![]() |
أعطني قلبك ..!
المشاركة الوجدانية هي وقود العﻼقات اﻹنسانية، وقود للعﻼقة بين الوالدين واﻷوﻻد، بين الزوجين والصديقين والشريكين. إنها تفاعل انفعالي بين اثنين يبدأ بالشعور ثم اﻻهتمام ثم المبادرة عن طريق النظرة والكلمة والفعل، فيحس اﻵخر بأثر ذلك عليه. إذا لم يوجد التفاعل الوجداني ذبلت ا ﻷغصان، وماتت الشجرة، وأجدبت الحياة، السماء تمطر غيثها، واﻷرض تفجر أنهارها، والشمس ترسل أشعتها، والقمر ينشر أنواره، والنجوم تزين السماء، والزهر يبعث الروائح الزكية، وا ﻹنسان المكرم الهمام المريد ذو القلب النابض، يبعث الرحمات والمشاعر الجميلة لتحيي القلوب وتواسيها وتسعدها. قربك وبعدك من قلوب الناس له ارتباط وثيق بمقاسمة مشاعر النفس حلِاً وترحا ﻻً، فتفرحون سوياً، وتحزنون سوياً، ذلك قمة التمازج النفسي؛ أن يقاسمك مخلوق خلجات مواجيدك، فيحملها عنك حزناً، ويحملها لك فرحاً، المشاركة الوجدانية تحسسك بنفسك وبمن حولك، فتنبض بالحياة، تخفف المعاناة، وتقلل التباغض والتباعد، وتعين على نوائب الدهر، وتلغي ا ﻷثرة، وتقلل البخل والشح، وتوسع التعاون والتراحم، وتقوي لحمة ا ﻷسرة والمجتمع، ولذا تقل فيه الطبقية، وتظهر صور العطاء واﻹهداء مع عدم المن واﻻشهار. "رحماء بينهم" و"أذلة على المؤمنين" هو التواضع وخفض الجناح، وذلك يستلزم اﻹحساس بهم، وقد وصف الله نبيه عليه السﻼم بأنه رؤوف رحيم، وأنه رحمة للعالمين، وذكر أن قوام عﻼقة الزوجين تقوم بالمودة والرحمة، إنها خصال ومشاعر ﻻ غنى عنها لقيام الحياة الهانئة. هذه المشاعر الجارية، تمرّ عبر مراحل ثﻼث، أوّلها: اﻹحساس والشعور، وثانيها: اﻻهتمام والحب "ﻻ يؤمن أحدكم حتى يحب ﻷخيه ما يحب لنفسه"، وثالثها: المبادرة والتفاعل العملي: "من استطاع أن ينفع أخاه فليفعل"، وهذا يمتدّ حتى للمشاركة الوجدانية، فرحاً أو ترحاً، بكلمة أو هدية أو حضور أو مهاتفة، حتى في الطعام! "إذا طبخت مرقة فأكثر ماءها وأطعم جيرانك". حقيقة، ليس البخيل من بخل بالمال، بل من معاني البخل النفسي والفقر العاطفي عدم المشاركة الوجدانية!. يمر فرح لقريب أو جار أو مسلم، فﻼ تبارك أو تحضر أو تدعو، وتمر مصيبة فﻼ تزور أو تخفف، ولعل هذا من قسوة القلب وضعف الرحمة والشح المذموم، ولنﻼحظ كيف وصف الله ا ﻷنصار بالرحمة والعطاء والحب وعدم الشح: "والذين تبوأوا الدار واﻹيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم وﻻ يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على انفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون". وتذهب المشاركة الوجدانية إلى أبعد من ذلك إلى الصغار واﻷطفال، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن اﻷقرع بن حابس -رضي الله عنه- أبصر النبي -صلى الله عليه وسلم- يقبّل الحسن، فقال: "إن لي عشرة من الولد ما قبّلت واحداً منهم"، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إنه من ﻻ يَرحم، ﻻ يُرحم) متفق عليه. بل إنّ الشعور وا ﻻحساس وا ﻻهتمام يتجاوز الناس الى الحيوانات والطيور، فعن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: كنَّا معَ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلّم- في سَفَرٍ، فانطلَقَ لحاجتِه، فرأينا حمرة معَها فرْخانِ، فأخذْنا فرخَيها، فجاءَتِ الحُمَّرةُ وهي فجعة، فجاءَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- فقالَ: "مَنْ فجَّعَ هذِه بوَلدِها؟ رُدُّوا ولدَها إِليها"، ورأى قريةَ نمْلٍ قد حُرَّقت، قال: "مَنْ حرَّقَ هذِه؟ إِنَّه ﻻ ينبغي أنْ يُعذِّبَ بالنَّارِ إِﻻَّ ربُّ النَّارِ" أخرجه أبو داود، ودخل النبي -صلى الله عليه وسلم- حائطاً لرجل من اﻷنصار، فإذا جمل فلما رأى النبيّ حن إليه وذرفت عيناه، فأتاه النبيّ فمسحه فسكن فقال: " لِمَنْ هذا الْجَمَلِ؟" فجاء فتى من اﻷنصار، فقال: هو لي يا رسول الله، فقال: " أَﻻ تَتقي الله في هذه البَهيمَةِ الّتي مَلَّكَكَ الله إِيّاها، فَإِنَّهُ شَكا لي أَنَّكَ تُجيعُهُ وَتُتعبه" أخرجه أبو داود. تمتد المشاركة الوجدانية من النظرات، والحركات وا ﻷعمال، ويتجاوز ذلك، حتى يشارك الوجدان مواجيد ا ﻵخرين بالعبرات، عَنْ أَنَسٍ-رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِعُمَرَ: " انْطَلِقْ بِنَا إِلَى أُمِّ أَيْمَنَ، نَزُورُهَا كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَزُورُهَا، فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَيْهَا بَكَتْ، فَقَالَا لَهَا: مَا يُبْكِيكِ؟ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِرَسُولِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَتْ: مَا أَبْكِي أَنْ لَا أَكُونَ أَعْلَمُ أَنَّ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَكِنْ أَبْكِي أَنَّ الْوَحْيَ قَدِ انْقَطَعَ مِنَ السَّمَاءِ، فَهَيَّجَتْهُمَا عَلَى الْبُكَاءِ فَجَعَلَا يَبْكِيَانِ مَعَهَا". إنّها دعوة لنا جميعاً، لنتبادل القلوب، ونتشارك المشاعر، ونتقاسم المواجيد . د. عبدالعزيز الأحمد |
جزاك الله خيرا
اختيار موفق لموضوع قمه في الاخلاقيات التي نحتاجها اليوم تقديري |
جزاك الله خيرا
|
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .
بارك الله فيك درر بين السطور وإثراء جميل |
جزاك الله خير
|
يقول أحد الأدباء البريطانيين: "عندما تحركك عاطفة أصيلة فلتقل ما تود قوله، ولتقله بحماس" ورسولنا صلى الله عليه وسلم علمنا قبل كل الأدباء، أن نقول لمن نحب: " أحبك في الله". وما هذا إلا لأثر هذه العاطفة على كلا الطرفين، بل على المجتمع ككل. شكرا لك البارقة وبارك الله فيك. |
|
لاتتوانى ولاتترد في التعبير عن شعورك السامي الأخوي لكل منهم حولك فأنت بذلك تُدخل ( السعادة ) على نفسك قبل أن تُدخلها عليهم .. إنتقاء جميل أختي الفاضلة / البارقة.. |
اللهم أمين
بارك الله فيكم شكرا لكم على مروركم وتعليقكم الزاكي ... |
جزاك الله خيراً
|
الله يرضئ عليك يارب
|
موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .
|
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
|
الله يعطيك العافيه
|
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
|
شكرا لك على الموضوع الرائع........
|
الساعة الآن 8:22 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
TranZ By World 4Arab