّت، فحلَّقت ............ مع النجم، رؤيا في المنام كذوبُ

فالبطل في هذا البيت من الشعر عاشق محب، استبدَّ به الغرام، فملك عليه أحاسيسه
وعقله، وأصبح دائم التفكير، فلما نام توالت مشاعره واستمرت، ووجَّهت أحلامه!،
فكأنه رأى حبيبته تأتيه، وتلقي عليه التحية، فيجيبها بتحية، فترفرف بجناحين لها كأنها
حمامة، فيحلق هو بجناحين ما كان يدري أنه يملكهما، فحلقت في طيرانها صُعدا حتى
علت إلى مستوى النجوم، فيحلق معها ويطير بموازاتها، ويلبثان ساعة ذات بهجة مع
تيارات الرياح السامية في جذل وفرح، ثم يصحو ليكتشف أنه في منام، لكن هذا الخيال
الكاذب إنما هو شيء ثمين مبهج، والذي قاده إليه هو وجود خيال في الحقيقة، فهو فائز!!

ولا غرو أن نجد من القوانين التربوية عند الجيل الإيماني العظيم، قانون مسروق الأجدع
وهو يقول: "من راقب الله في خطرات قلبه عصمه الله في حركات جوارحه".

ومنذ فترة طويلة كنت أقول لمن يستشيرني، والله إنك لتمد يدك لمرء فتحس بالإيمان
يسري في قلبك، ولربما وثقت به بكليتك لو وهبته نفسك، وهناك من لا تأمنه على
ملمس فضلاً عن مجلس، وما ذلك إلا لخيالات النفس وأوهامها!
على العمري